ينتج البراز الأسود غالبًا عن تناول بعض الأدوية أو المكملات الغذائية أو الأطعمة داكنة اللون مثل البنجر أو عرق السوس، ومع إنه لا يمثل مشكلةً خطيرة دائمًا، فقد يكون أحيانًا مؤشرًا على مشكلة صحية كامنة مثل أمراض الكبد.
ومن الحالات التي تستلزم استشارة الطبيب:
- إصابات سابقة بنزيف في الجهاز الهضمي.
- وجود رائحة كريهة ومميزة في البراز.
- ألم البطن أو أي أعراض غير اعتيادية أخرى.
- استمرار البراز الأسود مدةً تزيد عن عدة أيام.
يناقش هذا المقال أسباب البراز الأسود القطراني وبعض الحالات الطبية المرتبطة به، إلى جانب بعض العلاجات الشائعة لهذه المشكلات.
الأطعمة الداكنة
من البديهي أن يتحول البراز إلى اللون الأسود عند تناول كمية كبيرة من الأطعمة الداكنة أو السوداء، ومن ضمنها: عرق السوس، والتوت البري، ونقانق الدم، والبنجر، والبيرة الداكنة، وملونات الطعام الحمراء، والشوكولاتة الداكنة.
يعود البراز الأسود الناجم عن تناول هذه الأطعمة إلى لونه الطبيعي بعد بضع عمليات تبرز، لكن يُنصح باستشارة الطبيب إذا ظل اللون على ما هو عليه.
الأدوية والمكملات الغذائية
قد ينتج البراز الأسود أيضًا عن تناول بعض المكملات الغذائية أو الأدوية أو المعادن، وفي هذه الحالة ينبغي استشارة الطبيب للتأكد من أنه أحد التأثيرات الجانبية الاعتيادية للدواء فعلًا.
مكملات الحديد
يصف الأطباء مكملات الحديد عادةً لمعالجة نقص الحديد أو فقر الدم، ويُعد البراز الأسود أشهر تأثيراتها الجانبية، بيد أنه تأثير طبيعي ولا يعني وجود دم في البراز.
تحدث هذه الظاهرة عند اختلاط ميكروبيوم الأمعاء مع الحديد الذي لم تمتصه القناة الهضمية، ما يجعل البراز يتحول إلى اللون الداكن، ومع إن البراز الداكن يُعد حالة شائعة مع مكملات الحديد، فالبراز الأسود القطراني ليس كذلك، لذا ينبغي استشارة الطبيب فور ملاحظة خطوط حمراء في البراز أو تحوله إلى قوام يشبه رواسب القهوة.
البزموت
يعد المركب تحت ساليسيلات البزموت العنصر النشط الرئيسي في الدواء ببتو بزمول، وهو يتحول إلى مركب أسود اللون يسمى كبريتيد البزموت بعد اختلاطه مع عنصر الكبريت في القناة الهضمية، لذا يتحول البراز بدوره إلى اللون الأسود.
ومع إنها حالة شائعة مع البزموت بذاته، فإن أرجحية حدوث هذا التفاعل تزيد عند تناول أطعمة غنية بالكبريت، مثل البروكلي والكرنب المجعد والبصل والثوم، أو شرب ماء يحتوي على تركيز مرتفع من الكبريت.
التغوط الأسود
قد يتحول البراز إلى اللون الأسود القطراني مع قوام يشبه رواسب القهوة نتيجة نزيف من أعلى القناة الهضمية، أي من المعدة أو المريء، وتسمى هذه الحالة التغوط الأسود.
يتحول لون الدم إلى الأسود في هذه الحالة بسبب تعرضه إلى أنزيمات الهضم، لذا قد يصعب تمييزه عن لون البراز أحيانًا. في حين يؤدي النزيف في أسفل القناة الهضمية مثل المستقيم أو القولون إلى خروج دم فاتح اللون مع البراز، وتسمى هذه الحالة التغوط الدموي، ويظل الدم على لونه الاعتيادي نظرًا إلى قلة تعرضه إلى الأنزيمات الهضمية.
تجب استشارة الطبيب فورًا عند رؤية دم في البراز، لأنه قد يكون مؤشرًا على مشكلة طبية خطيرة.
تزداد عرضة بعض الأشخاص إلى نزيف الجهاز الهضمي، سيما عند وجود عوامل خطر يستوجب الاستشارة الطبية، مثل التقيؤ المزمن، وإدمان الكحول، واستخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية مثل الأسبرين، واستخدام مضادات التجلط، وإجراء عمليات جراحية في القناة الهضمية، والقرحة.
تصيب القرحة بطانة المعدة وقد تسبب النزيف والبراز الأسود القطراني، وهي لا تنجم غالبًا عن التوتر أو الأطعمة الحارة بخلاف الاعتقاد السائد، بيد أنها قد تتفاقم بهذه العوامل، إذ تنتج قرحة المعدة في معظم الحالات عن العدوى بالبكتيريا الملوية البوابية، أو استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية مدةً طويلة.
تؤدي مضادات الالتهاب اللاستيرويدية إلى إضعاف قدرة بطانة المعدة على مقاومة حمض المعدة، ما يسبب تهيجها، ولهذا السبب قد تفاقم مضادات الالتهاب اللاستيرويدية أيضًا داء كرون والتهاب القولون التقرحي.
يمكن علاج قرحة المعدة الناجمة عن العدوى بالمضادات الحيوية ومضادات الحموضة، في حين تُشفى القرحة الناجمة عن مضادات الالتهاب اللاستيرويدية عادةً بعد التوقف عن استخدام هذه الأدوية.
التهاب المعدة
ينجم التهاب المعدة عادةً عن الإفراط في شرب الكحول أو تناول الأطعمة الحارة أو التدخين أو عدوى بكتيرية أو استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية مدةً طويلة، لكنه قد يرتبط أيضًا مع حالة طبية أخرى موجودة بالفعل، أو يحدث بعد عملية جراحية أو إصابة.
قد يؤدي التهاب المعدة غير المعالج إلى قرحة المعدة وعواقب أخرى، لكن لا تظهر على بعض المصابين به أي أعراض. في حين لا يسبب التهاب المعدة الحاد والمفاجئ سوى البراز الأسود القطراني.
قد يؤدي النزيف المستمر في هذه الحالة إلى أعراض أخرى أكثر حدة، مثل ألم البطن والدوار والغثيان والتقيؤ وعسر الهضم.
يصف الطبيب للمريض المصاب بالتهاب المعدة عادةً مضاد حموضة، ومضادًا حيويًا لعدوى البكتيريا الملوية البوابية، وسوكرالفات لتخفيف تهيج نسيج المعدة، وفي حال فشل هذا العلاج، قد يجري الطبيب تنظيرًا علويًا لفحص المعدة والأمعاء الدقيقة.
دوالي المريء
دوالي المريء هي أوردة موسعة في جدار الجزء السفلي من المريء أو أعلى المعدة. يؤدي انفجار هذه الأوردة إلى النزيف وخروج الدم في البراز أو القيء.
تعد دوالي المريء مشكلةً خطيرة وهي تنتج عن ارتفاع ضغط الدم الناجم بدوره عن تليف الكبد، ولا يعاني معظم الأشخاص المصابين أي أعراض إلى حين انفجارها.
تتضمن أعراض انفجار دوالي المريء: البراز الأسود القطراني، والقيء الدموي، والدوار، والإغماء. ينبغي طلب المساعدة الفورية عند انفجار دوالي المريء لإيقاف النزيف بسرعة وإنقاذ المصاب من الموت المفاجئ.
قد يربط الطبيب الأوردة الموسعة بأربطة مطاطية لإيقاف تدفق الدم، وقد يستخدم أيضًا دعامات أو أنابيب لتخفيض ضغط الدم، ما يساعد بدوره على تخفيف النزيف.
متلازمة مالوري فايس
تتضمن متلازمة مالوري فايس تمزقًا في الأغشية المخاطية التي تجمع بين المريء والمعدة، وقد يؤدي نزيف هذا التمزق إلى التغوط الأسود، لكن هذه الحالة نادرة نسبيًا، وقد تنجم عن التقيؤ العنيف أو السعال الشديد أو تشنجات الصرع القوية، ويبلغ معدل النجاة منها قرابة 95%.
قد لا يسبب تمزق مالوري فايس أعراضًا واضحة سوى البراز الأسود القطراني، ويُشفى التمزق تلقائيًا لدى معظم المصابين، لكنه يتطلب علاجًا طبيًا في حال عدم شفائه، إما بحقن دوائية داخلية أو عملية التخثير الكهربائي.
تتضمن أعراض تمزق مالوري فايس الأخرى: تقيؤ دم قطراني، والدوار، وضيق التنفس، والإسهال، وآلام البطن والصدر.
أمراض الكبد
تتأثر الأوردة التي تحمل الدم إلى الكبد بأمراض الكبد، ما يسبب ارتفاع ضغطها وانفجارها في نهاية المطاف، ويؤدي ذلك بدوره إلى القيء الدموي أو البراز الأسود القطراني.
يُعد النزيف من الجهاز الهضمي إلى جانب النزيف من الأنف واللثة علامةً على تفاقم أمراض الكبد إلى المرحلة النهائية، وقد يكون النزيف في هذه الحالة مميتًا، لذا يجب طلب المساعدة من طبيب الطوارئ فورًا عند حدوثه.
تتضمن العلامات الأخرى على فشل الكبد: اليرقان، والارتباك أو اضطرابات عقلية أخرى، وانتفاخ البطن أو الذراعين أو الساقين، والضعف الشديد، والنزيف بسهولة.
يعتمد العلاج في هذه الحالة على معالجة العواقب التي تنشأ بعد فشل الكبد وعملية زراعة الكبد في أقرب وقت ممكن.
متى تجب استشارة الطبيب؟
يدل البراز الأسود القطراني على وجود دم في البراز، وهو يعد حالةً طبية طارئة، لذا يُستحسن استشارة الطبيب عند الشك في مظهر البراز بدلًا من انتظار عودته إلى مظهره الطبيعي.
تتضمن الأعراض الأخرى التي تستلزم أيضًا طلب المساعدة الفورية: فقدان الوعي أو الشعور بالضعف الشديد، وضيق التنفس، وألم البطن، والقيء الدموي، وفقدان الوزن غير المخطط.
وسائل التشخيص
تحول لون البراز إلى الأسود ليس كافيًا للجزم بوجود دم في البراز، فهو قد ينجم عن أسباب أخرى مثل مكملات الحديد، لذا يبدأ الطبيب بإجراء بعض الفحوصات لتأكيد وجود الدم، إذ قد يطلب من المصاب أخذ عينة براز في المنزل باستخدام أدوات بسيطة، ثم تُرسل العينة إلى مختبر التحليل.
عند تأكيد تشخيص وجود الدم في البراز، قد يطلب الطبيب فحوصات تشخيصية أخرى لتحديد السبب أو مصدر النزيف بدقة، مثل التنظير الهضمي العلوي، الذي يتضمن إدخال أنبوب مرن مرفق بكاميرا عبر البلعوم لفحص بطانة المريء والمعدة والجزء العلوي من الأمعاء.
اقرأ أيضًا:
شكل البراز ولونه ورائحته: ما هو صحي؟ وما هو غير صحي؟
ما أسباب البراز الأخضر ؟ وما علاجه؟
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: جعفر الجزيري
مراجعة: محمد حسان عجك