يُعرف الاقتصاد المستقل أيضًا باقتصاد العمل الحر Gig، وهو سوق عمل مؤلف من عدد متزايد من العقود قصيرة الأجل. تستعين الشركات بعاملين مستقلين ليأخذوا على عاتقهم أعمالًا معينة مقابل أجر متفق عليه، بدلًا من منحهم وظائف دائمة.
يُطلق على من يقوم بهذه الأعمال اسم «الموظفين المستقلين»، ويمكنهم إيجاد أعمال من طريق الإعلانات المبوبة ووكالات التوظيف المؤقتة أو وسائل أخرى.
مفهوم الاقتصاد المستقل:
لا يُعد العمل الحر ظاهرة جديدة، فقد وُجد المتعاقدون المستقلون منذ عقود، وقد ارتفعت أرقامهم في السنوات الأخيرة في مجالات متنوعة، مثل التصميم التجاري، وإدارة الفنادق (مثل Airbnb، وهو سوق عبر الإنترنت لاستئجار أماكن إقامة خاصة وحجزها)، وقيادة سيارات الأجرة من طريق تطبيقات استخدام السيارات، مثل شركة Lyft وشركة UBER للتكنولوجيا.
قد يُعزى التحول إلى التوظيف للحساب الخاص إلى عوامل عدة، متضمنةً المناخ الاقتصادي الغامض، والطلب على ساعات عمل أكثر مرونة، وخفض التكاليف على الشركات. وقد سهلت العمليات الرقمية والإنترنت على الناس العمل عن بعد.
كيف يعمل الاقتصاد المستقل؟
يستطيع الموظفون المستقلون العمل لعدد ساعات بناءً على رغبتهم، إذ يعمل بعضهم بدوام كامل معادلين عددًا مختلفًا من الوظائف لعدد متنوع من العملاء أو الشركات.
ويعمل آخرون بدوام جزئي، ما يمكنهم من كسب بعض الإيرادات الإضافية، إضافة إلى عملهم الأساسي الدائم.
يتفق الموظفون المستقلون عمومًا على أتعاب مقدمة مسبقًا مع العملاء، وفي العديد من الحالات، يرسلون لهم إيصال دفع عندما يُنجز العمل لتسديد أجرهم.
يُعد الموظفون المستقلون متعاقدين مستقلين، على النقيض من الموظفين الدائمين، فيحملون على عاتقهم مسؤولية دفع ضرائبهم والتأمين الصحي واشتراكات المعاشات التقاعدية، وكذلك فإنهم غير مؤهلين للحصول على تعويضات الإجازات السنوية والإجازات المرضية.
محاسن الاقتصاد المستقل:
أتاح الاقتصاد المستقل للعديد من الأفراد الفرصة للسعي وراء سبل العيش، إذ لم يكن من السهل كسبها فيما مضى. مثلًا، كان يجب على سائق سيارة الأجرة في العديد من المدن سابقًا أن يشتري أو يستأجر ميدالية باهظة الثمن (ترخيص محدود لتشغيل سيارة أجرة)، بينما يحتاج السائقون اليوم إلى سيارة وهاتف ذكي فقط.
يوفر عمل الموظف المستقل ساعات مرنة وفرصة العمل من المنزل، ومن المنافع الأخرى للعمل المستقل إمكانية اقتطاع مصاريف العمل من الأرباح، ومن ثم تخفيض مقدار الضريبة المدفوعة على الدخل.
انتقادات الاقتصاد المستقل:
أُلقِي اللوم على الاقتصاد المستقل لاستضافته العديد من المشكلات المجتمعية؛ لا يتلقى الموظفون المستقلون في الولايات المتحدة تأمين الرعاية الصحية للشركة، فهم مجبرون على شراء بوليصة تأمين فردية باهظة، ولا يحصلون على تعويضات الإجازات السنوية أو الإجازات المرضية، وهذا يعني أن أي مرض يحول دون القدرة على العمل سيؤدي إلى ضغوط مالية شديدة.
يدفع الموظفون المستقلون أيضًا ضرائب عالية للعمل الحر، ولا يحصلون على مزايا مماثلة لمدخرات التقاعد. بالنتيجة، العديد من المخططين الماليين قلقون حيال الموظفين المستقلين، من كونهم لن يحصلوا على مدخرات التقاعد للمحافظة على مستوى معيشتهم الحالي في سن الشيخوخة.
بعيدًا عن الآثار المالية الشخصية للموظفين المستقلين، فقد ساهم الاقتصاد الحر بمجموعة من القضايا الأكبر، فمثلًا، قاد موقع Airbnb العديد من مالكي العقارات إلى ترك أماكنهم للزوار الذين يقضون فترة قصيرة، فقد تحولوا في حقيقة الأمر من مالكين إلى موظفي فنادق مستقلين، ما أدى إلى نقص المساكن، وإلى ارتفاع الشكاوى المزعجة من الجيران، والمخاوف من حدوث نشاط إجرامي.
إضافة إلى ذلك، أصبح الاستخدام الواسع والشعبي لخدمة «مشاركة الركوب» أقل حماسًا، بسبب تقارير عن قيام سائقين غير خاضعين للرقابة والإشراف بالاعتداء على الركاب.
إذا كان يُنظر إلى بعض الصناعات في وقت سابق على أنها مفرطة في التنظيم، فإن القلق في الاقتصاد المستقل يعود إلى الافتقار للمراقبة، ويستمر المجتمع في كفاحه لتحقيق التوازن الصحيح بين تلك العوامل.
أثَّر الاقتصاد المستقل على الأجور في أمريكا، بعد أن كانت راكدة لسنين، وعلى سوق العمل بدوام كامل، إذ يبدل أصحاب العمل وظائفهم إما إلى موظفين مستقلين محليين أو موظفين في خارج البلاد.
اعتبارات خاصة:
تكسب الشركات عمومًا من توظيف متعاقدين مستقلين. فهي تدفع لهم عن الأعمال التي يقومون بها، ولكنها غير ملزمة بدفع أي من المزايا المكلفة التي تلازم بتأمينها للموظفين الدائمين.
تفرض الحكومة الفيدرالية والعديد من الولايات عقوبات شديدة على الشركات التي تعيد تصنيف الموظفين بدوام كامل على أنهم موظفون مستقلون «مستشارون».
عمومًا، يجب على الموظفين المستقلين الشرعيين العمل من مكان خارج الموقع، وأن يكون لديهم عملاء متنوعون وأن لا يكونوا موظفين حديثين للشركة.
اقرأ أيضًا:
ما المقصود بـ الرعاة المستقلين؟
ترجمة: يوسف حمد
تدقيق: عبد الرحمن داده
مراجعة: حسين جرود