الإدمان على الأدوية الطبية
يُعتبر الإدمان على الأدوية الموصوفة طبيًا كارثةَ صحية، والذي يمكن أن يضاهي خطر الإدمان على المخدرات غير المشروعة مثل الهيروين. وهذا بحسب مجموعة من الأطباء والسياسيين في المملكة المتحدة، الذين دعوا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمساعدة الناس الذين يدمنون على مسكنات الألم، ومضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق مثل الفاليوم Valium وقال هاري شابيرو Harry Shapiro رئيس المؤسسة الخيرية للإدمان DrugWise في اجتماع المجموعة البرلمانية لاعتماد الأدوية الموصوفة في المملكة المتحدة: ” نحن في خضم كارثة صحية عامة، والتي تتسبب في مقتل مئات الأشخاص كل عام وتدمر حياة الملايين.”
وقال الأطباء في الاجتماع أن مراكز إعادة التأهيل تركز على مساعدة الناس على التوقف عن تعاطي المخدرات غير المشروعة أو الكحول، في حين لا يملك المدمنون على الأدوية الموصوفة أي مكان يلجؤون إليه.
ولاحظ الخبراء ارتفاع عدد الوصفات الطبية الأفيونية القوية في السنوات الأخيرة، والتي توصف بعد حدوث إصابة معينة أو عملية جراحية. ويعود هذا الارتفاع إلى تحذير الأطباء بشكل متزايد من عدم ترك المرضى يعانون من الألم. وتشير دراسة حديثة أن الوصفات الطبية للمرضى، دون مرضى السرطان، ارتفعت حوالي سبعة أضعاف بين عامي 2000 و2010.
وتعتبر المواد الأفيونية أفضل المسكنات لمرضى السرطان أو في حالات الآلام الحادة على المدى القصير، إلا أنها تصبح غير فعالة على المدى الطويل ويمكن أن تزيد من حساسية الأعصاب الناقلة للألم، وهذا يعني زيادة في حساسية الشعور بالألم مع مرور الوقت، كما تؤدي إلى اضطرابات في النوم، ويجعل الاستخدام المطول لهذه الأدوية الأشخاص معرضين لخطر حدوث التهابات وتعاطي جرعات زائدة عرضية. وإذا حاول الشخص أن يقلل من تعاطيها فسيعاني مما يشبه أعراض التوقف عن الإدمان، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للقلق والتي تسمى البنزوديازيبينات benzodiazepines، مثل الفاليوم، فهي يمكن أن تؤدي أيضا إلى الإدمان وأعراض الانسحاب وتشمل نوبات الذعر والأرق، بحيث من المفترض أن تستخدم لمدة لا تتجاوز أربعة أسابيع في كل مرة، لمساعدة الناس على التعامل مع أزمة معينة. لكن جرت إحصاءات حديثة في المؤسسة الخيرية للإدمان على المخدرات The Bridge Project وأشارت أنه يوجد حوالي ربع مليون شخص في المملكة المتحدة يتعاطى البنزوديازيبينات على المدى الطويل. وكان معظم الذين شملهم الاستطلاع من قبل المؤسسة الخيرية يأخذون هذه الأدوية منذ سنوات عديدة.
من المفترض ألا تسبب مضادات الاكتئاب الإدمان عليها، لكن يقول النقاد أنه يمكنها أيضًا أن تؤدي إلى أعراض الانسحاب وكثير من الناس يعتادون عليها ويستمرون بأخذها لعدة سنوات.
وبالتالي فقد دعت الجمعية الطبية البريطانية لخط المساعدة التخصصية NHS المدمنين على الأدوية أن يحصلوا على المشورة. ويقول فاروق علام Farrukh Alam، اختصاصي الإدمان في مركز الصحة العقلية وسط وشمال غرب لندن: “نلاحظ أن المرضى الذين يعانون من الإدمان على المواد الأفيونية لا يحبون الاختلاط مع متعاطي المخدرات الأخرى، ويميلون عادًة إلى الانقطاع عن العلاج”. ودعا الأطباء إلى أن هناك اتجاه نحو وباء إدمان الأدوية الأفيونية بحيث أن الكثير من المرضى ستخدمونها بهدف الانتشاء فقط بعيدا عن الأسباب الطبية.
إعداد: ديانا نعوس
تدقيق بدر الفراك
المصدر