يعد العصب الوجهي العصب السابع من الأعصاب القحفية الاثني عشر، إذ ينظم هو وفروعه عددًا من الوظائف في الفم والوجه مثل التحكم بالعضلات التي تغلق وتفتح الجفون والعضلات التعبيرية المسؤولة عن حركات الوجه، كذلك يساهم العصب في إنتاج الدموع واللعاب وإدراك المذاق، إضافة إلى دوره في التعصيب الحسي للوجه.
يعد شلل بيل أشيع مشكلة طبية متعلقة بالعصب القحفي السابع، الذي يُحدث تدهورًا في وظيفته مسببًا ضعفًا في جانب واحد من الوجه، وعلى الرغم من ذلك فإن شلل بيل حالة مؤقتة عادةً ولا يعد تهديدًا للصحة، ويتظاهر بأعراض مشابهة للكثير من المشكلات الطبية الخطيرة مثل السكتة الدماغية والتصلب المتعدد، لذا يجب طلب العناية الطبية العاجلة عند تطور الضعف في الوجه.
التشريح
يملك العصب الوجهي تشريحًا معقدًا، ويعد أحد أطول الأعصاب القحفية ممتدًا من جذع الدماغ إلى نهاية فروعه المتوضعة في أنحاء الوجه. تسهم البنى المتعددة للعصب الوجهي مثل النوى العصبية والقطع والفروع في تكوين وظيفته.
يملك العصب الوجهي:
- ستة أقسام كبيرة (قطع) على طول المسار من جذع الدماغ إلى فروعه النهائية في الوجه.
- انقسامات وتحت انقسامات تسمى فروع عصبية موزعة في الوجه وترتبط بقطع العصب الأصلي.
- ثلاث نوى تعد مناطق في جذع الدماغ، تنقل السيالات العصبية بين العصب الوجهي والمناطق الحسية والحركية والمناطق الأخرى في الدماغ.
- أربعة مكونات أو فئات وظيفية.
البنية
تعد نوى العصب الوجهي المتوضعة في جذع الدماغ جزءًا من الجهاز العصبي المركزي بينما العصب الوجهي نفسه عصب محيطي، وهذه النوى هي: النواة العصبية المحركة، والنواة اللعابية العلوية، ونواة السبيل المفرد، وعند خروج العصب من جذع الدماغ ينقسم إلى فروع أصغر تعصب العضلات والغدد في الوجه.
تعصب الفروع العصبية المحركة مجموعات مختلفة من العضلات، فبعض العضلات تعصب من أكثر من فرع، وبعض الفروع تعصب أكثر من عضلة واحدة.
يتفرع العصب الوجهي إلى ستة أعصاب وهي:
- العصب الصدغي الذي يتحكم بالعضلة الجبهية (frontalis muscle)
- العصب الوجني يتحكم بالعضلة الدويرية العينية (orbiculus oculi muscle)
- العصب الشدقي يتحكم بالعضلة المبوقة (buccinator muscle) وعضلة الفم الدويرية (orbiculus oris muscle)
- العصب الفكي السفلي يتحكم بالعضلات الذقنية (mentalis muscles)
- العصب الرقبي يتحكم بالعضلة المبطّحة-الجلدية للعنق (platysma)
- العصب الأذني الخلفي يتحكم بالعضلة القذالية (occipitalis muscle)
الموقع
يظهر العصب الوجهي في مستوى جسر الدماغ الذي يكوّن مع البصلة السيسائية والدماغ المتوسط (المنطقة الأعلى من جذع الدماغ) جذع الدماغ الذي يتابع في الأسفل مع الحبل الشوكي.
يتألف العصب الوجهي من ست قطع وهي:
- القطعة الأولى وتسمى القطعة داخل القحف، تسير ضمن الجمجمة وتنقسم لفروع عدة.
- القطعة الثانية أو القطعة الصماخية تتشكل عند دخول العصب القناة السمعية الداخلية بالقرب من البنى داخل الأذن.
- القطعة التيهية وتعد أقصر القطع.
- القطعة الطبلية تسير عبر عظام الأذن الوسطى.
- القطعة الخشائية تعطي ثلاثة فروع.
- القطعة خارج الصدغية التي تتفرع إلى أعصاب تتحكم بعضلات الوجه.
الاختلافات التشريحية
توجد اختلافات صغيرة في بنية فروع العصب الوجهي وموقعها بين البشر وتكون عادةً غير ملاحظة، وعرفت هذه الاختلافات بعد دراسات تشريحية مفصلة لأسباب طبية.
تشكل الاختلافات التشريحية للعصب الوجهي بين الأفراد تحديًا عند إجراء العمليات الجراحية المتعلقة به، لذا يجب التخطيط جيدًا قبل العمل الجراحي بوقت واستخدام صبغة تباين للتعرف على تشريح العصب عند المريض.
الوظائف
تتضمن الوظائف الأربع للعصب الوجهي: الحركة والحس والتذوق والوظيفة اللا ودية.
الوظيفة الحركية
- معظم فروع العصب الوجهي فروع حركية تتحكم بعدد من عضلات الوجه، وتتضمن هذه العضلات:
- العضلة الركابية في الأذن (stapedius muscle)، وتتحكم باهتزاز عظام الأذن الوسطى للمساعدة على السمع طبيعيًا.
- العضلة الإبرية اللامية (stylohyoid muscle) في العنق وتساعد على البلع.
- البطن الخلفي للعضلة ذات البطنين (digastric muscle) وتساعد على المضغ والبلع والتحدث والتنفس.
- عضلات الوجه التعبيرية.
- العضلة الجبهية (frontalis muscle) وتحرك مقدمة الرأس والحواجب.
- العضلة الدويرية العينية (orbiculus oculi) وتعد مسؤولة عن حركات الحاجبين.
- العضلة المبوقة (buccinator muscle) تحرك الفم والخد.
- العضلة الدويرية الفموية (orbiculus oris) وتتحكم بحركات الفم والشفاه.
- العضلة المبطحة-الجلدية للعنق (platysma) وهي عضلة كبيرة في العنق تتحكم بحركات الرقبة و الفك.
- العضلة القذالية (occipitalis muscle) التي تقع في الناحية الخلفية للرأس، وتحرك جلد فروة الرأس الخلفي.
تحفز الفروع الحركية للعصب الوجهي العضلات على الحركة من خلال تحريرها للناقل العصبي الأستيل كولين وارتباطه بسطح الخلايا العضلية.
تستجيب العضلات المفعلة بالتقلص، فتصبح أقصر طولًا، وتسحب وتثني المفاصل والعظام القريبة منتجةً حركات الوجه.
الوظيفة الحسية
يُعصب صيوان الأذن حسيًا بالعصب الوجهي إذ تنتقل المعلومات الحسية عبره إلى جذع الدماغ ثم إلى الوطاء في الدماغ وفي النهاية تصل القشرة المخية إذ يُدرك الحس هناك.
التذوق
تُنقل المعلومات الحسية القادمة من مقدمة اللسان والجزء العلوي والسفلي من الفم عبر عصب حبل الطبل، وهو عصب صغير قادم من اللسان ويلتقي مع العصب الوجهي في طريقه إلى الدماغ.
الوظيفة اللا ودية
تحفز الفروع العصبية للعصب الوجهي الغدد في الوجه على الإفراز، مثل الغدد الدمعية حول العينين لإنتاج القليل من الدمع المرطب والواقي للعينين، أو الكثير منه عند البكاء، والغدد تحت الفك السفلي والغدد تحت اللسان في القسم السفلي للفم لإنتاج اللعاب من أجل ترطيب الطعام وتقطيعه، إضافةً إلى الغدد المخاطية للأنف.
ترتبط الوظيفة نظيرة الودية للعصب الوجهي ارتباطًا وثيقًا مع المهاد (منطقة من الدماغ تحدد المشاعر وتتوسط عددًا من الوظائف الحيوية مثل الهضم).
التحكم الدماغي بالعصب الوجهي
تنظم الباحة الحركية في القشرة المخية التحفيز العصبي للحركات العضلية، وتعبر السيالات العصبية الجهة الأخرى من الدماغ في جذع الدماغ قبل وصولها للعصب الوجهي، وما يثير الإعجاب في وظيفة العصب الوجهي وجود تحكم ثنائي الجانب لبعض الفروع الحركية له من قبل الدماغ، وتحكم أحادي الجانب بفروع أخرى، فالفروع السفلية للعصب المعصبة لعضلات الثلثين السفليين من الوجه يتحكم بها جانب واحد من الدماغ (الجانب المقابل).
أما الفروع العلوية له المعصبة للجزء العلوي للوجه تتلقى السيالات العصبية من كلا جانبي الدماغ، وبسبب هذه الميزة فإن عضلات الجبهة قادرة على الحركة عند تأذي منطقة من الدماغ تتحكم في الوجه، بينما يتأثر الجزآن السفليان من الوجه بهذه الأذية، ولكن تضرر العصب الوجهي نفسه أو نواه في جذع الدماغ سيحدث أذية في كامل جانب الوجه المعصب به.
تصل الرسائل الحسية المنقولة من خلال العصب الوجهي إلى القسم المقابل من الدماغ بسبب تصالب الألياف الحسية في جذع الدماغ، لكن هذا التصالب لا يكون بنفس القدر فيما يتعلق بوظائف التذوق أو الإفراز.
حالات مرتبطة
يؤدي ضعف وظيفة العصب الوجهي إلى ضعف في مناطق الوجه التي يتحكم بها، وتوجد بعض الحالات الطبية المرتبطة بذلك مثل:
شلل بيل
يعد الحالة الأكثر شيوعًا المرتبطة بانخفاض وظيفة العصب، ويحدث دون سبب معروف أو نتيجة عدوى فيروسية، يتظاهر بشلل جزئي أو كلي في جانب واحد من الوجه والجبهة وضعف النطق والمضغ، إضافةً إلى جفاف واحمرار وتهيج في عين واحدة بسبب صعوبة إغلاق الجفن وقلة إنتاج الدمع. يتحسن الشلل من تلقاء نفسه، لكن يجب طلب الرعاية الصحية لأن الضعف في العصب يمكن أن تسببه الأورام أو العدوى الخطيرة أو أسباب أخرى.
السكتة الدماغية
هي انقطاع تدفق الدم للدماغ وتعد حالة خطيرة تتطلب رعاية صحية عاجلة، لا تؤذي السكتة العصب الوجهي مباشرةً لكن تسبب تدهورًا في وظيفته بسبب نقص الإشارات العصبية القادمة من القشرة المخية نتيجة أذيتها، محدثًا ضعفًا في الجزء السفلي المقابل من الوجه.
تؤثر السكتة في بعض الحالات على جذع الدماغ وتؤذي نوى العصب الوجهي مسببةً ضعفًا في جانب الوجه بأكمله كما يحدث في شلل بيل، إضافةً إلى حدوث رؤية مزدوجة ومشكلات في الارتباط بسبب أذية البنى القريبة.
لا تلاحظ الآثار التي تسببها السكتة مثل آثار شلل بيل لأن الجبهة ما تزال قادرةً على الحركة بسبب التحكم ثنائي الجانب بالعصب الوجهي من الدماغ.
على كل حال، يرتفع خطر حدوث النوبة القلبية عند المرضى الذين أصيبوا بسكتة دماغية، لذا يجب استشارة الطبيب للوقاية من الأمراض الوعائية.
متلازمة رامزي هانت
يؤدي تنشيط فيروس الهربس النطاقي (الحماق) إلى الإصابة بداء المنطقة، ويؤثر في أي عصب بما فيها العصب الوجهي محدثًا متلازمة رامزي هانت التي تتظاهر بضعف في الوجه وطفح جلدي في جانب واحد من الوجه، إضافةً إلى انخفاض الحس والدوار وفقدان السمع.
يشفى المرض لوحده ولكن في الحالات الشديدة يترك آثارًا لا تشفى.
متلازمة غيلان باريه
هو مرض حاد يوصف كاعتلال عصبي متعدد مزيل للنخاعين أو اعتلال عصبي متعدد مترقٍ، ويصيب الأعصاب المحيطية مؤثرًا في كلا العصبين الوجهيين في نفس الوقت. يبدأ المرض عادةً في الأقدام ويترقى سريعًا مسببًا ضعفًا تدريجيًا تصاعديًا في الأرجل وعضلات التنفس والذراعين والوجه.
يبدأ المرض فجأةً وقد يحدث الموت بسبب ضعف عضلات التنفس لذا يتطلب المريض دعمًا تنفسيًّا من خلال جهاز تهوية ميكانيكي للشفاء.
أم الدم
هو توسع في جدار الوعاء الدموي يضغط على العصب الوجهي أو أحد فروعه مسببًا ضعفًا في الوجه أو تشنجًا في نصفه.
العدوى
تصيب بعض الأمراض مثل مرض لايم أحد العصبين الوجهيين أو كليهما مسببةً أعراض مؤقتة أو طويلة الأمد. يعالج المرض بالمضادات الحيوية التي تسرع الشفاء وتمنع حدوث أذية دائمة في العصب.
الرضوض المؤلمة
تؤذي رضوض الوجه أو الرأس العصب الوجهي أو أحد فروعه وتسبب ضعفًا في بعض عضلات الوجه وتدهور وظيفة العصب.
الورم
يمكن للأورام الدماغية أو النقائل السرطانية من الجسم أن تضغط أو تغزو نوى العصب الوجهي أو قطعه وفروعه مسببةً تدهورًا في وظيفته في جانب واحد من الوجه، أما الأورام الكبيرة تضغط على كل النوى في جذع الدماغ فتظهر الأعراض في كلا جانبي الوجه.
التأهيل
يتضمن الشفاء من أمراض وإصابات العصب الوجهي المعالجة الفيزيائية لمساعدة عضلات الوجه والفم المتأذية على استعادة بعض قوتها، ويعتمد الشفاء على نمط الأذية وشدتها ومدى إصابة العصب ونمط المرض.
يلجأ للاستئصال الجراحي عند وجود ورم أو كتلة تضغط على العصب الوجهي للتخفيف من ضعف العصب، كذلك يمكن ترميم العصب وتطعيمه لإصلاح أذيته، تحسن هذه الإجراءات الوظيفة الحركية وتُجرى بواسطة تقنيات أقل غزوًا وحدّةً مثل التوجه اللمسي إلى جانب الإجراءات الجراحية المفتوحة.
اقرأ أيضًا:
شلل بيل أو شلل العصب الوجهي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: هادي سلمان قاجو
تدقيق: لبنى حمزة