قام باحثون بجامعة نوتردام من قسم الهندسة والبيئة المدنية وعلوم الأرض بإجراء التّحاليل الكيميائية والمعدنية على المشتملات المنصهرة في بلورات الماجناتيت (Fe3O4). هذه البلورات في الصّخور النارية -الصخور الناتجة عن إنصهار دثار الأرض- معروفة بالكاربوناتيت، والتي تتكوّن أساسًا من كروبنات الكالسيوم، بدلا من معادن السليكات السّائدة في قشرة الأرض وصخور المحيطات. يحظى الكاربوناتيت باهتمام العلماء رغم نُدرته بسبب غناها بالنيوبيوم وعناصر الأرض النادرة.
بركان جبل أولدوينيو لنغاي (المُسمّى جبل الإله) بتنزانيا هو بركان فريد من نوعه، ليس فقط لأنه يُطلق الكاربوناتيت، ولكن لأنه يتميز عن باقي براكين الكاربوناتيت في أنّ صهارته ليست غنية بكاربونات الكالسيوم، بل بالصوديوم والبوتاسيوم، مما يشكل لغزًا للمجتمع الجيولوجي حتى اليوم.
فى محاولة لحلّ هذهِ المسألة، قام الباحثون بفحص تكوين الإنصهارات الأوليّة التى كوّنت هذه البلّورات المنصهرة في أحد أماكن المتوفر بها الكاربوناتيت بكندا، والتي ثارت صهارتها قبل 120 مليون سنة. كشفت النتائج على الطبيعة القلوية للبلورات المكتنفة والتركيب المعدني المشابه للاكتشاف الذى تمّ فى صخور بركان جبل أولدوينيو لنغاي بتنزانيا.
النتائج تمثل تأثيرًا كبيرًا فيما يتعلق بفكّ رموز العمليّات الكيميائية التي تحدث فى باطن الأرض خلال الزمن الجيولوجي، خاصةً فيما يتعلق بالتفكير السّائد حول الطبيعة الكيميائية التى تُّكون دثار الأرض حيث تتكون الصهارة الكاربوناتيتية.
بالإضافة إلى أهمية هذا الاكتشاف لعلماء الأرض، فإن له أهمية عملية وإستراتيجية، فصخور الكاربوناتيت تُمثّل مكوّنًا هامًا في صناعات الموصلات الفائقة والإلكترونيات والحوسبة. وهنالك العديد من الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين والبرازيل وكندا التى تتواجد بها تكوينات صخور الكاربوناتيت، فإن الاستكشاف النشط فى هذه الدول للبحث عن تواجد هذه الصخور سيحفز البحث عن رواسب جديدة لهذه الصخور لتلبية الطلبات المتزايدة على تصنيع المكونات الإلكترونية المتطورة.