اكتشاف الطفرات الوراثية المسؤولة عن مقاومة المضادات الحيوية
قام مجموعة من العلماء من معهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة هارفارد بتحديد طفرات جديدة ضمن البكتيريا والتي تشجع على تطور مقاومة المضادات الحيوية عالية المستوى.
إن هذه النتائج التي نُشرت في مجلة (eLife) تُضيف إلى فهمنا حول كيفية تطور مقاومة المضادات الحيوية، وهو أمرٌ بالغ الأهمية حسب رأي الباحثين فيما يتعلق بالحفاظ على فعالية الأدوية المتوفرة حاليًا بالإضافة إلى الأدوية المستقبلية.
إن ظهور البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يشكل تحديًا للأطباء السريريين، حيث يوجد حاليًا إصابات مقاومة لجميع أنواع الأدوية المتوفرة تقريبًا. وقد أشار أحد التقارير الصادرة عن مراكز الوقاية والسيطرة على الأمراض (CDC) الأمريكية في عام 2013 بأن هذه الإصابات تقتل نحو 23.000 شخص على الأقل كل عام في الولايات المتحدة وحدها.
تقول ديبورا هونغ (Deborah Hung) كبيرة محرري الدراسة الحالية وعضو رئيسي في المعهد والمديرة المساعدة لبرنامج الأمراض المعدية في معهد برود: «إن بعض أنواع البكتيريا بما في ذلك الميكوبكتيريا (mycobacteria) تقوم بتطوير مقاومة الأدوية كنتيجة لحدوث الطفرات في مورثاتها.
نريد أن نكتسب معرفة جديدة بخصوص العمليات الجزيئية التي تُشجّع عملية المقاومة ضمن هذه الأنواع من خلال النظر في العلاقات ما بين تركيز المضادات الحيوية وتأثيراتها القاتلة على البكتيريا، بالإضافة إلى ظهور الطفرات التي تسبب مقاومة الأدوية».
ولتحقيق ذلك، قامت هونغ وفريقها بتنمية مئات المستعمرات التابعة للنوع البكتيري (Mycobacterium smegmatis)، وهي سلالة بكتيرية تسبب داء السل. وقد قاموا بتعريض البكتيريا لتراكيز منخفضة من المضاد الحيوي مما يسبب بطء التأثير المميت على البكتيريا. وقد سمح هذا الأمر للباحثين بمراقبة عملية قتل البكتيريا الحساسة أثناء عزل الخلايا الفردية التي تطورت فيها الطفرات.
يقول المؤلف الأول جيمس غوميز (James Gomez): «لقد اكتشفنا عملية ظهور طفرات مقاومة الأدوية لدى جزء من مستعمراتنا»، ويتابع قائلًا: «إن كل خلية تحمل طفرات فردية موجودة في مكونات مختلفة من الريبوزوم الذي يعتبر الآلية الجزيئية المعقدة المسؤولة عن بناء البروتينات داخل الخلايا».
وقد اكتشف الفريق أن هذه الطفرات الجديدة الخاصة بالريبوزوم منحت البكتيريا صفة المقاومة لفئات مختلفة من المضادات الحيوية التي لا تستهدف الريبوزوم، والتي لم يسبق للطفرات أن تعرضت لها سابقًا.
وقد عززت هذه الطفرات أيضا صفة المقاومة لدى اثنين من الإجهادات التي لا ترتبط بالمضاد الحيوي وهي كل من الصدمة الحرارية وتوتر الغشاء.
وقد شرح غوميز هذا الأمر بقوله: «لقد رأينا التأثير المتمثل بقدرة الطفرات على تقليل معدل نمو البكتيريا. ومع ذلك، فإن عملية إعادة البرمجة التي حدثت ضمن الخلايا كاستجابة للطفرات جعلت من البكتيريا أقل حساسية تجاه كل من إجهادات المضاد الحيوي والإجهادات التي لا ترتبط بالمضاد الحيوي.
وضمن بعض الأنواع البكتيرية كالنوع (M. smegmatis)، ويشير ذلك إلى أن هذه الطفرات يمكنها تعزيز اللياقة ضمن البيئات ذات الأدوية المتعددة وبالتالي فهي تمثل نقاط ارتكاز نحو تطوير مقاومة الأدوية عالية المستوى على الرغم من التكلفة المترتبة على الطفرات فيما يتعلق بالنمو».
يود الفريق حاليًا استكشاف هذه الظاهرة ضمن الأنواع البكتيرية المختلفة بما في ذلك البكتيريا المسببة لداء السل (Mycobacterium tuberculosis)، وذلك عن طريق الدمج ما بين الطرق البيولوجية التجريبية وما بين الاستكشاف الدقيق لمعلومات تسلسل الجينوم.
إن الفهم الأكثر شمولًا لكيفية ظهور المقاومة للأدوية المتعددة يمكن أن يساعد في تطوير أو تحسين أدوية جديدة لعلاج الإصابات البكتيرية.
ترجمة: زينب النيّال
تدقيق: دانه أبو فرحة
المصدر