اكتشاف أقدم البرديات المصرية بعمر 4,500 سنة
كشف علماء الآثار في مصر مؤخرًا النقاب عن مجموعة من البرديّات الّتي يبلغ عمرها 4,500 سنة، ويقولون إنّها أقدم الكتابات التي عُثر عليها في المنطقة على الإطلاق.
وتعتبر هذه الأخبار رائعةً في حدّ ذاتها، إلا أنّ محتوى الوثائق جعل الاكتشاف أكثر روعة، لِمَا تحتويه الوثائق من تفصيل لحياة العمّال اليومية الذين قاموا ببناء الهرم الأكبر في عهد الملك خوفو (2589ق.م-2566ق.م).
وقد عثر عالما المصريّات بيير تلة وسيد محفوظ على تلك الوثائق في عام 2013 داخل سلسلة من الكهوف بالقرب من وادي الجرف (وهو ميناء قديم يقع على شاطئ البحر الأحمر).
ولم تسنح الفرصة حتّى الآن لأيّ شخصٍ النّظر إلى تلك البرديّات، لكن ستُطرح 6 منها من أصل 30 للعرض في المتحف المصريّ في القاهرة.
وتعدّ تلك البرديّات بالنسبة لعلماء الآثار بمثابة منجمِ ذهبٍ من المعلومات التي تخبرنا عن طريقة الحكم التي عاش في ظلّها المصريّون القدماء وكيف بُني الهرم الأكبر. في الحقيقة، تنتمي أغلب الوثائق إلى قسم محاسبة خوفو، والّذي كانت مهمّته تتبع كل البضائع التي تمرّ عبر مملكته.
وقد صرحت وزارة الآثار المصرية قائلةً: «تشير الوثائق إلى وجود نظام إداري فعّال للغاية في عهد الملك خوفو».
علاوة على تفصيل طريقة الدفع للعمّال وكيفيّة توزيع أجورهم (الحقيقتان التان لم يخض الفريق في تفاصيلهما)، تمدنا البرديّات بتقارير مباشرة من العمّال الذين ساعدوا في بناء الهرم الأكبر (أحد أروع الأبنية وأكثرها غموضًا في الوجود).
صرّح حسين عبد البصير مسؤول في الوزارة بحسب تقرير لوكالة أنباء أسوشيتد برس قائلًا: «تنتمي إحدى البرديّات إلى موظفٍ كبير اسمه مار الذي لعب دورًا في بناء الهرم وتغطّي تلك البردية ثلاثة شهورٍ من عمله، وتوفّر معلوماتٍ عن المهامّ المنوط بها، بما في ذلك نقل الصخور عبر نهر النيل وقنواته».
وبالرغم من أنّ الوثائق في حيازة وزارة الآثار المصريّة منذ اكتشافها، إلا أنّ المسؤولين قرّروا الآن عرضها في المتحف المصري كي يتسنّى للجمهور فرصةُ مطالعة واحدةٍ من أقدم قطع الكتابة التي وُجدت على الإطلاق.
كما صرحت صباح عبدالرازق، أمين المتحف المصري قائلةً: «لا ينبغي أن تُخفى هذه الاكتشافات في الصناديق، نحن بحاجة إلى جذب انتباه العالم إلى مصر، ولذلك قرّرتُ عرض البرديّات؛ لأن آثارًا كهذه ستُنعش السياحة في مصر».
ويأتي الإعلان عن البرديّات في الوقت الذي يكتشف الباحثون على ما يبدو أشياء جديدة بشأن الهرم الأكبر على أساس شهري. فعلى سبيل المثال، اكتشف باحثون من الولايات المتحدة في شهر يونيو أنّ الهرم في الواقع مائلٌ بسبب خطأ حدث خلال بدء الإنشاءات.
أعادت سلسلة قناة العلم (Science Channel’s series) في الأسبوع الماضي، إحياء النظام الأمنيّ البدائي الذي استُخدِم داخل الهرم، ويُفترض أنّه يحافظ على آثار خوفو من سرقة لصوص المقابر الراغبين في ذلك، ومع ذلك لا يعرف أحدٌ ما إذا كان النظام قد فشل حقًا أم لا، لأنّه من الممكن ألّا يتمّ العثور على آثار خوفو بعد (ممّا يزيد الغموض).
نأمل -عندما تُصبح مُعدات المسح أفضل وأفضل- أن نحلّ كلّ ألغاز الأهرامات، ولكن حتى ذلك الحين لدينا على الأقل بعض الوثائق الجديدة المُثيرة للإعجاب لنقوم بتدقيقها.
ترجمة: نهى سليمان
تدقيق: عبدالسلام الطائيّ
المصدر