عندما تجرح أو تؤذي نفسك، يوقف جسمك النزف عن طريق تشكيل خثرة دموية. تلتصق البروتينات والجزيئات الموجودة في دمك والتي تدعى الصفيحات مع بعضها لتشكل الخثرة. تدعى عملية تشكل الخثرة بالتخثر coagulation. إن التخثر الطبيعي عملية مهمة عند الإصابة إذ أنه يوقف النزف من الجرح ويباشر بعملية الشفاء. ولكن لا يجب أن يحدث تخثر الدم عند تحركه ضمن الجسم. فإذا كان الدم يميل للتخثر بكثرة يشير ذلك إلى حالة فرط التخثر أو ما يدعى أهبة التخثر thrombophilia.
هل حالة فرط التخثر خطيرة؟
يمكن أن تكون حالة فرط التخثر خطيرةً، خاصة عندما لا تُشخَّص وتعالَج. يملك الناس المصابون بحالة فرط التخثر خطرًا متزايدًا لتطور الجلطات الدموية في الشرايين «الأوعية الدموية التي تنقل الدم بعيدًا عن القلب» والأوردة «الأوعية الدموية التي تنقل الدم إلى القلب».
تدعى الخثرة الموجودة داخل وعاء دموي جلطة thrombus أو صمة embolus.
يمكن أن تنتقل الخثرات الدموية الموجودة في الأوردة أو الجهاز الوريدي عبر مجرى الدم وتسبب خثارًا وريديًّا عميقًا -خثرة دموية في أوردة الحوض، الساق، الذراع، الكبد، الأمعاء أو الكلى- أو صمة رئوية (خثرة دموية في الرئة).
يمكن أن تزيد الخثرات الدموية في الشرايين من خطر النشبات، النوبات القلبية، ألم الساق الشديد، صعوبة المشي، أو حتى خسارة طرف.
ما الذي يسبب حالة فرط التخثر؟
إن حالة فرط التخثر تكون عادةً جينيةً «موروثة» أو مكتسبة. يعني الشكل المورثي من هذا الاضطراب أن الشخص يولد مع ميل لتشكيل الخثرات الدموية. تحدث الحالات المكتسبة عادة نتيجة القيام بالعمليات الجراحية أو الرضوض أو الأدوية أو الحالات الطبية التي تزيد خطر حالة فرط التخثر.
تتضمن حالات فرط التخثر الموروثة ما يلي:
- عامل لايدن الخامس (وهو الأكثر شيوعًا).
- طفرة مورثة البروترومبين.
- عوز البروتينات الطبيعية التي تمنع التخثر «مثل الأنتيترومبين والبروتين C والبروتين S»
- ارتفاع مستويات الهوموسيستين.
- ارتفاع مستويات الفيبرينوجين أو سوء وظيفة الفيبرينوجين (فرط فيبرينوجين الدم غير الوظيفي).
- ارتفاع مستويات العامل الثامن -ما زال يُستقصى على اعتباره حالةً وراثيةً- وعوامل أخرى تشمل العامل التاسع والحادي عشر.
- شذوذ في الجهاز الحال للفبرين، يتضمن نقص مولد البلاسمين في الدم، سوء وظيفة مولد البلاسمين في الدم مع ارتفاع مستويات مثبط مفعل مولد البلاسمين (PAI-1).
تتضمن حالات فرط التخثر المكتسبة:
- السرطان.
- بعض الأدوية المستخدمة لعلاج السرطان مثل التاموكسيفين tamoxifen وbevacizumab وthalidomide وlenalidomide.
- رض أو جراحة حديثة.
- تركيب قثطرة وريدية مركزية.
- البدانة.
- الحمل.
- استخدام الإستروجين المعيض، بما يشمل حبوب منع الحمل الفموية «حبوب التحكم بالنسل».
- العلاج الهرموني المعيض.
- الراحة الطويلة أو عدم الحركة.
- النوبة القلبية، قصور القلب الاحتقاني، النسبة والأمراض الأخرى التي تنقص القيام بالنشاطات.
- نقص الصفيحات المحرض بالهيبارين، وهو نقص صفيحات الدم بسبب التحضير باستخدام الهيبارين أو الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي.
- رحلات الطيران الطويلة أو ما يعرف بـ«متلازمة الطبقة الاقتصادية».
- متلازمة أضداد الفوسفوليبيد.
- قصة سابقة للخثار الوريدي العميق أو صمة رئوية.
- اضطرابات نقوية تكاثرية كفرط الحمر الحقيقي أو فرط الصفيحات الأساسي.
- البيلة الدموية الليلية الانتيابية.
- متلازمة الأمعاء الالتهابية.
- الإصابة بفيروس HIV أو الإيدز.
- المتلازمة النفروزية (الكثير من البروتين يُطرَح في البول).
كيف تُشخص حالة فرط التخثر؟
قصة مرضية دقيقة:
- تزيد بعض الحالات من خطورة تطور جلطة دموية ولكن ليس من الضروري أن يشير هذا إلى وجود حالة فرط خثارية مورثية، وبالتالي يجب القيام بتقييم دقيق للقصة المرضية الشخصية والعائلية للمريض.
- قد يكون المرضى مرشحين للمسح عن حالات فرط التخثر إذا كان لديهم:
- قصة عائلية لتجلط الدم الشاذ.
- تجلط دم شاذ في عمر مبكر (أقل من 50 سنة).
- حدوث الخثار في أماكن ومواقع غير اعتيادية كأوردة الذراع، الكبد (وريد الباب)، الأمعاء (الأوعية المساريقية)، الكلية (الأوعية الكلوية) أو الدماغ (الأوعية القحفية).
- الجلطات الدموية التي تحدث دون سبب واضح.
- جلطات دموية ناكسة.
- قصة إسقاطات متكررة.
- نشبة في عمر مبكر.
الفحوص المخبرية
إذا كان لديك أحد الحالات المذكورة سابقًا، يمكن أن ينصح أطباؤك بإجراء اختبارات دموية ليقوموا بتقييم إضافي لحالتك.
من الأفضل أن تُجرَى هذه الاختبارات في مختبر تخثر تخصصي وقُيَّم من قبل اختصاصي علم الأمراض أو طبيب سريري ذو خبرة في أمراض التخثر أو طب الأوعية أو علم الدمويات.
والصحيح أن تُجرى الفحوص بعيدًا عن حوادث التجلط الحادة.
تشمل الفحوص المخبرية الأكثر شيوعًا ما يلي:
- زمن البروترومبين والنسبة المعيارية الدولية PT-INR: يستخدم زمن البروترومبين «PT أو Protime» لحساب النسبة المعيارية الدولة INR. تستخدم هذه المعلومات لمراقبة وضع المريض في حال تناوله للوارفارين «الكومادين». ستساعد INR الخاصة بك مقدمي الرعاية الصحية على تحديد سرعة تجلط دمك وفيما إذا كان هناك حاجة لتغيير جرعة الوارفارين (الكومادين).
- زمن البروترومبين الجزئي المفعل (aPTT): يقيس الزمن الذي يستغرقه تجلط الدم. يُستَخدم هذا الاختبار لمراقبة حالتك في حال كنت تأخذ الهيبارين.
- قياس مستويات الفيبرينوجين (مولد الفبرين).
- تعداد دم كامل (CBC).
تساعد بعض هذه الاختبارات على تقصي وجود متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أو فرط مولد فبرين الدم غير الوظيفي – وهي الحالات التي يمكن أن تترافق مع حالة فرط التخثر.
تشمل الاختبارات المساعدة على تشخيص حالات فرط التخثر الموروثة ما يلي:
- الفحوص الجينية، بما فيها عامل ليدن الخامس (المقاومة الفعالة لبروتين C) وطفرة مورثة البروترومبين (G20210A)*.
- فعالية الأنتيترومبين.
- فعالية بروتين C.
- فعالية البروتين S**.
- قياس مستويات الهوموسيستين الصيامية.
*عامل ليدن الخامس وطفرة مورثة طليعة الترومبين (G20210A) هما العيبان الوراثيان المعروفان الأكثر شيوعًا اللذان يزيدان خطورة تخثر الدم عند الشخص.
** يمكن أن تُطلب فحوص مخبرية إضافية، كقياس مستويات أضداد البروتين S الحرة «الفعالة» أو الكلية، وذلك لإثبات نتائج تحليل فعالية البروتين S.
- تشمل الاختبارات الأخرى المساعدة على تشخيص حالات فرط التخثر المكتسبة ما يلي:
- أضداد الكارديوليبين (ACA) أو بيتا-2 غليكوبروتين التي تشكل جزءًا من متلازمة أضداد الفوسفوليبيد*.
- أضداد التخثر الذئبية (LA)، وهي جزء من متلازمة أضداد الفوسفوليبيد*.
- أضداد الهيبارين «عند المرضى الذين يطورون نقصًا في تعداد الصفيحات عند تعرضهم للهيبارين».
*وجود أضداد الفوسفوليبيد (ACA) وأضداد التخثر الذئبية (LA) مهم عند تقييم حالة مرضية عانت من إسقاط متكرر وخثار وريدي أو شرياني.
تساعد الاختبارات على تحديد المرضى المعرضين لخطر تشكل المزيد من الخثرات وتساعد على تقرير كورس علاجي مناسب وتحديد مدة العلاج لتفادي الخثرات المستقبلية.
قد تساعد الاختبارات أيضًا على تحديد الأقارب اللاعرضيين الذين قد يكونون تحت الخطر.
علاج حالة فرط التخثر
لا يكون العلاج ضروريًّا في غالبية الحالات باستثناء تطور جلطات دموية في وريد أو شريان. تنقص أضداد التخثر من قدرة الدم على التجلط وتمنع تشكل خثرات جديدة.
تشمل الأدوية المضادة للتخثر ما يلي:
- الوارفارين «الكومادين»: يتوافر بشكل أقراص ويُؤخَذ عن طريق الفم.
- الهيبارين: دواء سائل يُعطى إما وريديًّا (IV) إذ يصل بشكل مباشر عبر الوريد، أو عن طريق الحقن تحت الجلد والتي تُعطَى في المشافي.
- الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي: يعطى حقنًا تحت الجلد مرة أو مرتين باليوم ويمكن أن يُعطى في المنزل.
- Fondaparinux (Arixtra): تُحقن تحت الجلد.
ستُعطى تعليمات لك ولعائلتك حول كيفية أخذ الدواء الموصوف المضاد للتخثر.
سيتحدث أطباؤك معك حول منافع وأخطار هذه الأدوية. ستساعد هذه المعلومات بالتوازي مع تشخيصك على تحديد نوع الدواء المضاد للتخثر الذي سوف تأخذه، والمدة التي ستحتاجه فيها، ونوع المراقبة اللاحقة التي ستحتاجها.
وكما هو الحال مع أي دواء، من المهم أن تعرف كيف تأخذ أدويتك المضادة للتخثر تبعًا لإرشادات الطبيب. وأن تجري اختبارات دم متكررة وفق طلب طبيبك.
في حال وصف لك الطبيب دواء الوارفارين «الكومادين»:
- ستحتاج للقيام باختبارات دموية متكررة، تدعى هذه الاختبارات PT-INR، تقيم هذه الاختبارات مدى جودة عمل الدواء. رجاءً حافظ على كل مواعيد الاختبارات المجدولة ليصبح بالإمكان مراقبة استجابتك للدواء. يمكن أن تتغير أدويتك أو تُعدَّل بناءً على نتائج هذه الاختبارات.
- من الأفضل أن تطلب أو ترتدي أسوارة تعريف طبية وبهذا يمكنك الحصول على عناية طبية ملائمة في حالات الطوارئ.
- يمكن أن تنزف أو تتعرض للكدمات بشكل أكثر سهولة عندما تتعرض للإصابة، اتصل مع طبيبك إذا عانيت من نزف غزير أو غير اعتيادي أو في حال حصول تكدم.
- قد تؤثر بعض الأدوية غير الموصوفة «الأدوية التي تباع دون وصفة طبية OTC» على عمل مضادات التخثر. لا تأخذ أي أدوية أخرى قبل التشاور مع طبيبك أوّلًا.
- اسأل طبيبك عن الأنظمة الغذائية الخاصة التي تحتاج أن تتبعها بينما تأخذ الوارفارين. يمكن لبعض الأطعمة كالأطعمة الغنية بالفيتامين K -الموجود في الملفوف والسبانخ والقرنبيط- أن تغير كيفية عمل الدواء.
- من الأفضل ألا تأخذي الوارفارين «الكومادين» إذا كنتِ حاملًا أو تخططين للحمل. إذا كنتِ حاملًا استفسري من طبيبك حول إمكانية تغيير الدواء إلى نوع آخر من أضداد التخثر. يختلف الأطباء في الكفاءة تبعًا للاختلافات في تدريبهم وخبرتهم، وتختلف المشافي في عدد الخدمات المتاحة، وكلما كانت مشكلتك الطبية أعقد، زادت تلك الفروقات في الكفاءة وزاد الاهتمام بحالتك.
اقرأ أيضًا:
التخثر داخل الأوعية المنتشر: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
هل يقلل تناول مضاد التخثر “وارفارين” من خطر الإصابة بالسرطان؟
ترجمة: محمد ياسر جوهرة
تدقيق: محمد وائل القسنطيني
مراجعة: صهيب الأغبري