طريقة جديدة لإنتاج الأكسجين من النفايات قد تكون دفعةً كبيرةً للصناعة، وتعد أقل تكلفة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة من الطرق الحالية.
اكتشف الباحثون في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا موادّ جديدةً قادرةً على تعزيز إنتاج الأكسجين النقي. يقود هذا التطور الرائد البروفيسور إسفيريه ماغنوس سيلباك، وقد يُحدث ثورة في قطاعي الصناعة والطب إذ يزداد الطلب فيهما على الأكسجين.
قال سيلباك في بيان للجامعة: «لقد حددنا المواد التي بإمكانها تخزين الأكسجين النقي وإطلاقه بسرعات أكبر وفي درجات حرارة أقل بكثير من المواد المعروفة المستخدمة حاليًا لهذا الغرض».
تقدم هذه المواد الجديدة نهجًا بديلًا بواسطة استخلاص الأكسجين من المواد التي تحتوي على ذرات الأكسجين المرتبطة، على عكس الطرق التقليدية التي تعتمد على التقطير من الهواء.
ووفقًا للبروفيسور سيلباك، تُظهر هذه المواد قدرات ملحوظة في تخزين الأكسجين وإطلاقه بسرعة كبيرة، وحتى في درجات حرارة أقل بكثير مما تسمح به المعايير الحالية.
من المعروف أنه لا يمكن تصنيع الأكسجين مثل أي مركب كيميائي لكونه عنصرًا وليس مركبًا، لذلك يجب أن يتحرر من مركبات ومواد تحتوي على ذرات الأكسجين مثل الهواء الذي نتنفسه، وبالتالي هذه الطرق الحالية قد تكون مرتفعة التكلفة وتستهلك الكثير من الطاقة، ما يجعلها باهظة الثمن للبحث العلمي وكذلك في الاستخدام الطبي.
قاد هذا البحث المرشحة لنيل درجة الدكتوراه فريدا هيمستاد دانمو، وعرضت كفاءة المواد الجديدة في استخراج الأكسجين، وأوضحت أيضًا قدرة تلك المواد على العمل في درجات حرارة منخفضة، ما يقلل من استهلاك الطاقة وتتيح استخدام مواد أقل تكلفة، وبالتالي من المحتمل أن تخفض تكاليف الإنتاج، وأضافت دانمو أن كل من هذه التحسينات في خصائص المواد تجعلها أكثر قدرة على المنافسة.
الطريقة الجديدة قد تقلل من التكاليف بشكل كبير وكذلك تحسن الاستدامة، فقد أبرزت الدراسة التي نشرت في مجلة Chemistry of Materials الخصائص الاستثنائية لمادة المنغنايت السداسي hexagonal manganites، فهي توفر وسيلة واعدة لاستخراج الأكسجين بسبب معدلاتها السريعة في امتصاص الأكسجين، والمردود الكبير للكلفة مقابل الفاعلية وقابلية التوسع، مع أن الغموض ما زال يكتنف تلك المادة.
تسلط دانمو الضوء على ميزة استخدام المواد كبيرة الحجم بدلاً من الجسيمات النانوية، ويرجع ذلك إلى سهولة إنتاجها وقلة تكلفتها، وأيضًا يمكن تصنيعها بكميات كبيرة باستخدام طرق أبسط على عكس الجسيمات النانوية، ما يجعلها أكثر عملية للتطبيقات على المستوى الصناعي.
تقول دانمو: «نظرًا لأن المادة الجديدة تمتص الأكسجين بسرعة كبيرة، فبمقدرتنا استخدام المواد كبيرة الحجم التي يمكن تصنيعها بكميات كبيرة باستخدام طرق أرخص من تلك المطلوبة لصنع الجسيمات النانوية».
إحدى الميزات الرئيسية لمادة المنغنايت السداسي المطور هو اعتبارها «مواد عالية الاضطراب» high-entropy materials، وتمتاز بتنوع تركيبها وافتقارها إلى بنية بلورية دقيقة. هذه السمة الفريدة تجعلها مقاومة للشوائب والعيوب البسيطة، وهي خاصية تمكنها من تبسيط عمليات الإنتاج وتقليل تكاليف المواد.
يؤكد سيلباك على أهمية ميزة الاضطراب في تحقيق امتصاص سريع للأكسجين، مشيرًا إلى أن الخصائص التي يقودها الاضطراب لتلك المواد عالية الاضطراب تساهم في استقرارها وفاعليتها في استخلاص الأكسجين.
هناك رؤية مستقبلية تتوقع التحول نحو استخدام أرخص المواد الخام وتلك المتاحة بسهولة أكبر، مثل مادة المنغنايت السداسي، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة المعاد تدويرها والنفايات الصناعية، وقد يؤدي مثل هذا التحول إلى توفير كبير في التكاليف، وخاصة في الصناعات والتطبيقات المختلفة التي تعتمد على الأكسجين، بالإضافة للفوائد المتعلقة بالبيئة.
اقرأ أيضًا:
ناسا تبدأ توليد الأكسجين على المريخ عبر صندوق صغير
ترجمة: عمرو أحمد
تدقيق: جعفر الجزيري