الخلايا العصبية معقدة للغاية، ليس فقط بسبب وجود المليارات منها في الدماغ، ولكن أيضًا بسبب تأثر وظيفتها بالعديد من العوامل مثل: شكلها وتركيبها الجيني.
يوظّف فريق بحثي بقيادة دايفينج وانج -أستاذ الإحصاء الحيوي والمعلوماتية الطبية وعلوم الكمبيوتر في مركز وايزمان بجامعة ويسكونسن ماديسون- تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لفهم كيفية تأثير مجموعة متنوعة من الميزات معًا في طريقة عمل الخلايا العصبية واضطرابات الدماغ والتنبؤ بها باستخدام مايسمى بالتعلم المتنوع.
نشر المختبر دراستين، في الدراسة الأولى التي نُشرت في نوفمبر 2021 في مجلة كوميونيكاشنز بيولوجي، أظهر الباحثون إمكانية تطبيق التعلم المتنوع للتنبؤ بميزات الخلايا العصبية، إضافةً إلى تصنيف الخلايا بناءً على جيناتها وسلوكها الفيزيولوجي الكهربائي الذي يشمل النشاط الكهربائي للخلايا العصبية، وهو أساس التواصل بين العصبونات بتطبيق تقنيات التعلم الآلي الحالية التي تستخدم خوارزميات لتحليل الكميات الكبيرة من البيانات والتنبؤ تلقائيًا.
استخدموا معلومات من نحو 3000 خلية عصبية في دماغ الفأر عند تطبيق التعلم المتنوع بهدف تحديد وجود علاقة قابلة للقياس بين التعبير الجيني والمعلومات الفيزيولوجية، فأظهروا أن كلتا الميزتين في الخلايا العصبية متشابهتان (قيم عالية) في نفس مجموعة الخلايا، وفي بقية الخلايا ظهرت قيم منخفضة، فيما يسمى بالشكل المتنوع (فضاء متعدد الأبعاد يصف بشكل رياضي خصائص الخلايا العصبية).
وبناء على الشكل المتنوع وجدوا إمكانية تجميع الخلايا في مجموعات مختلفة باستخدام كلتا الميزتين معًا، أما باستخدام إحدى الميزتين فقط فلم ينتج مجموعات يمكن فصلها.
لفهم كيفية عمل الجينات معًا للتأثير على السلوك الفيزيولوجي الكهربائي للخلايا العصبية، استخدموا مجموعات الخلايا ووجدوا روابط بين الميزات الفيزيولوجية الكهربائية وجينات محددة تتحكم في التعبير عن الجينات الأخرى، وتشارك بعض هذه الجينات أيضًا في التحكم في جهاز المناعة، ما يشير إلى وجود تفاعل بين الاتصال العصبي والالتهاب.
باستخدام هذه النتائج اكتشف وانج وطلابه إمكانية إجراء تنبؤات حول الميزات الفيزيولوجية الكهربائية للخلايا العصبية بناءً على التعبير الجيني، وقارن وانج هذا التنبؤ بمحاولة التنبؤ بالعلاقة بين أنماط حركة المرور في منطقة معينة من المدينة وعدد الطلبات الخارجية من مطاعم المنطقة في أي وقت معين من اليوم.
يقول وانج إن أنماط حركة المرور وعدد الطلبات الخارجية من المطاعم في منطقة معينة هما شيئان مختلفان ولكنهما يشتركان في بعض الأنماط مثل ساعات الذروة، ويمكن أن يتنبأ التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي بالوقت الذي ستبلغ فيه طلبات الشراء ذروتها بناءً على بيانات المرور وحدها، أو البدء في التنبؤ بالتعبير الجيني للخلايا العصبية بناءً على ميزاتها الفيزيولوجية الكهربائية.
استخدم الفريق البيانات التي جمعوها للبدء بالدراسة الثانية التي نُشرت في يناير في مجلة العلوم الحسابية، وتوصّلوا فيها إلى بناء نموذج تعلّم متنوع محسّن يدعى (deepManReg) الذي يعالج القيود القديمة في النماذج السابقة، ويمكن أن يساعد الباحثين على فهم أفضل لوظيفة الخلايا العصبية في سياق الصحة والمرض، وهو أكثر قابلية للتعميم ويمكنه دمج أكثر من نوعين من الميزات العصبية والكشف عن كيفية تأثيرها على بعضها بعضًا.
إن استخدام تقنيات التعلم الآلي في هذه التطبيقات يساعد على تقليل الوقت والجهد والمال اللازم لدراسة ميزات معينة في الدماغ، وأحدث الدراسات استندت إلى دراسة الخلايا العصبية السليمة، لذلك ينوي وانج استخدام تقنيات التعلم الآلي في دراسة اضطرابات الدماغ وأمراضه، ويقول وانج بخصوص ذلك إنه يمكن دراسة كيفية تنظيم الجينات للتأثير على السلوكيات الفيزيولوجية الكهربائية في الخلايا المريضة.
اقرأ أيضًا:
ابتكر العلماء خلية عصبية اصطناعية تستطيع أن تحتفظ بالذكريات إلكترونيًا!
هل ترى ما أراه؟ الباحثون يُسَخِرون موجات الدماغ لإعادة بناء الصور لما نتصوره
ترجمة: تسنيم فندقلي
تدقيق: محمد سمير