استئصال جزء من الجمجمة بعد التعرض للإصابات قد ينقذ الحياة
تقترح دراسة جديدة أن إزالة جزء من جمجمة المريض يمكن أن ينقذ حياته في حال تعرضه لإصابات دماغية شديدة، وذلك من خلال جراحة تدعى (Decompressive Craniectomy) وتعني «قطع القحف» لتخفيف الضغط عن الدماغ، إذ قلصت هذه الجراحة خطر الوفاة نتيجة الإصابات الدماغية الرضية الشديدة إلى النصف تقريبًا مقارنةً مع المرضى الذين تلقوا علاجات طبية أخرى لإصاباتهم ولم يجروا العملية.
يقول بيتر هيتشنسون (Peter Hutchinson)- الباحث الرئيسي في الدراسة وأستاذ جراحة الأعصاب في جامعة كامبردج: «لقد تساءل الأطباء مسبقًا إن كان يجب عليهم إجراء هذه العملية، إذ لم يكن واضحًا إن كانت تستطيع إنقاذ حياة المصابين، وإن كانت كذلك فما هي طبيعة الحياة التي سيحصل عليها المريض بعد ذلك؟».
وللتحقق من ذلك رصد الباحثون حالة أكثر من 400 مريض اُختيروا بشكل عشوائي من المتعرضين لإصابات دماغية شديدة، وقد وجدوا بعد ستة أشهر أن 27% من الأشخاص الذين خضعوا للعملية لقوا حتفهم مقارنةً مع 49% ممن خضعوا لعلاج إصاباتهم بالطريقة التقليدية ولم يجروا العملية، وذلك طبقًا للدراسة التي نشرت في مجلة (The New England Journal of Medicine)، وقد علق هيتشنسون على ذلك: «أثبتت نتائج الدراسة أن العملية باستطاعتها حقًا أن تنقذ الحياة».
ولكن بعد ستة أشهر وُجد أن نسبة 8.5% من الأشخاص الذين خضعوا للجراحة قد دخلوا في حالة إنباتية (Vegetative State)* مقارنةً مع 2% ممن لم يخضعوا لها.
يوضح هيتشنسون: «تُجرى هذه العملية عندما يكون الضغط داخل القحف مرتفع بشكل خطير جدًا، ولم يستطع الأطباء السيطرة عليه باستخدام الأدوية والعلاجات الأخرى.
بعد الإصابات الدماغية الرضية الشديدة يمكن أن يتورم دماغ الشخص المصاب وهذا يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل الجمجمة (intracranial hypertension)، وبسبب كون الجمجمة «صندوق مغلق» لا يوجد مكان للتخلص من هذا الضغط، وهذا قد يؤدي إلى توقف تدفق الدم إلى الدماغ».
يقول هيتشنسون: «شملت الدراسة مرضى أُصيبوا خلال حوادث سيارات أو سقوط أو اعتداءات، وكانوا جميعهم في غيبوبة معتمدين على أجهزة الإعاشة قبل الخضوع للعملية».
ويضيف: «لا يحدث تورم الدماغ عادةً فور التعرض للإصابة، وإنما يأخذ وقت من يوم لأكثر من أسبوع.
وحالما يبدأ ارتفاع الضغط داخل القحف يمضي الأطباء من ساعة إلى 12 ساعة في محاولة خفضه باستخدام الأدوية وإجراءات أخرى، ولهذا فإن الجراحة كانت الخيار الأخير لمن اُختير لإجراءها من المصابين بعد فشل كل المحاولات الأخرى للسيطرة على ارتفاع الضغط».
تستغرق العملية من ساعة ونصف إلى ساعتين يخضع خلالها المريض لإزالة جزء من الجمجمة يقدر بـ 12 سنتيمتر (4.7 إنش).
عند غالبية المرضى الذين شملتهم الدراسة كان التورم يشمل كامل الدماغ وفي هذه الحالات أزال الأطباء أجزاء من العظم الجبهي للشخص وذلك لتخفيف التورم في الدماغ، وفيما عدا ذلك عندما يكون التورم ظاهرًا في جانب من الدماغ أكثر من الآخر تكون الجراحة بإزالة جزء من الجانب الذي يبدو فيه التورم أكثر وضوحًا.
بعد ذلك تُغطى الدماغ بجلد فروة الرأس إلى أن ينخفض الضغط وذلك يحتاج لعدة أسابيع أو أشهر، وما أن يقل حجم التورم يعيد الأطباء هذا الجزء من الجمجمة لمكانه أو يُغطى المكان بصفيحة معدنية أو بلاستيكية.
يكون المريض في حالة غير واعية عندما يصبح إجراء العملية ضروريًا، وبهذا يتحمل أفراد العائلة الاختيار والموافقة على إجراءها، فيشرح لهم الأطباء أن العملية يمكنها رفع فرص النجاة بشكل ملحوظ، ولكن يبقى من غير الواضح بشكل كامل تقدير نوعية الإعاقات التي قد تحدث للمريض.
طبقًا للدراسة وبعد مرور عام من الجراحة لُوحظ أن 45% ممن خضعوا للعملية يمارسون حياتهم باستقلالية في المنزل دون الحاجة للمساعدة وأنهم يعانون من قدر أقل من الإعاقات مقارنةً بـ32% ممن لم يخضعوا لها.
يضيف هيتشنسون قائلاً: «تقلل الجراحة الضغط داخل القحف، لكنها لا تعالج الإصابة التي حدثت، فهي لن تعيد وظيفة الأعصاب التي تضررت، بالتالي لا يمكن تجنب بعض الإعاقات وذلك تبعًا للإصابات التي تعرض لها المرضى».
*التعريف الطبي للحالة الإنباتية (Vegetative State): حالة من اللاوعي أثناء اليقظة تحدث نتيجة وقوع أضرار أو تلف بخلايا المخ وتستمر لشهور أو سنين، وهي تختلف عن الغيبوبة (Coma).
ترجمة: دانيا الدّخيل
تدقيق: هدى جمال عبد الناصر
المصدر