اختبار DNA يحطم إحدى أكثر نظريات المؤامرة النازية شهرة
في عام 1941، انطلق رودولف هس نائب الفوهرر والرجل الثاني ل النازية بعد هتلر ، في رحلة جوية خطرة بمفرده إلى بريطانيا، في محاولة للتوسط من أجل السلام مع عدو ألمانيا اللدود. ادّعى في وقت لاحق أن الفكرة جاءته في حلم. لكن هل فعل ذلك حقًا؟ هل كان الرجل الذي هبط في بريطانيا وقُبض عليه فيما بعد هو رودولف هس بنفسه؟ إذ تشير إحدى نظريات المؤامرة -عمرها 70 عامًا- أنه كان مجرد شبيه له، أُرسل لخداع الحلفاء خلال الحرب العالمية من أجل غرض نازي شنيع، أو حتى لزرعه وسط البريطانيين.
آمن العديد بهذه النظرية التي سُميت doppelgänger أي “الشبيه” بالألمانية، من بينهم الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بنفسه. ولعدة عقود دارت الشائعات حول الحادثة، والتي وُصفت في دراسة حديثة أنها «فكرة غريبة وشاذۃ، وأحد أكثر الحوادث غموضًا في الحرب العالمية الثانية». وسواء كان الأمر خدعة أم لا، فقد قُبض على هس أو شبيهه في اسكتلندا، بينما كان يكافح للهبوط بمظلته. وسُجن لبقية حياته، إذ حُكم عليه في محكمة نورنبرغ بالسجن مدى الحياة.
وقد أمضى عقوده الأربعة الأخيرة في سجن سبانداو في برلين الغربية، حيث عُثر عليه منتحرًا في عام 1987 وكان عمره حينذاك 93 عامًا. وبحرق جثة هس، أصبح من المستحيل أن نعرف على وجه اليقين ما إذا كان السجين المعروف باسم سبانداو رقم 7 هو فعلًا الصديق المقرب لهتلر والعضو السادس عشر في الحزب النازي، أم منتحل لشخصيته؟
ودون بقايا جسدية لفحصها، لا يمكن فحص العديد من الأدلة التي من المفترض أنها تدعم نظرية المؤامرة، وبالتالي لا يمكن إثبات هذه الفرضية أو نفيها. على سبيل المثال، لا يملك سجين سبانداو رقم 7 ندوبًا على صدره تتفق مع جرح هس في الحرب العالمية الأولى، ولم يكن لديه الفجوة (الفَلَجُ) في أسنانه الأمامية مثل هس.
كذلك رفض السجين بصورة غريبة رؤية الزوار العائليين، وادّعى حالة غامضة من فقدان الذاكرة. ورغم كل الصعاب، بقيت قطعة أخيرة من لغز هس؛ فقد اكتُشفت بعد عقود من وفاة سبانداو 7 عينة دم أُخذت من السجين في عام 1982 وما تزال موجودة، حيث احتُفظ بها في مركز ولتر ريد الطبي العسكري في واشنطن.
قال مؤلف الدراسة الأول وأخصائي علم الأمراض المتقاعد في الجيش الأمريكي شيرمان ماكال: «أدركت لأول مرة وجود عينة الدم العائدۃ لهس من الملاحظة أثناء فترة التدريب على علم الأمراض في ولتر ريد. لكن لم أدرك الجدل التاريخي إلا بعد بضع سنوات». وبوجود العينة، تتبع فريق الباحثين أحد أقارب هس الذكور الأحياء، والذي كان يخفي هويته، وقورِنَت علامات الحمض النووي بين عينة اللعاب المأخوذة منه وبين عينة الدم المنسوبة لهس.
وصرح الباحث المساعد جان سيمبر كيسيليتش من جامعة سالزبورغ في النمسا لصحيفة الغارديان: «عدم ظهور أي تطابق كان سيدعم نظرية الشبيه، لكننا عثرنا على تطابق بالفعل». ووفقًا للباحثين، يشير اختبار DNA إلى أن هناك فرصة أكبر من 99.99% أن سبانداو رقم 7 هو رودولف هس بنفسه. وبالنسبة للفريق، فإن هذا كافٍ لحل اللغز الذي مرت عليه عقود كثيرة.
وكتب الفريق في ورقته البحثية: «كنَّا محظوظين لوجود عينة بيولوجية من سجين سبانداو رقم 7، فقد حصلنا على فرصة فريدة لإلقاء الضوء من جديد على إحدى أشهر الأفكار التاريخية في الحرب العالمية الثانية، وهي نظرية المؤامرة القائلة إن سجين سبانداو رقم 7 لم يكن إلا منتحلًا لشخصية هس، وقد دُحضت أخيرًا».
اقرأ أيضًا:
ملاك الموت النازي اداة تعليمية الان فى جامعة ساو باولو
هل يعقل أن الصحون الطائرة مجرد خرافة أطلقها النازيون؟
ستيفن هوكينج: العلم والخيال العلمي
اختراعات من الحرب العالمية الثانية غيرت العالم
بعد ٣٦ عامًا من ولادتها تكتشف من هو والدها الحقيقي من خلال اختبار DNA
ترجمة: شيماء ممدوح
تدقيق: جعفر الجزيري