أعلنت شركة إنتل في فعاليات مؤتمرها عن معماريات الحواسيب في 2020 أنها ستطلق معالجها الجديد ألدر ليك-إس للحواسيب المكتبية عام 2021، وهي المرة الأولى التي تقرر فيها إنتل تقديم معالج هجين بمعمارية x86 للحواسيب المكتبية، إذ ستدمج بين النوى الصغيرة والكبيرة، وكشفت أيضًا عن بعض الخطوط العريضة لمبادرتها التصميمية كلاينت 2.0، التي من شأنها أن تدعم عمليات دمج المعماريات مستقبلًا.
تذكرنا معمارية الشريحة الجديدة ألدر ليك-إس بمعمارية آرم الشهيرة (بيغ.ليتل)، التي استخدمت النوى الكبيرة في المهام الحاسوبية ذات الأولوية الأكبر، والنوى الصغيرة للمهام البسيطة التي تعمل في خلفية النظام. لم تصرح إنتل عن التفاصيل الدقيقة لشريحتها الجديدة، لكنها أفادت أن ألدر ليك-إس سيستخدم نوى غولدن كوف ونوى أتوم غريسمونت، وحسب خطة إنتل المعروفة يمكن القول بثقة إن معالجات ألدر ليك-إس ستصدر بعد إطلاق معالجات روكيت ليك، التي ستكون الخط الإنتاجي القادم لمعالجات الحواسيب المكتبية.
أبدعت إنتل في تصميم المعمارية الهجينة x86 بشرائح ليكفيلد، فنماذجها الأولية حملت نواة سني كوف مع أربع نوى من نوع أتوم تريمونت، واستهدفت الأجهزة المحمولة مع الاهتمام بأولويتين، هما الحفاظ على أداء سلس وسريع، مع السيطرة على استهلاك الطاقة. تقول إنتل إنها ستتجنب التركيز على الكفاءة بشرائح ألدر ليك-إس وستركز على تحسين الأداء بدلًا من ذلك، وهي خطوة أسهل بسبب تحسن الطاقة في الحواسيب المكتبية وتوفر حلول جيدة للحرارة.
إن وجود زوج من النوى عالية الأداء نقطة بداية جيدة، وبالمقارنة مع شرائح ليكفيلد، يُعد وجود النوى عالية الأداء ومحدودة الأداء معًا خطوة للأمام في طريق تصميم المعماريات الدقيقة. في الواقع، نرى في استخدام شرائح ألدر ليك-إس لنوى كوف قفزةً لجيلين، مقارنةً بنوى سني كوف في شرائح ليكفيلد، فنوى غولدن كوف تتضمن تحسين الأداء في جوانب: المعالجة الأحادية والذكاء الصناعي والشبكة والجيل الخامس، مع تحسينات أمنية مقارنةً بنوى ويلو كوف، التي ظهرت لأول مرة في معالجات تايغر ليك في 2020.
أما نوى غريسمونت فتقدم قفزةً تطورية تمثل جيلًا بالنسبة إلى نوى إنتل، وستكون أكفأ على مقياس الأداء بالنسبة إلى المساحة مقارنةً بنوى غولدن كوف الأكبر حجمًا، وفيها أيضًا تحسين لأداء عمليات المصفوفات، ما يشير بوضوح إلى دعم مستوى جديد من معمارية (AVX)، وقد ينبئ دعم التعليمات المفردة عن بعض التحسينات في جدولة نظام التشغيل الذي سندركه قريبًا.
أعلنت إنتل في خطتها أيضًا عن تحسينات جديدة في أداء المعالجة الأحادية في نوى غريسمونت، لكنها لم تفصح عن التردد كما فعلت في مؤتمرها السابق 2018. ولم تحدد تصميم نوى ألدر ليك-إس، ولا نعرف هل ستكون ثلاثية الأبعاد مثل شرائح ليكفيلد؟ سنرى مع الوقت.
كما ركزت إنتل في شرائح ليكفيلد على عمر البطارية للأجهزة المحمولة، فقد ركزت أيضًا على تصميم الشريحة الفيزيائي، إذ أتاحت مساحة شرائح ليكفيلد الصغيرة -بفضل التكديس ثلاثي الأبعاد- تضمينها في أجهزة محمولة أصغر وأرق وأخف وزنًا. أما الآن، فلا تتأثر الحواسيب المكتبية بهذه الأمور، ولن تضطر إنتل إلى استخدام تقنية مكلفة مثل فوفروس للتكديس ثلاثي الأبعاد، إذ يمكن استخدام قالب صناعي واحد متوافق مع نوعين من الشرائح المنفصلة حسب كل نوع من أنواع النوى.
وبالجمع بين هذين النوعين، يصبح لدى إنتل عدد مُذهل من الخيارات في إعداد المعالج، إذ أُدرِج 12 خيارًا لتصحيح بعض الأخطاء في برمجية كوربوت مفتوحة المصدر للوحة الأم. توضح لنا هذه القائمة مجموعة مختلفة من النوى الكبيرة والصغيرة في هيئة نماذج مختلفة للشرائح، حتى أن بعض الطُرُز استخدمت النوى الكبرى فقط، لكن لم يتأكد ظهور أي من تلك النماذج عند الإصدار الفعلي. ومع ذلك، من المرجح أن تضع إنتل شرائح ألدر ليك-إس بوصفها خيارًا مناسبًا للحواسيب المكتبية، مهما اختلفت مهامها، ما يؤكد وجود عدة خيارات.
كان معالج ليكفيلد من إنتل مساحة اختبار لكل من تقنية فوفيروس وتمكين التطوير العام للبرمجيات وأنظمة التشغيل، وسبق أن أشارت إنتل في المؤتمر إلى الفروق والمكاسب المرجوة من شرائح ليكفيلد، والمزيد من التركيز على مستقبل التصميمات الهجينة، مع ذلك ستكون تحسينات الأداء مشروطة بتحسينات العتاد ونظام التشغيل، فوجود نوى سريعة وبطيئة معًا، محسنة لتلائم اختلافات التردد والجهد الكهربي يفرض على نظام التشغيل العلم بهذا التصميم ليضمن أفضل توجيه للمهام إلى النواة الصحيحة، للتمتع بأفضل استهلاك وأقل جهد. فمثلًا، إذا أوكلت مهمة ثقيلة وحساسة وتتأثر بالتأخير كتصفح الإنترنت إلى نواة أقل جهدًا، سيتأثر الأداء بالتأكيد، وبالعكس، إذا أوكلت مهمة في خلفية نظام التشغيل إلى نواة قوية ستفقد مكاسب توفير الطاقة.
يجري العمل بالفعل على مُجدول نظام تشغيل الموجه بالأجهزة في نظام التشغيل ويندوز، وبعض التطبيقات الأخرى لدعم هذه التقنية، ومع ذلك، تعتمد شرائح ليكفيلد من إنتل في تنسيقها الحالي على دعم كل النوى لنفس مجموعة التعليمات المذكورة. أفاد راجا كودوري -كبير مصممي المعالجات في إنتل- أن المُجدول الجديد من الجيل التالي سيظهر لأول مرة مع شرائح ألدر ليك المنتظرة، لكنه لم يحدد التفاصيل. قد يضيف المُجدول الجديد دعمًا لاستهداف النوى بمجموعة محددة من التعليمات، ما سيدعم بدوره إنجاز تقسيم العمل، وسيتضح ذلك مع الوقت.
يُعد انتقال إنتل للعمل على إطلاق بنيتها المعمارية الهجينة x86 مخاطرةً، خصوصًا في مواجهة (إيه إم دي) التي تستمر بتطوير المعالجات المبنية على الرقاقات الوحدوية، ومع ذلك، يبدو أن إنتل ستلتزم في المستقبل بنيتها الهجينة تلك، وقد قدمت في مؤتمرها عرضًا قصيرًا يوضح الخطوط العريضة التي ستنتهجها إنتل فيما يخص مبادرة كلاينت 2.0، التي تسعى لربط العديد من أحدث تقنيات إنتل بمنهجية تصنيع جديدة لمعالجاتها القادمة، بهدف اقتحام السوق بسرعة بمنتجات قابلة للتوسع واستهداف أجهزة معينة.
اعتمدت معالجات إنتل سابقًا تصميمًا متجانسًا أحادي النوى متعدد الأغراض، أما مبادرة كلاينت 2.0 فتوظف العديد من التقنيات الجديدة التي وفرتها إنتل، مثل: تقنيات التغليف المتطورة والروابط البينية الدقيقة وتقنيات الذاكرة الجديدة، وفي ذات الوقت تشجع الإبداع في الحوسبة الافتراضية وواجهات برمجة التطبيقات المتقدمة.
تهدف إنتل في منهجية التصميم هذه إلى تقليص الوقت الذي يتطلبه تصميم منتج جديد وتطويره من 3-4 سنوات إلى سنة واحدة، ما سيزيد من مرونة إنتل يمنحها القدرة على تغيير المنتجات بسرعة أكبر عند التغييرات الإنتاجية والسوقية غير المتوقعة، وتهدف أيضًا إلى تقليل وقت التحقق المطلوب لتطوير أي منتج، ما سيقلص التكلفة.
ستفيد هذه المبادرة أيضًا في إعادة استخدام كبيرة وملحوظة لتقنيات الملكية الفكرية التابعة لإنتل على أوسع نطاق في منتجاتها، بعكس عمليات التنفيذ الحالية التي تتخصص لكل معمارية دقيقة على حدة، وتستخدم تلك الطريقة عدة مبادئ تصميمية، مثل منهج القوالب المتعددة، الذي يستند إلى الشرائح وتنتقل إنتل إليه الآن، ويبقى النهج أحادي القالب مرتبطًا بعدة مستويات من الذاكرة الخارجية.
مع ذلك، لم تقدم إنتل المزيد من التفاصيل حول المبادرة، ويبقى ما ذكرته غامضًا وغير مستفيض، لأنه مازال في طوره الأول. تعد إنتل بالإعلان عن المزيد من التفاصيل في المستقبل. عمومًا، بات من الواضح التزام إنتل الشديد دمج تصميماتها ومطابقتها لتمتد إلى ما هو أبعد من البنى التصميمية الحالية لشرائحها، وستكون المعمارية x86 الهجينة الدعامة الرئيسية لإنتل في شرائحها القادمة وخطوطها الإنتاجية مستقبلًا.
اقرأ أيضًا:
شركة أبل تبدأ باستخدام معالجاتها الخاصة في نهاية 2020
تحطيم الرقم القياسي لأسرع حاسوب فائق في العالم
ترجمة: أحمد الشهاوي
تدقيق: محمد حسان عجك
مراجعة: أكرم محيي الدين