يقود عالم الروبوتات ويليام ريد ويتاكر عملية تطوير روبوت صغير ذو عجلات يسمى إريس ليصبح أول مركبة فضائية (روفر) غير مأهولة تُرسَل من الولايات الأمريكية إلى القمر لاستكشافه، ومن المقرر إطلاق هذا الروبوت في منتصف 2022.
لم يُبنَى إريس على أيدي مهندسين خبراء في وكالة ناسا أو شركة طيران كبيرة، إذ صُمّمَ بأيدي طلاب جامعيين في مؤسسة ويتاكر التابعة لجامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرغ.
تمتد أعمال العالم ويليام الحاصل على درجة الدكتوراه من تنظيف الحوادث النووية إلى بناء سيارات آلية دون سائق. إذ بنى العالم ثلاثة روبوتات ساعدت على تنظيف مفاعل محطة توليد الطاقة النووية في جزيرة ثري مايل في بنسلفانيا من الغازات المشعة التي تعرضت لها في 28 آذار 1979، وكان ذلك أمرًا ثوريًّا على حد وصفه لعدم وجود روبوتات في المجال النووي بعد.
وعمل بعدها في السبعينيات من عمره على كثير من التطورات في مجال الروبوتات، إذ صمم روبوتات لأتمتة العمليات الزراعية واستكشاف مناطق الكوارث مثل انهيارات المناجم.
وقد بنى أيضًا سيارات ذاتية القيادة ليفوز عام 2007 في مسابقة برعاية داربا (وكالة الأبحاث العسكرية الأميركية). ووفقا لشركة إنتل، فإنه من الممكن أن تبلغ قيمة قطاع السيارات ذاتية القيادة 7 تريليون دولار بحلول عام 2050.
قال ويتاكر أن استكشافه للقمر كان نتيجة وضعه هذا الهدف منذ أكثر من ثلاثة عقود، ففي الثمانينيات من القرن الماضي، قرّر استكشاف العوالم الأخرى بالإضافة إلى تطوير كوكب الأرض وحمايته.
حتى الآن يبلغ عدد المركبات الفضائية المستكشِفة للقمر 4 فحسب، وهي مركبات لوناخود1 ولوناخود2 (اللتان أطلقهما الاتحاد السوفيتي في السبعينيات) وروبوتات يوتو من الصين، ومن المحتمل ازدياد هذه الأعداد في السنوات المقبلة.
شارك ويتاكر في تأسيس شركة فضائية تدعى أستروبوتيك بهدف الفوز بجائزة جوجل أكس القمرية (Google lunar X) لعام 2007، التي عرضت جائزة بقيمة 20 مليون دولار لأول فريق ممول من القطاع الخاص يهبط بمركبة على القمر، لكن لم يتمكن أحد من المتأهلين من الحصول على عقد الإطلاق بحلول الموعد النهائي المحدد.
وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بدأت الحواجز السابقة أمام رحلات استكشاف الفضاء بالزوال، وفي عام 2016 حوّلت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب التركيز على رحلات استكشاف الفضاء في وكالة ناسا من المريخ إلى القمر مجددًا.
أنشأت وكالة الفضاء ناسا برنامجًا يسمى CLPS (خدمات النقل التجارية إلى القمر)، لتشجيع الشركات الخاصة على إرسال روبوتات إلى القمر، بهدف دعم المهام البشرية مع إمكانية بيع الأماكن الفارغة في المركبة لعملاء آخرين.
قال ويتاكر إن المركبة إريس (التي تعمل بالبطارية وهي بحجم علبة الأحذية) ستستفيد من إحدى فرص الطيران هذه، إذ ستقوم بجولات على سطح القمر لمدة 72 ساعة، وأضاف إنها مركبة متخصصة ومتكاملة بالإضافة إلى أن تحديات تحقيق التكنولوجيا المطلوبة في مساحة صغيرة كمساحتها كانت كبيرة.
أردف ويتاكر واصفًا عمله مع طلاب جامعة كارنيجي ميلون بأنهم فريق ملهم وذو كفاءة عالية، وأضافت راوين دوفال (نائبة مدير برنامج إريس) إن الطلاب مستعدين لتحمل المخاطر وتجريب أشياء جديدة، مبينةً أنها لا تستطيع تخيل كم سيكون الأمر مذهلًا عند وصول إريس إلى سطح القمر، وبدء الفريق بإرسال الأوامر للروبوت (المركبة) ووصول الصور التي ستلتقطها الكاميرات المتوضعة على متن المركبة، إذ تبلغ سرعة نقل البيانات إلى الأرض حوالي 50 كيلو بت في الثانية، لذا سيستغرق وصول الصور منخفضة الجودة التي تساعد في تجوّل المركبة على القمر دقيقة واحدة أما الصور عالية الجودة المستخدمة لأغراض علمية ستستغرق نحو 10 دقائق.
ستسافر المركبة إلى لاكوس مورتيس (سهل من تدفقات الحمم البركانية) الواقع في الجزء الشمالي الشرقي من النصف القمري المواجه للأرض، وأكدت أن هذه المنطقة تعد مسطّحة نسبيا مما سيسهل هبوط المركبة هناك، لكنها من جهة أخرى ذكرت أيضًا إمكانية وجود صعوبات خلال العملية.
ستنضم مجموعة من المركبات الجوّالة الصغيرة التي صنعتها وكالة الفضاء المكسيكية إلى إريس، ومن المتوقع أيضًا إطلاق مهمة شاندريان-3 الهندية التي ستطلق مركبة متقدمة، ورحلة أخرى من برنامج CLPS لمركبة هبوط تدعى نوفا-سي التي بنتها شركة انتيوتف ماشينز في هيوستن لتنقل أدوات علمية لناسا وزبائن آخرين.
وقد بنى ويتاكر مركبة متجولة أكبر من إريس أيضًا، تسمى مون رانجر، ومن المقرر إطلاقها عام 2023 على مركبة الهبوط التي بنتها شركة ماستن سيستمز في موجاف. وستكون مركبة مون رانجر ذاتية القيادة بخلاف إريس التي يتحكم بها الطلاب من الأرض بإرسال الأوامر لها.
وبالنظر لما هو أبعد من هذه المهمة، يقول ويتاكر أن الكثير من الاكتشافات الأخرى لديها القدرة على تغيير طريقة استكشاف الروبوتات للنظام الشمسي. وأن المركبات تستخدم حاليًّا رؤية مجسّمة لاكتشاف مخاطر الطبيعة، وسيكون مذهلّا إذا أمكن تصغير تقنية (ليدر) لتحديد المدى بالليزر لجعلها تناسب الروبوت، بالإضافة إلى أن استخدام الرقائق المدمجة للتعامل مع الكميات الهائلة من البيانات سيسبب تحولًا كبيرًا.
اقرأ أيضًا:
يريد العلماء إرسال أسراب من الروبوتات ذاتية التحكم للتنقيب على سطح القمر
تزعم شركة «سبيس إكس» أنها ستعيد البشر إلى القمر قبل عام 2024!
ترجمة: تسنيم فندقلي
تدقيق: يمنى عيسى
مراجعة: محمد حسان عجك