مشروبات الطاقة هي مشروبات شائعة تهدف إلى تحسين الطاقة واليقظة والتركيز، إذ تعزز محتوياتها -مثل الكافيين والسكر وفيتامينات ب والمستخلصات العشبية ومشتقات الأحماض الأمينية مثل التورين- الجوانبَ العقلية والجسدية. لكن إضافة إلى فوائدها، توجد العديد من المخاوف الصحية المرتبطة باستهلاكها، لاحتوائها على كميات كبيرة من الكافيين والسكر والمحليات الصناعية، ولكن القلق الأكبر حيال مشروبات الطاقة هو الاعتماد والإدمان.
سنستعرض في هذا المقال إدمان مشروبات الطاقة وأعراضه وآثاره الجانبية وكيفية الوقاية منه أو إيقافه.
ما هو إدمان مشروبات الطاقة؟
الإدمان هو حالة نفسية تعبر عن الرغبة المستمرة في استخدام مادة ما أو الانغماس في سلوكٍ ما رغم عواقبه السلبية.
قد لا يبدو إدمان مشروبات الطاقة ضارًا مثل إدمان المخدرات، ولكن إدمانها يشترك مع إدمان المخدرات سلوكيًا في نواحٍ عديدة.
تسبب مشروبات الطاقة إدمانًا لدى بعض الناس لاحتوائها على العديد من المواد المسببة للإدمان، مثل الكافيين، والسكر أو المحليات الصناعية. ولا يوجد تعريف رسمي طبي لإدمان مشروبات الطاقة، ولكن تلبيةً لغرض المقال سنعرّفه على أنه شرب كميات كبيرة من مشروبات الطاقة مع غياب القدرة على التحكم في تناولها.
علامات إدمان مشروبات الطاقة:
قد يسبب إدمان مشروبات الطاقة أعراض إدمان مرتبطة بوظيفة الدماغ والجهاز العصبي، مثل:
- رغبة شديدة في تناول مشروب الطاقة.
- تصور ذهني لتناولها.
- عدم القدرة على التحكم في تناولها.
- وعلامة أخرى هي معاناة أعراض الانسحاب حال الامتناع عن مشروبات الطاقة، مثل الصداع والهياج والتعب والاكتئاب.
الآثار الجانبية لإدمان مشروبات الطاقة:
قد يسبب إدمان مشروبات الطاقة آثارًا جانبيةً سلبيةً أخرى:
تعد مشروبات الطاقة مشروباتٍ حمضيةً قد يؤدي استهلاكها المتكرر مع الوقت إلى تصبغ الأسنان وتآكل المينا، ما قد يجعل الشخص أكثر عرضةً لمشكلات الأسنان، مثل التسوس، الذي قد يكون بدوره أكثر إثارة للقلق إذا كان الشخص يتناول بانتظام مشروبات طاقة كاملة السكر، إذ يغذي السكر البكتيريا ما يعزز التسوس.
كذلك قد يؤدي الاستهلاك المتكرر لمشروبات الطاقة إلى زيادة الوزن اعتمادًا على عدد العلب التي يشربها الشخص، إذ تحتوي مشروبات الطاقة كاملة السكر نحو 110 سعرة حرارية -جميعها من السكر- لكل 250 مل، ولكن العلب الأكبر حجمًا مثل العبوات سعة 590 مل تضيف بسهولة 275 سعرة حرارية إضافية أو أكثر يوميًا.
ربطت الدراسات أيضًا تناول مشروبات الطاقة المتكررة وتناول المشروبات المحلاة بالسكر بمشكلات صحية مزمنة، مثل أمراض القلب والسكري من النمط الثاني واضطرابات الكلى.
قد يبدو اختيار مشروبات الطاقة الخالية من السكر أكثر جاذبيةً، لانخفاض نسبة السكر والسعرات الحرارية فيها، ولكنها تحوي القدر نفسه من الكافيين، وترتبط المحليات الصناعية أيضًا بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني والمتلازمة الاستقلابية.
وبصرف النظر عن المشكلات الصحية، ربما يكون لشراء مشروبات الطاقة تأثيرٌ كبيرٌ في نفقات المرء إذ قد يكون شراء مشروب أو اثنين أو أكثر من مشروبات الطاقة يوميًا التكلفة ذاتها لإدمان السجائر.
كيف يحدث إدمان مشروبات الطاقة؟
قد يحدث إدمان مشروب الطاقة تدريجيًا أو بسرعة إذ تؤثر عدة عوامل في تحديد كيفية تطور الإدمان، متضمنةً التاريخ الشخصي والعائلي، إضافة إلى النواقل الكيميائية العصبية.
تكمن مشكلة مشروبات الطاقة التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين والسكر بأنها يمكن أن تتسبب بإفراز كميات أعلى من الدوبامين، وهرمون السعادة. ومع ذلك، فإن الجانب الأكثر سلبية هو ازدياد استهلاك مشروبات الطاقة مع استمرار قلة المتعة التي يشعر بها الشخص استجابةً للدوبامين، ما يؤدي إلى استهلاك كميات متزايدة للاستمرار في الاستجابة الدوبامين فيحدث الاعتماد.
يمكن أن تسبب مشروبات الطاقة الإدمان من منظور نفسي أيضًا، إذ قد يشعر بعض الناس أنهم لا يستطيعون أداء مهامهم اليومية دون مشروبات الطاقة ما يؤدي إلى الاعتماد كذلك.
عمومًا، يجب وضع تأثير العوامل المختلفة المؤدية للاعتماد على مشروبات الطاقة في عين الاعتبار، إذ تختلف هذه العوامل باختلاف الفرد.
الخلاصة:
يمكن أن يحدث إدمان مشروب الطاقة بسرعة أو تدريجيًا، اعتمادًا على عوامل شخصية مختلفة ويرتبط بإفراز الدوبامين -هرمون السعادة- في الدماغ.
كيفية الإقلاع عن مشروبات الطاقة:
قد يبدو من الصعب الإقلاع عن مشروبات الطاقة، ولكن توجد طرائق عدة لذلك، وتشمل الطريقتان الرئيسيتان للتخلص من الإدمان ما يلي:
- الإقلاع عن مشروبات الطاقة دفعةً واحدةً: قد يؤدي إلى ظهور أعراض الانسحاب، ولكنه قد يساعد الجسم على التعافي من إدمان مشروب الطاقة في وقت أسرع من تقليل التناول التدريجي.
- إنقاص الوارد: يتضمن ذلك تقليل تناول مشروب الطاقة ببطء ومنهجية حتى تتمكن من الإقلاع عنها وقد يستغرق الأمر وقتًا أطول، ولكنه يساعد عادةً في تجنب أعراض الانسحاب.
- لكلتا الطريقتين مزايا وعيوب، لذلك يفضل اختيار الطريقة التي تناسب أسلوب حياة وشخصية الفرد.
- علاوة على ذلك، قد يكون من المفيد طلب المساعدة المتخصصة حال الشعور بصعوبة الإقلاع عن تناول مشروبات الطاقة.
كيفية التعامل مع أعراض الانسحاب:
تُعد أعراض الانسحاب سببًا رئيسيًا لصعوبة الإقلاع عن المواد المسببة للإدمان؛ إذ تظهر الأعراض غالبًا حال تعذُّر الوصول إلى المادة -مثل مشروبات الطاقة- ومن المرجح أن تحدث لدى محاولة الإقلاع عنها.
تشمل أعراض الانسحاب المترافقة مع إدمان مشروبات الطاقة الصداع والتعب والهياج وصعوبة التركيز والاكتئاب.
وغالبًا ما ترتبط أعراض الانسحاب المذكورة بالإقلاع عن الكافيين، وقد تستمر من 2 إلى 9 أيام.
عند مواجهة صعوبة في تدبير أعراض الانسحاب هذه لدى محاولة الإقلاع، فيجب طلب الدعم من أخصائي الرعاية الصحية.
بدائل مشروبات الطاقة:
أسهل طريقة لمحاربة إدمان مشروبات الطاقة الاستعاضة عنها بشيء مشابه. وفيما يلي بعض البدائل الصحية الخالية من الكافيين والسكر والمحليات الاصطناعية أو التي تحوي على قدرٍ ضئيلٍ منها:
- القهوة منزوعة الكافيين تمامًا.
- منقوع الفواكه.
- المياه الفوارة، غير المحلاة تمامًا.
- الشاي الأخضر، متضمنةً زجاجات المنتجات الفوارة.
- شاي الأعشاب أو الفاكهة.
- كومبوتشا أو الشاي المخمر.
نصائح أخرى لتغيير نمط الحياة:
إضافةً إلى الخيارات المذكورة أعلاه، توجد بعض التغييرات في نمط الحياة التي قد تساعد بدورها على البقاء على المسار الصحيح لدى محاولة الإقلاع عن مشروبات الطاقة:
- تغيير طريقة التفكير، فإذا أصاب المرء الحنين وتاق لتناول مشروبات الطاقة، فمن المفيد محاولة إبعاد نفسه عن الفكرة أو تغيير بيئته مثل الذهاب في نزهة.
- ابقِاؤها بعيدة عن المتناول، يمكن أن يساعد التأكد من عدم وجود مشروبات طاقة في المنزل أو مناطق يسهل الوصول إليها في تقليل الإغراء وتقليل الرغبة الشديدة.
- قد يكون إقلاع المرء عن أي مادة بمفرده أمرًا صعبًا، لذا من الجيد أن يدع الأشخاص المقربين يعلمون أنه يحاول الإقلاع عن الإدمان كي يتمكنوا من إبقائه على المسار الصحيح.
- تقليل مستويات التوتر؛ إذ قد يؤدي الإجهاد إلى الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة والمشروبات، لذا فإن المشاركة في أنشطة تخفيف التوتر -مثل التمارين المنتظمة واليوجا والتأمل والتنفس العميق- قد تساعد على التحكم في الرغبة الشديدة.
الخلاصة:
قد يكون الإقلاع عن مشروبات الطاقة أمرًا صعبًا، وله طريقتان: إيقافها دفعة واحدة أو التقليل من تناولها، إذ لكل خيارٍ مزايا وعيوب وعند وجود صعوبة في الإقلاع، يجب طلب الدعم من أخصائي رعاية صحية.
أخيرًا:
يشكل إدمان مشروبات الطاقة خطرًا على الصحة، إذ إن الإفراط في تناولها قد يؤدي إلى تسوس الأسنان وزيادة الوزن والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب أو الداء السكري من النمط الثاني، وقد يؤثر في النفقات المالية أيضًا.
يمكن الإقلاع عن مشروبات الطاقة أو تقليل الوارد منها تدريجيًا، ولكل خيارٍ إيجابياته وسلبياته.
إذا وجد الشخص صعوبةً في الاعتدال في تناول مشروبات الطاقة، فليفكر في طلب دعم من مقدم الرعاية الصحية.
اقرأ أيضًا:
مشروبات الطاقة هل هي مفيدة أم مضرة؟
مشروبات الطاقة و الكحوليات تملك نفس تاثير الكوكايين على الدماغ
ترجمة: ليال يوسف
تدقيق: أسعد الأسعد
مراجعة: حسين جرود