قد تبدأ الاضطرابات العقلية مبكرًا في الحياة، وهذا يعني أن الآباء ومتخصصي الرعاية الصحية يجب أن يكونوا قادرين على التعرف على العلامات والتدخل بشكل مناسب.
وكما سيقول لك أي عالم في علم الأمراض والأوبئة، إنّ أحد الخطوات الأولى لفهم مرض أو حالة وطريقة علاجها بشكل أفضل هو تحديد عدد الأشخاص المصابين به وما يشترك فيه هؤلاء الأفراد، وتسمح هذه البيانات لباحثي الصحة العامة بقياس ما إذا كان المجتمع يقوم بعمل جيد في حل وإدارة المشكلة أم لا.
وللوصول لهذه الغاية، قامت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) مؤخرًا بملأ التقرير الأول الذي يقدر عدد الأطفال الأمريكيين الذين يعانون من اضطرابات عقلية مُحددة، وذلك باستخدام بيانات على مستوى الدولة والتي جُمعت بين عامي 2005 و 2011، وأظهر هذا البحث أن 8,6٪ من الأطفال الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 17 سنة تم تشخيصهم بالاكتئاب أو القلق، أو مشاكل سلوكية خلال ذلك الوقت، وقد كشفت مبادرات أخرى لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها معدلات انتحار الشباب التي ترتفع بشكل مثير للقلق، واضطراب نقص الانتباه – فرط النشاط (ADHD)، ومتلازمة توريت، استخدام الكحول والمخدرات، واضطراب طيف التوحد.
ومع ذلك، فإن إحدى القضايا التي لا نعرف عنها إلا القليل هي اضطرابات الأكل لدى الأطفال (Eds).
استنتجت إحدى الدراسات التي نشرت في عام 2014 واستنادًا إلى معلومات من سنة 2001 إلى سنة 2004 أن انتشار جميع الـ EDs – فقدان الشهية العصبي، الشره العصبي، اضطراب الإفراط في الأكل، وغيرها بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 11 سنة يبلغ حوالي 0,1٪، ولكن هذا التحقيق والذي كان في السابق التقييم الوحيد على المستوى القومي للمفكريين في مرحلة ما قبل المراهقة، لم يدرس مدى انتشار أنواع محددة من اضطرابات الأكل بشكل منفصل.
ولملء هذه الفراغات، سعى فريق من الأطباء والأخصائيين النفسيين من جامعة كاليفورنيا سان دييغو وجامعة ولاية سان دييغو، وقاموا بتحليل بيانات من مجموعة تضم 4،524 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 10 سنوات، والتي تمثل إجمالي عدد الشباب من تلك الفئة العمرية في الولايات المتحدة (ن = 8.080.738).
نُشرت نتائج هذا البيان في (JAMA) لطب الأطفال، والتي قامت بالإشارة إلى أنّ هناك المزيد من الأطفال يعانون من اضطرابات الأكل أكثر مما كنا نعتقد سابقًا، وبشكل عام، كان 1.4٪ من الأطفال يعانون من نوع ما من اضطرابات الأكل، وأشار أيضًا إلى أن حوالي 7 في المئة من الأطفال المصابين كانوا مشخصين بفقدان الشهية، 43٪ يعانون من اضطراب الإفراط في تناول الطعام، و50٪ من اضطرابات التغذية / أكلات محددة أخرى، ولا مريضًا كان مصابًا بالشره المرضي العصبي.
كان هذان الموضوعان جزءًا من استطلاع منفصل يُدعى دراسة تنمية الإدراك للمراهقين (Adolescent Brain Cognitive Development) واختصارها (ABCD)، وكجزء من هذا البحث، تم القيام بتحديد وتشخيص اضطراب الأكل عن طريق مسح محوسب والذي يتم ملؤه من قبل أحد الوالدين أو الوصي والذي كان يعتمد على مقاييس في الطبعة الخامسة من الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية.
ومن الملاحظات، وجد الباحثون أنّ معدلات أمراض واضطرابات الأكل كانت متقاربة بين البنين والبنات، على عكس الأبحاث السابقة التي تشير إلى أن هذه الأمراض لا تصبح شائعة في الإناث إلّا بعد البلوغ.
ومن خلال المضي قدمًا في هذه البيانات، يأمل علماء سان دييغو فحص مجموعة بيانات (ABCD) بشكل أكثر شمولًا والقيام بإجراء تحليلات لها عامل في عرق وأصل الأطفال، ومؤشر كتلة الجسم، والظروف النفسية المتزامنة.
- ترجمة: أمجد الخصوصي
- تدقيق: محمد قباني
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر