اكتشف العلماء هذا العام بعضًا من أروع أسرار كوكب الأرض ، إذ وجدوا أنهارًا خفية، وأجزاءً من القارات المفقودة وبقايا غابات مطيرة قديمة، وتعمقوا أكثر في التاريخ القديم للكوكب باستخدام أحدث التقنيات. ومن يدري ما سوف يكتشفونه لاحقًا!
1- الانفجار البركاني التاريخي في يلوستون:
اكتشف العلماء أن بؤرة يلوستون البركانية التي تقبع تحت الينابيع الحارة والساخنة التابعة للحديقة الوطنية في أمريكا شهدت انفجارين هائلين قبل حوالي 9 ملايين سنة، وجاء هذا الاكتشاف بعد تحليل الرواسب والمسالك الصخرية البركانية القديمة في المنطقة، والتي قدّمت لفريق البحث أدلة على وقوع انفجارين بركانيين فائقين لم يُعرفا عليهما من قبل، أُطلق على الأول اسم «انفجار مكمولين كريك الفائق»، وعلى الثاني اسم «انفجار غرايز لاندينج الفائق».
حطم ثوران بركان غرايز لاندينغ السجلات باعتباره أكبر ثوران بركاني اكتشف في يلوستون الساخنة على الإطلاق؛ قبل حوالي 8.72 مليون سنة، وقد غطى الحطام البركاني الناتج عن الانفجار مساحةً تقرب من 23 ألف كيلومتر مربع، هذه المساحة هي الآن جنوب أيداهو وشمال نيفادا.
2- الكتل الصخرية الضخمة بالقرب من قلب الأرض أكبر مما كنا نظن:
اكتشف العلماء أنّ كتلًا صخرية بحجم القارات تقع على حدود وشاح الأرض الصلب واللب الخارجي السائل، لكنهم هذا العام يعتقدون أنها قد تكون أكبر مما تخيلناه. فوفقًا للتقديرات السابقة، فإن أكبر هذه الكتل الصخرية ارتفاعًا قُدّر بـ 100 مرة طول جبل إيفرست. ولكن بعد دراسة عقود من البيانات الزلزالية، يتوقع العلماء الآن أن الكتلة الكبيرة الواقعة تحت المحيط الهادئ قد تكون في الواقع أضخم بكثير. على سبيل المثال، اكتُشفت بنية جديدة على طول حافة الكتلة يبلغ قطرها أكثر من ألف كيلومتر.
3- الجزر المفقودة في بحر الشمال صمدت أمام تسونامي هائل:
منذ حوالي 8 ألاف سنة، ضرب تسونامي أحد السهول بين بريطانيا وهولندا وأغرق المنطقة. لكن تشير الأبحاث إلى أن بعض الجزر ربما صمدت في وجه التسونامي، وشكّلت موطنًا للبشر في العصر الحجري لآلاف السنين، وظلت هذه الجزر فوق سطح الماء لبعض الوقت بعد ذلك، إلا أن ارتفاع مستوى سطح البحر أدى في النهاية إلى غرقها بعد حوالي 1000 عام. اكتشف العلماء أن الجزر المفقودة قد نجت من ذلك التسونامي فقط بعد جمع الرواسب من قاع البحر بالقرب من المصب الإنجليزي الشرقي لنهر أويز (River Ouse).
4- عمر نواة الأرض مليار سنة:
يقدر العلماء أن النواة الداخلية الصلبة للأرض- كرة من الحديد يبلغ قطرها 2442 كيلومترًا- تشكلت على الأرجح منذ حوالي مليار إلى 1.3 مليار سنة. فبإعادة محاكاة الظروف الموجودة في النواة على نطاق صغير جدًا، تمكن الفريق من حساب المدة التي ستستغرقها كتلة من الحديد المنصهر لتتوافق مع الحجم الحالي للنواة. تتماشى المدة الزمنية التي تمتد لما يقرب من مليار سنة بشكل جيد مع التقلبات التاريخية التي شهدها المجال المغناطيسي للكوكب، والذي نمى بقوة أكثر بين مليار و 1.5 مليار سنة مضت. قد يكون تبلور النواة الداخلية أدى إلى تعزيز المغناطيسية بطاقة أكبر؛ لأن تبلور النواة كان سيطلق حرارة في اللب الخارجي السائل، وهذه الحرارة من شأنها أن تخلق حركة متموّجة في السائل، وبدورها تزود المجال المغناطيسي بالطاقة.
5- جزء من القارة المفقودة وُجدت تحت كندا:
اكتشف العلماء مؤخرا جزءًا كبيرًا من قارة مفقودة كانت قد انقسمت إلى أجزاء هائلة منذ حوالي 150 مليون سنة تحت كندا، وتوصلوا إلى هذا الاكتشاف المذهل أثناء دراستهم لنوع من الصخور البركانية الحاملة للألماس يسمى كيمبرلايت (kimberlite).، التي جُمعت من عمق بلغ 400 كيلومتر تحت جزيرة بافين (Baffin) في شمال كندا. تطابقت الكيمياء المعدنية للكمبرلايت مع تلك الموجودة في القارة المفقودة، ما يجعل موقع العينة أعمق نقطة عُثر فيها على دليل للقارة.
6- أنهار تحت المياه بالقرب من أستراليا:
اكتشف العلماء هذا العام، باستخدام مركبات ذاتية التحكم تحت الماء، أنهارًا ضخمة من المياه الباردة والمالحة تتدفق من الساحل الأسترالي إلى أعماق المحيط. وتتشكل هذه الأنهار عندما تفقد المياه الضحلة حرارتها بالقرب من الساحل خلال فصل الشتاء. يؤدي التبخر خلال أشهر الصيف إلى جعل هذه المياه الضحلة أكثر ملوحة من المياه العميقة، لذلك عندما تبرد، تغرق هذه المياه الكثيفة المالحة عبر المحيط كنهر تحت الماء. تمتد هذه الأنهار على بعد آلاف الأميال وتحمل المغذيات والمواد النباتية والحيوانية والملوثات إلى المحيط.
7- غابة مطيرة قديمة تحت جليد القطب الجنوبي:
قد تكون قارة أنتاركتيكا آخر مكان يتوقع الإنسان أن يجد فيه بقايا غابة قديمة مطيرة، ولكن هذا بالضبط ما وجده العلماء تحت الجانب الغربي من القارة، حيث اكتشفوا بقايا الغابة على شكل رواسب مندثرة في قاع البحر بالقرب من نهر جزيرة الصنوبر الجليدي، وبعد معاينة هذه الرواسب، لاحظ العلماء أن هناك طبقة من الرواسب لونها مختلف عن البقية، وبعد الفحص الدقيق، وجدوا حبوب اللقاح القديمة والجراثيم وقطع النباتات المزهرة وشبكة من الجذور داخل الطبقة يعود تاريخها إلى 90 مليون سنة، تحديدًا إلى منتصف العصر الطباشيري عندما كان مناخ القطب الجنوبي المتجمد الآن أكثر اعتدالًا آنذاك.
8- قاع بحرٍ قديم مدفون تحت الصين:
عُثر هذا العام في عمق عدة أميال تحت الصين على لوح من الصخورٍ كان فيما مضى جزءًا من قاع المحيط الهادي، ويستمر هذا اللوح الصخري، الذي كان يرتكز قديما على الغلاف الصخري المحيطي -الطبقة الخارجية من سطح الأرض- في النزول إلى الحدود الفاصلة بين طبقات الأرض نتيجة الاصطدام بصحيفة تكتونية مجاورة دفعته للأسفل، يُسمى «حدث اندساس». الجديد في الأمر أن العلماء لم يسبق لهم أبدًا أن اكتشفوا حدث اندساس بهذا العمق تحت سطح الكوكب، من 410 إلى 660 كم تحت الأرض.
9- إحياء صفيحة تكتونية مفقودة؟
أعاد العلماء بناء نموذج رقمي لصفيحة تكتونية وأظهروا أن حركتها أدت على الأرجح إلى ظهور قوس من البراكين في المحيط الهادئ منذ حوالي 60 مليون سنة. في الماضي. جادل بعض الجيوفيزيائيين بأن صفيحة القيامة (Resurrection plate) لم تكن موجودة أبدًا، وأنها لو وُجدت فعلا لدُفعت تحت أنقاض القشرة الأرضية منذ عشرات ملايين السنين.
في هذا العام باستخدام محاكاة حاسوبية، عكس العلماء حركة هذه الصفيحة وسحبوها تقريبًا مع لوحات تكتونية قديمة أخرى إلى السطح. ووجدوا أن صفيحة القيامة بمثابة القطعة المثالية المفقودة من الأحجية، إذ إن حافتها تتطابق مع الأحزمة البركانية القديمة في ولاية واشنطن وألاسكا.
10- شعاب مرجانية ضخمة أطول من بعض ناطحات السحاب
اكتشف العلماء لأول مرة منذ أكثر من 100 سنة شعابًا مرجانية منفصلة يبلغ طولها من القاع إلى القمة 500 متر، أعلى من مبنى إمباير ستايت (381 متراً)، ويبلغ عرض هذه الشعاب المرجانية الشبيهة بالشفرة في شكلها المكتشفة قبالة ساحل استراليا، بالقرب من « الحاجز المرجاني العظيم»، 1.5 كلم، بينما تنحدر قاعدتها تحت البحر بطول 40 مترًا.
اقرأ أيضًا:
ما هي طبقات الأرض؟ كم عددها ومما تتكون كل منها؟
القوى الدافعة لحركة الصفائح – لماذا تتحرك الصفائح التكتونية ؟
ترجمة: رضوان بوجريدة
تدقيق: جعفر الجزيري