بالنسبة للنساء اللاتي يعانين عقمًا ناتجًا عن مشاكل في الرحم و يرغبن في أن يصبحن أمهات، تصبح المسألة لديهن ببساطة مثبّطةً للآمال: لا وجود للرحم يعني نفاد فرص الحمل.
تغيّرت هذه المعادلة تغيرًا جذريًا في عام 2014، عندما أجرى الأطباء السويديون عملية ولادة لطفلٍ سليم بوزن 3.9 رطل (1.77 كجم) بعد عملية زرعٍ ناجحة للرحم.
الآن، يقول الأطباء في جامعة بايلور أن امرأة دون رحم ولدت طفلًا بعد عملية زرع ناجحة للرحم، وهي المرة الأولى التي تُجرى فيها الجراحة خارج المستشفى السويدي الذي كان رائدًا في هذا الإجراء.
وشكّل النجاح خطوةً جديدةً إلى الأمام في عمليات زرع الأعضاء التي تهدف إلى تحسين حياة الشخص، وليس مجرد إنقاذ حياته.
قبل ذلك نجح العلماء في زراعة قضيب لمصابين من جرحى الحروب، وكذلك زرع يدين جديدين لطفل صغير، وأنف وجفون وشفتين جديدتين، كما أجروا زراعة فكٍّ جديد لامرأةٍ أصيبت بالشلل بعد إطلاق الرصاص في وجهها.
وتعدّ حقيقة نجاح عمليات زرع الرحم في السويد، والتي يمكن تكرارها، علامةً واعدة لآلاف من النساء اللاتي لم يتمكّنّ من الإنجاب.
وسعى الأطباء في جامعة بايلور إلى توسيع حدود العمليات، وذلك باستخدام الرحم المُتبرّع به من خارج أفراد الأسرة، وفي بعض الحالات، الأعضاء التي جاءت من الجثث.
تقول ليزا يوهانيسون، وهي جرّاحة في عمليات زراعة الرحم، لصحيفة “نيويورك تايمز”: «من أجل توسيع مجال الزراعة ليستوعب عمليات زراعة للرحم لعدد أكبر من النساء، يجب إعادة إنتاجه».
وتضيف قائلة: «لقد كان إجراء تلك الولادة مثيرًا للغاية، لقد رأيت الكثير من المواليد وقمت بإخراج الكثير من الأطفال إلى النور، ولكن كانت تلك العملية خاصةً جدًا بالنسبة لي».
وقد تم تصميم تجربة بايلور السريرية لتشمل 10 نساء، تلقت ثمانيةٌ منهن، بما في ذلك الأم الجديدة، عمليات لزرع الرحم حتى الآن.
واحدة منهن حامل، واثنتان تحاولان الظفر بفرصة حمل، وأربعة أخريات أجريت لهن عمليات زرع ولكنها باءت بالفشل، ومن ثم أزيلت تلك الأعضاء الجديدة جراحيًا.
تختلف العمليات الجراحية عن عمليات الزرع الأخرى بطريقة رئيسية واحدة: ليس المقصود منها أن تكون دائمة.
وبدلًا من ذلك، تعطى المرأة وقتًا كافيًا لتنجب طفلًا.
تُنقَل البويضة المخصّبة في المختبر إلى رحم المرأة، وبعد ولادة الطفل، يتم إزالة الرحم عن طريق الجراحة.
وهذا يعني أن المريضة لن تضطر إلى قضاء طيلة حياتها تتناول الأدوية القوية التي تقمع جهاز المناعة الخاص بها، الأمر الذي من شأنه أن يعرّضها لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة على المدى الطويل.
ولم تصدر الجامعة اسم الأم التي خضعت للعملية أو طفلها، قائلة أنها اختارت عدم الكشف عن اسمها.
ولكن وفقًا لتيك تايمز (Tech Times)، جاء الرحم المتبُرّع به من امرأة تدعى تايلور سيلر، وهي ممرضة من دالاس ولديها طفلان.
والتي قالت بدورها أنها تريد أن تقدّم الفرصة لامرأة أخرى لتتمكّن من الإنجاب.
في حين تُعد هذه الولادة الأخيرة خطوةً هامة إلى الأمام، فإن جراحة زرع الرحم لا تزال في أيامها الأولى، وأقر الأطباء أن هناك بعض الانتكاسات، لا سيما مع أول المتطوعين.
في فبراير 2016، كانت ليندسي ماكفارلاند أول امرأةٍ تخضع لعملية زراعة الرحم في الولايات المتحدة.
أُخذ الرحم من متبرعةٍ متوفاة وأُجريت زراعته خلال عمليةٍ جراحية استمرت تسع ساعات.
أعطتنا قصتها شعورًا بمدى ضعف عملية الجراحة الناشئة.
فقد تعين عليها أن تتم إزالة رحمها المزروع بعد إصابتها بعدوى خميرية.
ووفقا لمجلة نيوزويك، فإن معظم النساء في التجربة السريرية “بايلور” كنّ يعانين من متلازمة (Mayer-Rokitansky-Küster-Hauser (MRKH) syndrome), الأمر الذي يجعل الحمل والولادة لديهن مستحيلًا.
وفي معظم حياتهن أُخبرن أنهن لم يعدن قادرات على إنجاب الأطفال.
وقال جوليانو تيسلا، الذي يترأس التجربة السريرية لزرع الرحم في المركز الطبي لجامعة بايلور، لمجلة “تايم”: «نقوم بعمليات زرع الرحم على مدار اليوم».
ويضيف قائلاً: «بالنسبة لي، هذا أمر مختلف تمامًا، فقد قلّلت من شأن هذا النوع من عمليات زرع الرحم للنساء، وما خبرته من خلال مشاعري، تعجز كل العبارات عن وصف مثل هذا الإنجاز».
- ترجمة: علي أبو الروس
- تدقيق: رزان حميدة
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر
مواضيع ذات صلة:
- هل يؤثر التقدم بالسن على قدرة الرجل على الإنجاب؟ المصدر
- هل يعبث وجود خصية واحدة فقط بالحياة الجنسية للرجال وقدرتهم على الإنجاب؟ المصدر
- جينين فقط من الكروموسوم Y المحدد للذكورة هو كل ما تحتاجه الفئران للإنجاب المصدر
- زرع أنسجة مبيض مجمدة منذ سنوات يحمل أملًا للناجيات من السرطان المصدر
- دراسة جديدة تقول: اختبار الخصوبة هذا لا يمكن الاعتماد عليه دائمًا المصدر
- العلماء يكتشفون السبب الرئيسي للإجهاض والتشوهات الخلقية المصدر
- الخيارات المتاحة لمنع الحمل أثناء الرضاعة الطبيعية المصدر