يسبب ألم الأسنان صداعًا أحيانًا، لكن بطرق ووسائل مختلفة، إذ قد يثير مثلًا ألم الأسنان صداعًا بإثارة العصب ثلاثي التوائم، وهو العصب المسؤول عن تعصيب الوجه. وأحيانًا يدل تضافر ألم الرأس والأسنان بجانب واحد من الرأس على حالة مرضية كامنة كإنتان جيبي أو اضطرابات المفصل الفكي الصدغي.
يبحث هذا المقال عن الروابط بين ألم الرأس والأسنان والصلة بينها، وما يجب فعله عند الشكوى من الألمين في آنٍ واحد.
الشقيقة وألم الأسنان:
تتنوع أسباب ألم الأسنان لتشمل النخور والصدوع والانطمار (بزوغ السن على نحو غير كامل أو عدم بزوغه). وتظهر الشقيقة بحال عدم علاج الحالات السابقة.
تتميز الشقيقة بألم نابض في جانب واحد من الرأس، ويترافق الألم بأعراض أخرى مثل الغثيان والإقياء والحساسية تجاه الضوء والصوت.
يعتقد العلماء أن العصب ثلاثي التوائم هو الرابط بين ألم الأسنان والشقيقة، إذ إن هذا العصب القحفي مسؤول عن التعصيب الحسي والحركي لعضلات الوجه وكرة العين، بالإضافة إلى تعصيب الشفة والأسنان واللثة في الفكين العلوي والسفلي.
يُعتقد أن العصب ثلاثي التوائم يؤدي دورًا مهمًا في تطوير حالات الشقيقة، والألم السني يثير بدوره هذا العصب ما يزيد الحال سوءًا.
ألم الأسنان الراجع وعلاقته بألم الرأس:
لا يقتصر ظهور الشقيقة على ألم الأسنان، بل ثبت أن نخور الأسنان وأمراض اللثة تسبب ألمًا في الرأس بالألم الراجع.
يُعرف الألم الراجع أنه إحساس بالألم في منطقة ما من الجسم مغايرة للمنطقة المسببة للألم، ويعزى هذا النوع من الألم إلى العصب ثلاثي التوائم المسؤول عن تعصيب الأسنان ومختلف البنى الوجهية.
يُنصح بالمراجعة الطبية للمرضى الذين يشكون من الشقيقة أو الصداع التوتري المترافقَين مع مشكلات سنية.
يُعد العامل البكتيري القاسم المشترك بين نخور الأسنان وأمراض اللثة، وهو ناجم بطبيعة الحال عن سوء العناية الفموية، وبحال تركه بدون علاج، تتفاقم الحالة وتتشكل الخراجات.
قد يكون الإنتان السني أحيانًا مهددًا للحياة، إذ قد يسبب إنتان الدم، لذا من الضروري معالجة الحالة في مرحلة مبكرة.
تشمل علامات الإنتان السني ما يأتي:
- ألمًا سنيًا شديدًا.
- الإحساس بمذاق مرّ في الفم.
- رائحة نفس كريهة.
- حرارة.
- ألمًا بالمضغ.
- حساسية تجاه المنبهات الحرارية (الساخنة والباردة).
- انتفاخًا أشبه بالبثرة على اللثة مكان السن المصاب.
- غددًا متورمة في العنق.
- انتفاخًا في الفك السفلي أو العلوي.
يُعد انتباج الفك السفلي أو العلوي من العلامات التي تنذر بخطورة شديدة، خصوصًا إذا كان مترافقًا بعلامات أخرى مثل الحرارة أو صعوبة فتح الفم.
يُنصح بمراجعة طبيب فور ظهور هذه العلامة.
مسببات ألم الأسنان والرأس الكامنة:
هناك بعض الحالات المرضية التي تسبب ألمًا في الأسنان والرأس، بلا أي ارتباط مباشر سواء بمرض في الرأس أو في الأسنان.
أحد أشهر أمثلة الألم الراجع هو ألم الرأس بتأثير صرير الأسنان، وهي حالة مرضية يطبّق فيها المريض قوى إطباقية مفرطة على سطوح الأسنان الإطباقية، وتحدث هذه الظاهرة كثيرًا في الليل.
يوصَف ألم الرأس المسبب بالصرير بأنه ألم خفيف يلف كامل الرأس، مع إحساس بالألم خلف كرتي العين، وتشمل أعراض الصرير الأخرى الآتي:
- ألمًا في الأسنان وعضلات المضغ.
- أصواتًا في المفصل الفكي الصدغي (طقطقة).
- صعوبات في فتح وإغلاق الفم.
الإنتان الجيبي:
يسبب الإنتان الجيبي شعورًا بعدم الراحة في الأسنان، خصوصًا الأسنان العلوية المجاورة تشريحيا للجيب الفكي العلوي (يتوضع خلف الوجنتين).
يُعد ألم الرأس العرض الأكثر شيوعًا للإنتان الجيبي، ويزداد الألم بإمالة الرأس للأمام.
تشمل علامات وأعراض الإنتان الجيبي الآتي:
- الحرارة.
- التعب.
- احتقانًا أنفيًا وإفرازات مخاطية صفراء أو خضراء اللون.
- الشعور بضغط في الأذن.
- رائحة نفس كريهة.
اضطراب المفصل الفكي الصدغي:
يربط المفصل الفكي الصدغي عظم الفك السفلي بالجمجمة، ويعمل بتضافر مع العضلات الفكية السفلية لتحريك الفك السفلي باتجاه الأسفل والأعلى، وللسماح بحركات المضغ والتثاؤب والتكلم والبلع.
يحدث اضطراب المفصل الفكي الصدغي عند انعدام التناسق بين عضلات الفك السفلي والأربطة المفصلية، ويحدث ذلك لعدة أسباب، من بينها الصرير وأذية الفك.
تحدث اضطرابات المفصل آلام رأس (من ضمنها الشقيقة) بالإضافة إلى ألم الأسنان.
توصف آلام الأسنان المسببة باضطرابات المفصل بأنها آلام تبدأ قرب الأذن وتنتشر باتجاه الفك أو الصدغ أو العنق، يثار الألم بحركات المضغ وفتح وإغلاق الفم.
ألم العصب ثلاثي التوائم:
هو اضطراب ينجم عن خلل أو أذية في العصب ثلاثي التوائم، يشكو فيه المريض من ألم وجهي مبرح وطاعن في جانب واحد من الوجه.
يشكو المريض عادةً من ألم على امتداد الفكين العلوي أو السفلي، يراجع المريض عيادة الأسنان لتحري وجود خراجات سنية.
يَحدث عادةً خطأ في التشخيص، إذ يخضع المريض لمعالجات لبية وقلع أسنان قبل اعتماد ألم العصب ثلاثي التوائم كتشخيص نهائي.
خثار الجيب الكهفي:
تسبب بعض المشاكل السنية غير المعالجة اختلاطات خطيرة ومهددة للحياة على نحو كامن مثل خثار الجيب الكهفي، إذ تتشكل خثرة دموية في المسافة الدماغية خلف العين (مكان الجيب الكهفي)، تتشكل الخثرة بانتقال الإنتان باتجاه الدماغ.
من أبرز أعراض خثار الجيب الكهفي ألم الرأس الشديد المتمركز خلف العين أو في جبهة الرأس، وتشمل الأعراض الأخرى الآتي:
- ارتفاعًا في حرارة الجسم.
- ضعف حركية العين.
- انتباج الأجفان.
- جحوظ العينين.
متى تجب المراجعة الطبية؟
يجب الذهاب بأقصى سرعة من أجل المراجعة الطبية، وذلك فور الشكوى من ألم الأسنان أو ألم الرأس.
يُعد معرفة العامل المسبب أمرًا صعبًا لكن من الضروري تشخيص الحالة بدقة لتلقي المعالجة المناسبة.
إن لم تفلح المعالجات السنية بحل المشكلة، ينصح المريض بمراجعة اختصاصي الأمراض العصبية، أو اختصاصي أنف وأذن وحنجرة.
تدبير ألم الأسنان والرأس:
قد يستلزم الأمر زمنًا إلى حين حسم التشخيص النهائي، وذلك عندما يشتكي المريض من ألم الأسنان والرأس معًا، ولكن هذا لا يعني التهاون في مسألة التشخيص، إذ من الضروري تشخيص الحالة على بدقة للوصول إلى العلاج الصحيح.
قد يكون ترميم الأسنان المنخورة حلًا للمشكلة، وقد يكون الحل بتناول المضادات الحيوية بحالة الإنتان الجيبي، أو بارتداء الواقي الفموي بحالة الصرير الليلي، وينصح بمراجعة اختصاصي للحالات المعقدة، إذ كلما عولجت المشكلة في وقت مبكر، كان ذلك أفضل.
تُدبر الحالة مبدئيًا بالأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية لتسكين الألم، تظهر الأبحاث أن البروفين وغيره من أدوية مضادات الالتهاب اللاستيرويدية أثبتت فعالية أفضل في تسكين الألم من الأفيونات.
يفيد الضغط بمادة باردة على النصف المؤلم من الوجه في تسكين الألم.
الملخص:
تتداخل آلام الأسنان والرأس بشدة، فعلى سبيل المثال يثير ألم الأسنان الشقيقة أو قد يسبب الصرير ألمًا في الرأس بالطريق الراجع.
بعض الحالات قد تكون مربكة في التشخيص كالإنتان الجيبي.
التعاون مع الطبيب أمر ضروري للوصول إلى تشخيص صحيح، ومن ثم لعلاج مناسب.
اقرأ أيضًا:
ألم الأسنان: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: حيدره شيحا
تدقيق: بشير حمّادة