اكتشف علماء الفلك باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي أقدم مجرة (ميتة) شوهِدَت على الإطلاق، وذلك قبل 700 مليون عام فقط بعد الانفجار العظيم. يتحدى هذا الأثر التفسيرات بحسب معرفتنا الحالية حول الكون في مراحله المبكرة.
توقفت المجرة على نحو فجائي وغامض عن تكوين النجوم عندما كان الكون عمره 700 مليون عام، في وقت كانت فيه العديد من النجوم تولد بفضل وفرة الغاز والغبار النقي في أماكن أخرى في الكون.
تسمى المجرة JADES-GS-z7-01-QU ووُصِفَت في ورقة بحث نُشرت في 6 مارس في مجلة نيتشر، ما يوفر لعلماء الفلك لمحة عن أساسيات تطور المجرة في الكون البدائي، بما في ذلك سبب توقف المجرات عن تكوين نجوم جديدة وما إذا كانت القوى التي تدفع الانفجارات النجمية تتغير عبر العصور.
قال توبياس لوسر الباحث في معهد كافلي لعلم الفضاء في جامعة كامبريدج، وهو الكاتب الرئيسي للدراسة في بيان: «تحتاج المجرات إلى إمداد غني من الغاز لتكوين نجوم جديدة، وكان الكون في مراحله المبكرة كمطعم يمكنك أن تأكل منه بكميات كبيرة».
لا تستطيع النماذج الحالية شرح كيف أن المجرة الجديدة قد اتخذت شكلها في أقل من مليار سنة بعد الانفجار العظيم فحسب، ولكنها أيضًا أوقفت مصنعها للنجوم بسرعة كبيرة. قال فرانشيسكو ديوجينيو، الباحث في KICC والمؤلف المشارك للدراسة، في البيان: «إنه فقط في مراحل متأخرة من تاريخ الكون نبدأ عادة في رؤية المجرات تتوقف عن تكوين النجوم»، وقال الباحثون إن عددًا قليلًا من المجرات الأخرى “الميتة” التي عُثِرَ عليها في أماكن أخرى يبدو أنها قد قفزت في تكوين نجوم جديدة عندما كان عمر الكون نحو 3 مليار سنة.
وأضاف لوسر: «يبدو أن كل شيء يحدث بسرعة وأكثر حداثة في الكون المبكر، وقد يتضمن ذلك المجرات التي تنتقل من مرحلة تكوين النجوم إلى حالة هدوء أو انقطاع».
استخدم لوسر وزملاؤه -لاكتشاف مجرة JADES-GS-z7-01-QU- تلسكوب جيمس ويب الفضائي بالأشعة تحت الحمراء القوية لرؤية ما خلف الستار الكثيف من الغبار الذي يحجب الأجسام الأقدم في الكون. إضافة إلى أنها تعد أقدم مجرة “ميتة” أو “مهملة” عُثِرَ عليها حتى الآن، فإن المجرة الجديدة أيضًا أخف بكثير من المجرات الأخرى ذات الهدوء المماثلة التي عُثِرَ عليها في وقت مبكر من تاريخ الكون.
تشير بيانات تلسكوب جيمس ويب الفضائي إلى أن المجرة شكلت نجومًا على نحو مكثف مدة تتراوح بين 30 إلى 90 مليون سنة تقريبًا قبل أن تتوقف بسرعة، مع أن السبب الدقيق لانقطاع تكوين النجوم ما زال غير معروف. يعلم علماء الفلك بوجود عدة عوامل مختلفة قد تبطئ أو تطفئ عملية تكوين النجوم. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التشويش داخل المجرة، مثل الإشعاع الذي يطلقه الثقب الأسود فائق الكتلة، إلى دفع الغاز خارج المجرة ونقصان خزان الغاز الذي تعتمد عليه لتكوين النجوم. إحدى الاحتمالات المثيرة الأخرى هي أن المحيطات المحيطة بالمجرة في ذلك الوقت لم تُعِد تعبئة خزان الغاز الذي تستهلكه النجوم المولودة، ما يؤدي إلى نقص في المواد القادرة على تكوين النجوم.
قال روبرتو مايولينو، أستاذ الفيزياء الفلكية في KICC والمؤلف المشارك للدراسة، في البيان: «ومع ذلك، لسنا متأكدين إن كانت أي من تلك السيناريوهات يمكنها أن تشرح ما رأيناه الآن مع تيليسكوب جيمس ويب»، النماذج الحالية التي تعتمد على الكون الحديث غير قادرة على شرح خصائص مجرة JADES-GS-z7-01-QU ما يشير إلى أنها قد «تحتاج إلى إعادة النظر فيها»، وفقًا لقول مايولينو.
إحدى التفسيرات الممكنة الأخرى لخمول المجرة الجديدة قد تكون أن «المجرات في الكون المبكر ‘تموت’ ثم تعود للحياة»، وفقًا لقول ديوجينيو. ومع ذلك، أظهرت الأبحاث السابقة حول المجرات “الميتة” عندما كان عمر الكون 3 مليار سنة -وقت ولادة النجوم بكثرة- أن المجرات “الميتة” هذه لا يمكن أن تتجدد حتى عند الاندماج مع المجرات القريبة، الأمر الذي يخدم فقط لـ “نفخ” تلك المجرات.
قال ديوجينيو: «سنحتاج إلى المزيد من المراقبات لمساعدتنا في فهم ذلك».
اقرأ أيضًا:
تلسكوب جيمس ويب الفضائي يرصد مجرة تحتوي كميات مدهشة من المعادن
لماذا تبدو مجرة درب التبانة فريدة من نوعها؟ العلم يحل هذا اللغز الغامض
ترجمة: محمد فواز السيد
تدقيق: باسل حميدي