إن أقل ما يمكن قوله عن تاريخ الحيتان التطوري هو أنه غريب، بعدما خرجت رباعيات الأرجل من المحيطات ومشت على الأرض انتقلت مجموعة من الثدييات رباعيات الأرجل إلى البحار لتصبح تلك الحيتانيات اللطيفة التي نعرفها.
يعد التحول المبكر من الأطراف إلى الزعانف غير مفهوم تمامًا؛ لأن عظام أطراف الحيتانيات تكاد أن تكون نادرةً في السجل الأحفوري، أما الآن فإن بقايا عظام البروتوسيتيد Protocetid -الحوت الذي يملك أربع أرجل- تقدم نظرةً مهمةً حول آلية سباحة هذه الحيتانيات عبر البحر.
إن القليل الذي نعرفه بخصوص رباعيات الأرجل من الثدييات التي ستصبح من الحيتانيات هو أنها مشابهة للغزلان اليوم، وتملك أقدامًا ذات قوام ممشوق وتشبه القوارض ولكن بحجم عملاق أو ما يدعى بـ R. O. U. S..
يعد باكيسيتوس Pakicetus واحدًا من أوائل الحيتانيات المعروفة والذي عاش في باكستان منذ حوالي 50 مليون سنة، ومن المفترض أن يسبح البروتوسيتيد باستخدام قدميه فهو يستخدم الأقدام كما تُستخدم حاليًا الزعنفة الصدرية للتوجيه. لكن مع ذلك لاحظ الباحثون في النماذج ثلاثية الأبعاد الأمامية للعينة أنه كان يستخدم يديه بشكل أكبر للسباحة.
تتألف البقايا الأحفورية للبروتوسيتيد الموجودة في غرب السنغال من فقرات وأضلع وعينات من القدمين والذيل، والشيء الذي لا يصدق وجوده هو وجود طرف أمامي شبه كامل، وكان عمر هذه العينة ما يقارب 41 أو 43 مليون سنة وهذه هي منتصف الفترة التي صادفت انتقال هذه المخلوقات المائية إلى الأرض، ووضعت هذه العينة بالقرب من كاروليناسيتوس -آخر حوت انقرض في ولاية كارولاينا الجنوبية- من أجل تحليل خصائصه المورفولوجية.
ما ذُكر آنفًا يقدم رؤيةً مسبوقةً لسباحة الحيتانيات، فتظهر العظام تركيبةً تشرح الآلية التي كانت تستخدمها للسباحة مثل قدرة انحناء الأطراف عند الكوع، ومن المتوقع أنها كانت تستخدم يديها جنبًا إلى جنب مع ساقيها لدفع نفسها -مثل الكلب- لذلك يُعتقد أن عضلاتها كانت قويةً بشكل كافٍ، ولكن بسبب عدم وجود أدلة كافية مثل عظام الكتف على سبيل المثال فلن نتمكن من معرفة ما إذا كان لها القابلية على دوران الأطراف الأمامية بشكل كامل أو التحرك بمختلف الاتجاهات. هذا يقودنا إلى توقع بشأن أساليب سباحة الحيتانيات فمن الممكن أنها قد جربت عدة أنواع مختلفة للسباحة قبل أن تستقر على الآلية التي تستخدمها الحيتان اليوم.
تؤكد الدراسة التي نشرت في مجلة Palaeontology أنه على الرغم من أن الحيتان حاليًا أصبحت متكيفةً تمامًا للسباحة إلا أن عدم تكيفها سابقًا مثلما هي في الوقت الحالي لم يمنع البروتوسيتيدات من السباحة لمسافات طويلة، وبذلك فقد عُثر على معظم الحيوانات من صنف الحيتانيات في الهند وما حولها ووجدت أيضًا في أفريقيا.
وعُثر في بداية هذا العام على أول هيكل عظمي لحوت يشبه الثعلب عاش في المحيط الهادئ، وذكر الباحثون أن هذا الاكتشاف يؤكد على أن الانتشار الحيوي لهذه الحيتانيات إلى ما هم عليه حاليًا لم يحدث في وقت واحد.
اقرأ أيضًا:
جزر غالاباغوس: مختبر التطور الطبيعي
تطور الريش قبل ملايين السنين من ظهور الطيور أو حتى الديناصورات
ترجمة: رند عصام
تدقيق: محمد قباني