في الصفحات الخلفية من كتب التاريخ وفي حواشي التقارير الطبية، هنالك الكثير من الحالات الطبية الغامضة التي تجعل حتى العلماء الأكثر جدية يقولون «ما هذا بحق الجحيم»، من الأمراض الاستثانئية إلى لحظات من الجنون العام.
هذه بعض القصص التي تُبقي بعض الباحثين مستيقظين طوال الليل.
طاعون الرقص
في نهايات القرون الوسطى في أوروبا، كان هنالك عددًا كبيرًا من التقارير لحالات من «هوس الرقص» تظهر من العدم، يُصاب عدد كبير من الناس بالحاجة للرقص، يرقصون بعنف إلى أن يُغمَى عليهم من الإرهاق.
أحد أكبر حالات «طاعون الرقص» سجلها التاريخ حدثت في 24 يونيو عام 1374 في آخن، المعروفة حاليا بالمانيا، ويُشير أحد التقارير في عام 1888 إلى هذا الحدث«قاموا بتشكيل دوائر باستخدام أيديهم، ويبدو أنهم فقدوا السيطرة على كل حواسهم لساعات معًا في هذيان صاخب، حتى سقطوا على الأرض من شدة الإرهاق.»
حدثت حالة أخرى في عام 1518 في ستراسبورغ حيث شوهد أكثر من 400 شخص يرقصون لأسابيع إلى أن مات الكثير منهم من الإرهاق.
بما أن هذه الحالات قد حدثت منذ عدة قرون، من غير الواضح ما إذا كانت حالة حقيقة أو ظاهرة اجتماعية. بعد كل شيئ، سيحاول المؤرخون في المستقبل فهم رقصة (هارلم شيك- the Harlem Shake) بعد عدة قرون.
على كل حال، أشار الباحثون المعاصرون إلى أن «طاعون الرقص» من الممكن أن يكون قد حدث بسبب عدة اشياء: التسمم بالإرغوت بسبب الذُرَة العَفِنَة، الصرع، التيفود، أو نوع من الهَوَس المُشترك الناجم عن ضغط المعيشة في العصور المظلمة.
المراهق الذي مات بسبب مرض نقص المناعة المكتسبة/ الايدز في عصر ما قبل الإيدز
تبقى قصة روبرت ريفورد لُغْزًا طبيًا مُحيرًا حتى وقتنا هذا.
في عام 1969، توفى هذا المراهق ذو ال١٦ عام من مدينة سانت لويس بسبب مرض غير معروف.
وبعد 19 عام، عندما قاموا بإعادة النظر إلى دمه المحفوظ، لاحظوا وجود فايروس مُشابه جدًا أو مُطابق لفايروس نقص المناعة المكتسبة، مما يعني أنه مات بسبب مضاعفات مرض الإيدز على الرغم من أن أغلب الخبراء يعتقدون أن أول ظهور لهذا المرض في أمريكا هو في منتصف سبيعينيات القرن الماضي.
إذن كيف من الممكن لشخص بهذا العمر أن يصاب بهذا الفايروس في وقت مبكر كهذا؟ لا أحد متأكد.
في هذا الوقت، لاحظ الأطباء أنه كان مصابًا بالكلاميديا وهو أحد الأمراض المنتقلة جنسيًا. أخبر ريفورد أطباءه أنه كان نشطًا جنسيًا، على الرغم من نكران كونه مثلي او ثنائي الجنس.
كما أن السجلات الطبية لا تُظهر أي أثر لتلقيه عملية نقل دم.
وبقي استنتاج واحد وهو أنه قد اُستغِل جنسيًا في طفولته.
وهذا، على كل حال، يبقى مجرد تخمين.
وباء الإغماء في الضفة الغربية عام 1983
تم نقل ما يقارب الألف شخص، معظمهم من الفتيات الفلسطينيات بالقرب من الضفة الغربية إلى المستشفيات بين شهري مارس وأبريل عام 1983 بسبب الإغماء.
كما عانى العديد من الجنود الإسرائيليين من الإغماء وعدم وضوح الرؤية والغثيان.
ذكرت صحيفة النيويورك تايمزأنه أُتهِم القادة الفلسطينيون المستوطنون والمسؤولون الاسرائيلون باستخدام «الحرب الكيمياوية» في مدارس الضفة الغربية لدفع العرب لترك مناطقهم.
على كل حال، يعتقد الخبراء بصورة عامة أن ما حدث هو حالة من الهستيريا الجماعية.
يناقش تقرير صادر عن مركز مكافحة الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة احتمال حدوث تسمم بسبب كبريتيد الهايدروجين والذي أطلق العنان للاضطراب النفسي بين هذه الفتيات، يعيش الكثير منهم مع مستويات عالية من القلق والإجهاد بسبب المشاكل في الضفة الغربية.
النوبات التي تسببها لعبة السودكو وأغنية شون باول
في هذه الحالة يعاني رَجُل عُمْره 25 عام من نوبات مرضية تحدث فقط عندما يحاول حل السودوكو.
أجرى أطباء من جامعة ميونخ مؤخرًا دراسة على هذا الرجل في محاولة لمعرفة ما يجري.
وجدوا أنه لا يُصاب بهذه النوبات عندما يقرأ أو يقوم بالحسابات الرياضية أو عندما يقوم بكتابة أرقام، لكنه يُصاب بها عندما يقوم بعمليات إبصارية فراغية تتضمن أرقام.
إذا لم يكن هذا كافيًا، هنالك امرأة تُصاب بِنَوبات في كل مرة تسمع أغنية شون بول «Temperature».
بعدما لاحظت ما يحدث أدركت أنه يحدث أيضًا مع أغاني أخرى من فئة الR&B كأغنية شون كنغستون «Beautiful Girl» وأغنية ريانا «Umbrella».
السيدة السامة
في فبراير 1994، دخلت غلوريا راميريز إلى مستشفى كاليفورنيا، كانت تعاني من آثار سرطان عنق الرحم، في غضون ساعات، عانى 23 من موظفي غرفة الطوارئ البالغ عددهم 37 و الذين كانوا على تواصل معها من حالات إغماء وتشنجات عضلية، وأحتاج العديد منهم إلى دخول المتسشفى.
إلى يومنا هذا، لا يوجد أحد متأكد تمامًا مما حدث في حالة «المرأة السامة».
اعتقد الناس في البداية أنها حالة من الهستريا الجماعية، ولكن تمكن الخبراء في الفترة الأخيرة من وضع نسخة أكثر علمية لما حدث.
فريق من العلماء ممن ينشرون في مجلة علوم الطب الشرعي الدولية في عام 1997 فسروا أن ما حدث هو سلسلة من التفاعلات الكيميائية.
اقترح باحثون مستقلون أنها كانت تستخدم ثنائي مثيل السلفوكسيد كعلاج للألم الموضعي، الأوكسجين الذي قام الأطباء بإعطائه لها من الممكن أن يكون قد امتزج مع ثنائي مثيل السلفوكسيد ليكون ثنائي مثيل السلفون.
الصدمات الكهربائية من جهاز الصدمات الكهربائية من الممكن أن يكون قد حول ثنائي مثيل السلفون إلى ثنائي مثيل الكبريت، والذي هو غاز سام.
من الممكن أن يكون هذا التفسير غير مُرجَح، ولكنه أفضل تفسير لدينا في الوقت الحاضر.
شهية تارار للطعام
تارار هو رَجُل عاش في القرن السابع عشر مع موهبة غريبة وفريدة وهي شهيته الغريبة للطعام.
كما تقول القصة أنه كان يعمل كمؤدي في الشوارع، كان يسافر عبر فرنسا مع عصابة من البغايا واللصوص والمنبوذين.
كان يكسب المال كمؤدي في الشارع وكان عرضه هو قيامه بأكل أي شيئ أمامه – حرفيًا أي شيئ – من الحجارة والفحم إلى الحيوانات الحية وكميات هائلة من الطعام.
تخبرنا أحد التقارير أنه أكل في أحد المرات وجبة ل15 شخص مع عدد من الحيوانات. على الرغم من هذا، بنيته كانت ضعيفة (على الرغم من أنه كان يعاني من إسهال نضحي طوال حياته).
حدثت قصة تارار قبل اختراع التصوير أو عمليات التوثيق الجديدة، ولكن لحسن الحظ أننا نعرف قليلًا عن هذا الموضوع من مجموعة من الأوراق الطبية القديمة من بدايات القرن الثامن عشر.
من المُعتقد أنه كان دَجّال ومُخادِع.
على كل حال، لقلة المعلومات المتوفرة، لايستطيع الباحثون معرفة من أين تبدأ الاسطورة و إلى أين تنتهي.
وباء مرض النوم في القرن العشرين
بين عامي 1915 و 1926، أُصيب أكثر من خمسة ملايين شخص بمرض جعلهم غير قادرين على الحركة وأصبحوا جامدين في مكانهم كتماثيل.
عدد كبير من هؤلاء ماتوا بعد فترة قصيرة وكثير منهم لم يعودوا إلى حالتهم الطبيعية.
لم يرى العالَم حالات كهذه منذ ذلك الوقت.
يسمي العلماء هذه الحالة (إلتهاب الدماغ النومي-encephalitis lethargica).
يحاول الباحثون المعاصرون مناقشة هذه الحالة من جديد في وقتنا الحاضر، لكن الشيئ المُشترَك الوحيد الذي وجدوه بين جميع المصابين هو وجود البكتيريا (المكورة العقدية-streptococcus)، هذه البكتريا مُرتبطة عادة بإلتهاب الحلق الطفيف.
أفضل ما وصل إليه الباحثون هو إن هذه البكتريا قد حدث لها طفرة غريبة قامت بتحفيز الجهاز المناعي وجعلته يهاجم الدماغ.
- ترجمة : سنان حربة
- تدقيق: مينا أبانوب
- تحرير: ندى ياغي
- المصدر