أصغر ترانزستور في العالم
نجح العلماء في اختراع أصغر ترانزستور في العالم، وبذلك يكونوا قد أنتجوا أصغر محول بطولِ نانومتر واحد، ولتستطيع تخيّل هذا الحجم الصغير المُذهل، فما عليكَ إلا أن تَعلم بأن عرض الشَعرةِ في رأس الإنسان يتراوح تقريباً بين 80,000 إلى 100،000 نانومتر.
وعلى عكس الترانزستورات العادية، فإن نموذج الباحثين الأوّلي لم يتم صُنعُه من السيليكون، ونظراً لحجمه الصغير فإنهم ما زالوا قادرين على تطوير وتحسين الأداء في الدوائر المُتكامِلة وذلك بتزويدها بكمٍ أكبر من المكوّنات الدقيقة.
وهذا من شأنه أن يساعد على الحفاظ على فعاليّة قانون مور أيضا، والذي يُنسب للمؤسّس المُشارك والرئيس الفخري لشركة إنتل غوردون مور (Gordon Moore)، حيثُ تنبّأ بِأنَّ عدد الترانزستورات على شريحة المعالج يتضاعف تقريبا كل عامين، مما يتيح لمعالجات الكمبيوتر أداءً أكثرَ تعقيدًا وقوةً.
يقول البروفسور علي جافي (Ali Javey)، رئيس قسم علوم المواد في مختبر بيركلي: “لقد أنجزنا بالفعل أصغر ترانزستور في العالم حتى الآن، وأثبتنا إمكانية عمل ترانزستور بطول نانومتر واحد فقط، وهذا يبيّن أنه مع اختيار المواد المُلائِمة سيكون هنالك الكثير من الفُرص لتقليص حجم أجهزتنا الالكترونية.
وللأسف، أصبحت الترانزستورات صغيرةً جدا، ونحن نتطلع لجعلها أصغر، ولكن في الوقت الحالي، وبفضل فريق الباحثين في مختبر بيركلي التابع لجامعة كاليفورنيا، أصبحت عتبة 5 نانومتر من الماضي والتي كانت تعتبر قمّةً في الصِغر والحد الأدنى لحجم الترانزستورات في العالم”.
كان لدى فريق البروفسور علي جافي (Ali Javey) القدرة على تخطّي حد النانومتر الواحد، وذلك باستخدام أنابيب الكربون النانومترية مع مادة “ثنائي كبريتيد المولبيدينوم (MoS2)” والتي تُستخدم في بعض الأحيان كزيوت تشحيم للمحركات.
يُعتَبر السليكون مادة مثاليّة لصنع الترانزستورات التلقيدية، وذلك لأن الالكترونات المتدفقة خلال الدوائر تُقابَل بـدرجة مقاومة ضعيفة، أما في حالة (MoS2) فإنها تواجِه مقاومة أكبر، ولكن تأثير بُطء تدفق الالكترونات يكون مُفيدا في حالة الأحجام الأصغر للترانزستورات، لأنها تساعد في التحكم بسلوك الالكترون.
ومن أسباب اعتبار عتبة 5 نانومتر في الماضي حدًا نظريًا، حدوث ظاهرةً تُدعى “النفق الكمومي” إذا ما تمَ صُنع ترانزستور بحجم أصغر باستخدام مادة السليكون، حيث أنَّ الالكترونات تبدأ بالقفز من ترانزستور إلى آخر، مُحدِثةً ضعفا في الإشارة.
ويقول الباحث سوجي ديساي (Sujay Desai): “هذا يعني أننا لن نستطيع ايقاف الترانزستورات، وستصبح الالكترونات خارج السيطرة”.
ولكن مع استخدام (MoS2) بدلاً من السليكون، وكبح تدفق الالكترونات، يُمكن أن تتم السيطرة على جودة الإشارة.
أثناء تجريب النموذج الأوّلي، والذي يجمع ما بين (MoS2) وأنابيب الكربون النانوية، أظهرت النتائج قدرة الترانوستور على التحكم بِتدفق الالكترونات، وكان هذا أحد أسباب اعتبار الانجاز انتصارًا، إضافةً لكونه أعطى فائدة أفضل في أداء الكومبيوترات، كما أنَّ أحدًا لم يكُن يعلم بإمكانيّة انجازه.
ويضيف ديساي ((Desai: “لفترة طويلة كانت صناعة أشباه الموصلات تفترِضُ أنَّ أي محوّلٍ تحت عتَبةِ 5 نانومتر لن يعمل، ولذلك فإن بوابة الواحد نانومتر لم تكُن مُتوقعة”.
أوضح هذا البحث أنه لا يمكن إقصاء بوابة دون الـ 5 نانومتر، وبتغيير مادّة التصنيع من السليكون إلى (MoS2)، يمكننا جعل الترانستور يعمل بطول نانومتر واحد فقط، وتوظيفه كمفتاح.
وبالرغم من نجاحه، فقد أقرَّ فريق الباحثين بأنَّه لازال الطريق طويلا قبل استخدام ترانزستورات 1 نانومتر في أجهزتنا النقالة والكمبيوترات.
والآن، بما أننا نعلم بأن المفاتيح الصغيرة يمكنها أن تعمل، كل ما نحتاجه هو كيفيّة صنعها على نحوٍ موثوق وبأوسعِ نطاق، والعمل على الاستفادة من هذه التكنولوجيا إلى أبعدِ حد.
ويُضيف البروفسور علي جافي (Ali Javey):”بكل الأحوال، كان هذا العمل محاولة إثبات للفكرة، ويعتبر أصغر ترانزستور وُجِد حتى الآن.
لكننا لم نضع هذه الترانزستورات على الشرائح بعد، ولم نصل للحد الذي يتم فيه القيام بهذه العملية مليارات المرات”.
ومع ذلك، فإن هذه النتائج تعني أن أداء التكنولوجيا على مستوى الدوائر سيستمر في التقدم في المستقبل القريب، وسوف يحافظ على ثبات الجدول الزمني الذي تنبأ به جوردون مور منذ عدة عقود.
أخيراً، يؤكد الباحث جافي على أهمية إنجازه وذلك لأننا لم نعد مقيّدين بعتبة بوابة 5 نانومتر في صناعة الترنزستورات، وقانون مور يمكنه أن يستمر لفترة أطول وذلك باختيار الهندسة الملائمة للمادة المستعملة في صناعة أشباه الموصلات وهياكل الأجهزة.
ترجمة: رامي الحرك
تدقيق بدر الفراك
المصدر الاول
المصدر الثاني