لا تزال الرياضيات التي ابتكرها ألبرت أينشتاين لوصف عمليات الجاذبية للكون المادي في أوائل القرن العشرين صامدة بقوة.
في أحد أكبر اختبارات النسبية العامة حتى الآن، رسم فريق ضخم من علماء الفلك خريطة لتوزيع نحو 6 ملايين مجرة عبر 11 مليار سنة من تاريخ الكون.
الطريقة التي تتجمع بها المجرات معًا بواسطة الجاذبية على طول خيوط الشبكة الكونية ضد السحب الخارجي لتوسع الكون، والطريقة التي تتطور بها هذه الشبكة بمرور الوقت، تتوافق تمامًا مع توقعات نظرية أينشتاين.
ربما يكون أكبر اختبار للنسبية العامة حتى الآن، إذ تمتد لمعظم تاريخ الكون، الممتد على مدار 13.8 مليار عام، ما يعني أن النظرية صامدة على أكبر المقاييس وكذلك أصغرها.
تقول عالمة الكونيات بولين زاروك من المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية: اختُبرت النسبية العامة بدقة على نطاق الأنظمة الشمسية، لكننا كنا بحاجة أيضًا إلى اختبار الفرضيات على مقاييس أكبر بكثير.
تسمح لنا دراسة معدل تشكل المجرات باختبار نظرياتنا مباشرةً. حتى الآن، تتفق النتائج مع توقعات النسبية العامة على المقاييس الكونية.
الجاذبية عامل أساسي لطريقة عمل الكون. دون أن نعرف تفسير ذلك بدقة، فقط نعرف أن الأجسام ذات الكتلة تميل إلى جذب الأجسام الأخرى، وأن قوة الجذب تتناسب طرديًا مع الكتلة، وأنها تغير هندسة الزمكان حول الجسم.
تعمل المادة المظلمة مثل الغراء الذي يربط الكون بعضه ببعض. تمتد خيوط ضخمة من المجالات الجاذبية التي تولدها المادة المظلمة عبر الكون بأكمله مثل شبكة. ومعظم المادة في الكون موزعة على طول خيوط وعقد هذه الشبكة الكونية. إنها قابلة للتنبؤ والقياس، وحتى الآن، مقيدة ومحددة بشكل جيد للغاية من خلال نظرية النسبية العامة.
لكن العثور على عيوب في النظرية قد يكشف عن حلول لبعض المشكلات الشائكة، مثل الاختلافات حيث لا يمكن التوفيق بين ميكانيكا الكم والفيزياء الكلاسيكية. لذلك يواصل العلماء فحصها لمعرفة هل يبدو محتوى الكون تمامًا كما تقول النسبية العامة، على جميع المقاييس؟
ما يقودنا إلى أداة التحليل الطيفي للطاقة المظلمة (DESI) التي يستخدمها مختبر لورانس بيركلي الوطني، وهو تعاون دولي ضخم يعمل حاليًا على رسم خريطة للكون المرئي لكشف أكبر أسراره. بدأ تشغيله عام 2019، وتستند النتائج الجديدة إلى تحليل مفصل وموسع للسنة الأولى فقط من البيانات التي حصلنا عليها بواسطة الأداة. استخدم تعاون DESI هذه البيانات لإجراء مسح دقيق لـ 5.7 مليون مجرة عبر الكون، ورسم خرائط لنموها وتطورها وتوزيعها على طول الشبكة الكونية من الكون المبكر قبل 11 مليار سنة.
لقد استخدموا نظرية النسبية العامة للتنبؤ بنمو وتوزيع الشبكة الكونية، ووجدوا أن الكون الذي نعيش فيه قد تصرف بالطريقة التي وصفتها النسبية، على نطاق كوني. تأتي الدراسة الحالية في أعقاب ورقة بحثية قاست معدل توسع الكون بناءً على بقايا كونية من الموجات الصوتية التي تجمدت عندما انقشع الضباب الذري الذي ملأ الكون المبكر. تأمل مجموعة DESI أن تستمر الجهود الجارية في إلقاء الضوء على تطور الكون، والقوى الغامضة التي تحركه.
تضع النتائج قيودًا على الحد الأعلى لكتلة النيوترينو، وهو جسيم شبحي إلى الحد الذي يجعلنا غير قادرين على وزنه بدقة. ما زال المسح مستمرًا، كما هو الحال مع عمل التعاون. يحلل الباحثون بيانات السنوات الثلاث الأولى من تشغيل DESI. وعندما يكمل الجهاز عمله، سيكون قد جمع بيانات أكثر من 40 مليون مجرة وكوازار.
من بين كبرى الآمال أن يساعد ذلك في الكشف عن طبيعة المادة المظلمة، ذلك الشيء الغامض غير المرئي المسؤول عن توليد الجاذبية الإضافية في الكون. والطاقة المظلمة، الطاقة الغامضة المسؤولة عن التوسع المتسارع للكون.
اقرأ أيضًا:
الفائز بجائزة نوبل للفيزياء يستقيل من غوغل ويحذر من أن الذكاء الاصطناعي الشرير سيقضي علينا
يبدو أننا أسأنا فهم أحد قوانين الفيزياء لأكثر من 300 عام
ترجمة: شهد حسن
تدقيق: أكرم محيي الدين