طالت سرقة المتاحف أعمالًا فنية شهيرة، تُعد «الموناليزا» و «الصرخة» من بين الكنوز المسروقة من المتاحف والكنائس والقلاع.
الموناليزا تُغادر متحف اللوفر (1911)
في 21 آب 1911، نصب رسام هاوٍ حامل لوحاته بالقرب من المكان الذي عُلقت فيه لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي -أحد أشهر الأعمال الفنية في العالم- في متحف اللوفر، دُهِش حينها باختفاء المرأة الغامضة ذات نصف الابتسامة المريبة. بحث المحققون الفرنسيون عن اللوحة أكثر من عامين، واستدعوا الشاعر غيوم أبولينير والفنان بابلو بيكاسو على أمل حل القضية البارزة.
في مرحلة ما، كان الملياردير الأمريكي جي بي مورغان محل الاشتباه بارتكاب السرقة، ثم تواصل رسام منازل إيطالي في كانون الأول 1913 مع تاجر فني بارز في فلورنسا مدعيًا امتلاكه للوحة الشهيرة، استعادت الشرطة اللوحة بعدما اعتقلت فينسينزو بيروجيا، الموظف السابق في متحف اللوفر. اتضح أن المتحف قد أُغلِق في يوم السرقة وكان بيروجيا مختبئًا فيه ليلًا أو دخل دون أن يلاحظه أحد ذلك الصباح مع عمال آخرين، وأزال لوحة الموناليزا من إطارها وأخفاها تحت ملابسه. اعتُبر بطلًا وطنيًا في موطنه إيطاليا، وقضى السارق ستة أشهر في السجن لارتكابه الجريمة.
نهب النازيون للفن الأوروبي (1933-1945)
نهب النازيون خلال فترة الحرب العالمية الثانية وما قبلها ما يُقدر بنحو 20% من التراث الفني الغني لأوروبا، وصادروا الأصول الثقافية الثمينة سواء تلك المملوكة للعائلات اليهودية أو الموجودة في متاحف المدن المحتلة. أمَل أدولف هتلر، الفنان الفاشل، في جمع مجموعة عملاقة لمتحفه غير المتحقق، متحف الفوهرر، ولهذا الغرض، وجه النازيين لنهب المتاحف الكبرى، متضمنةً متحف اللوفر في باريس وأوفيزي في فلورنسا، إضافةً إلى المعارض والكنائس ومنازل جامعي التحف.
من بين الكنوز الأخرى التي استولى عليها الجنود الألمان -استُعيد الكثير منها بعد الحرب- كانت المنحوتات والزخارف الأخرى التي زينت غرفة الكهرمان، وهي غرفة فخمة في قصر كاثرين بالقرب من سانت بطرسبرغ. لم تظهر محتوياتها الأسطورية مرة أخرى، وعلى مر السنين ساد الظن أنها دُمرت بالقصف، أو فُقدت في غواصة غارقة، أو خُبئت في قبو أو دُفنت في بحيرة.
فقدان إحدى لوحات مذبح كاتدرائية غنت، أكبر عمل فني مسروق عبر التاريخ (1934)
صُنِعَت القطعة الفنية مُتعددة الألواح، التي رسمها الفنانان الفلمنكيان هوبيرت وجان فان أيك، في القرن الخامس عشر لكاتدرائية سان بافو في مدينة غنت البلجيكية. العمل الضخم -عرضه 14 قدمًا تقريبًا وارتفاعه 11 قدمًا ووزنه أكثر من طنين- الذي يُعد أحد أهم الأعمال الفنية في التاريخ، لديه ميزة غير مؤكدة كونه الأكثر سرقة، سبع مرات على الأقل. من بين أبرز مغامراته التعيسة: محاولة الكالفينيون المتمردون نهبه وحرقه في القرن السادس عشر، وفي العام 1794 سرقت قوات نابليون بونابرت العديد من اللوحات، التي انتهى بها الأمر في متحف اللوفر.
في أوائل القرن التاسع عشر، سرق رجل دين مخادع في تعاون مع تاجر فنون ألواح العمل الجانبية التي ظهرت في متحف برلين. بحلول نهاية الحرب العالمية الأولى عادت جميع المكونات إلى موطنها الأصلي، لكن لم الشمل كان قصيرًا. ذات ليلة من عام 1934، اقتحم لصوص الكاتدرائية وسرقوا اللوحة اليسرى السفلية مطالبين بفدية، ولم تظهر اللوحة مرة أخرى.
تعرض العمل الفني بأكمله خلال الحرب العالمية الثانية لأكبر تهديد له: سرقته من قبل النازيين وإخفائه في منجم ملح نمساوي، إذ اعتقد هتلر أنه خريطة مشفرة للآثار المسيحية القديمة، وفي الوقت نفسه كان هيرمان غيورنغ يطمع به من أجل مجموعته الشخصية. وأخيرًا استعاده رجال الآثار في نهاية الحرب.
سرقة متحف التاريخ الطبيعي (1964)
في جريمة من شأنها أن تتصدر عناوين الصحف الوطنية، تحول ثلاثة أصدقاء من راكبي الأمواج إلى لصوص جواهر. تمكنوا من التسلل إلى نافذة بالطابق الرابع من متحف نيويورك للتاريخ الطبيعي وهربوا مع أحجار كريمة لا تقدر بثمن، منها ياقوت «نجم الهند» عيار 563 قيراطًا، وياقوت «نجم ديلونج» عيار 100 قيراط، وياقوت «نجمة منتصف الليل» الأسود.
أقام جاك مورفي وآلان كون وروجر كلارك، راكبو أمواج متأنقون من ميامي في العشرينات من عمرهم، في جناح فندق بنتهاوس في مانهاتن.
في 29 تشرين الأول 1964 وبعد أسابيع من التخطيط، عبر مورفي وكون سياجًا قبل تسلق سلالم مخارج الطوارئ، وعلقوا حبلًا وابتعدوا ببطء على طول الحافة الضيقة، وانتقلوا نحو نافذة مفتوحة على قاعة جي بي مورغان للأحجار الكريمة والمعادن في المتحف، بينما كان كلارك يُراقب في الأسفل. نفذ اللصوص خطتهم دون أي عوائق باستخدام قاطع زجاج وشريط لاصق لاقتحام صناديق العرض. قُبِض عليهم بعد يومين وقضى كل منهم نحو عامين في السجن بسبب الجريمة واستُرِدَت معظم الجواهر في النهاية.
نهب متحف غاردنر من قبل رجال شرطة مزيفين (1990)
حدثت إحدى أكبر سرقات الأعمال الفنية في التاريخ في 18 آذار 1990، عندما دخل لصان متنكران بزي ضباط شرطة الى متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر في بوسطن في منتصف الليل، بعدما أخبروا الحراس أنهم يحققون في شكاوى إزعاج، ثم قيّدوا الحراس في الطابق السفلي، وبعد 81 دقيقة من وصولهم سرقوا 13 عملًا فنيًا، منها لوحات رامبرانت فان راين ويوهانس فيرمير و إدغار ديغا وإدوارد مانيه. مع استمرار استحواذ اللصوص الطلقاء على الأعمال الفنية، لا يزال تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي مستمرًا، وقدم المتحف مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى إعادة الكنوز المسروقة بأمان، ولا يزال المتحف تاركًا إطارات فارغة في صالات العرض بانتظار عودة الأعمال الفنية.
«الصرخة» تصدح بالفرار مرتين: 1994 و2004
من الجيد أن الرسام النرويجي إدوارد مونك إبتكر عدة نُسخ لعمله الأكثر شهرة الصرخة، حيث وقع اثنان منهم في أيدي لصوص الفن.
في شباط 1994، تسلق اللصوص سلمًا وكسروا نافذة المتحف الوطني في أوسلو وسرقوا نسخة الأخير من اللوحة الأيقونية، وتركوا وراءهم ملاحظة كُتِبَ عليها «شكرًا لسوء الأمن» وطالبوا فيما بعد بفدية قدرها مليون دولار، استعادتها الشرطة بعد ثلاثة أشهر بواسطة عملية سرية. أُدين أربعة رجال، لكن أُفرج عنهم في النهاية بفضل التحايل على القانون.
في آب 2004، دخل اثنان من اللصوص المقنعين متحف مونك في أوسلو، واحتجزوا السائحين والموظفين تحت تهديد السلاح في أثناء نهبهم للنسخة الأخرى من الصرخة، إضافة إلى لوحة مونك «مادونا». تعقبت الشرطة النرويجية اللوحات، التي أصيبت بتشققات طفيفة وأضرار مادية، واعتُقل اللصوص عام 2006.
المتحف الوطني السويدي يفقد لوحتين لرينوار ولوحة لرامبرانت (2000)
في عملية سرقة في كانون الأول 2000 كان من الممكن أن يحبكها كاتب هوليوود، استخدمت عصابة من اللصوص تكتيكات مثيرة لسرقة المتحف الوطني للفنون الجميلة في ستوكهولم. عندما هدد أحد أفراد العصابة موظفي الأمن بسلاح رشاش، وسرق اثنان آخران لوحتين لبيير أوغست رينوار ولوحة لرامبرانت.
في غضون ذلك، فجر شركاء اللصوص سيارات في أجزاء أخرى من المدينة لمنع الشرطة من الاستجابة بالكامل للوضع، وألقى الفريق أيضًا المسامير في الطريق خارج المتحف لإحباط الملاحقين، ثم قفز اللصوص إلى زورق سريع خارج الواجهة البحرية للمتحف مع غنائمهم. بعد أسابيع قليلة، تلقى المتحف مذكرة فدية بقيمة 3 ملايين دولار، التي رفض دفعها.
قُبِضّ على الجناة بعد فترة وجيزة وبحلول عام 2005 استُردت القطع الثلاث المفقودة.
سرقة كنوز معرض ويتوورث الفني (2003)
ثلاث لوحات لبيكاسو وفنسنت فان جوخ وبول غوغان بقيمة إجمالية تقدر بنحو 1.6 مليون دولار في ذلك الوقت، قضين ليلة ممطرة خلف حمام عام في الهواء الطلق بعد اختفائهن من معرض ويتوورث الفني القريب في مانشستر، إنجلترا في 26 نيسان 2003.
تلقت الشرطة التي تحقق في السرقة بلاغًا من مجهول بعد يوم واحد من السرقة، أدى بهم إلى مكان الإخفاء غير المحتمل للعمل الفني المفقود، والذي أطلق عليه لاحقًا اسم «الحمام الأثري». عُثِرَ على اللوحات محشوة داخل أنبوب من الورق المقوى مكتوب عليه ملاحظة تدعي أن اللصوص قد صمموا الحيلة فقط لتسليط الضوء على ضعف الأمن في المتحف.
سائحون زائفون يسرقون لوحة «العذراء تغزل النسيج» (2003)
تحفة من عصر النهضة يُعتقد أن ليوناردو دافنشي رسمها وتبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات. في آب 2003، انتشل اثنان من اللصوص الذين تظاهروا بأنهم سائحون لوحة العذراء تغزل النسيج (1501) من أحد جدران قلعة درام لانريغ في إسكتلندا، منزل أجداد دوق بوكليوخ.
بعد التغلب على حارس الغرفة، هرب اللصوص باللوحة إلى سيارة تنتظرهم وتخلصوا من إطار اللوحة خارج بوابات القلعة. بعد أربع سنوات، استعادت الشرطة اللوحة خلال مداهمة شركة محاماة في غلاسكو، ووجهت إلى ثمانية رجال تهم تتعلق بالسرقة. اعتقدت شرطة العاصمة لفترة طويلة أن اللوحة كانت في أيدي تجار المخدرات، الذين استخدموها ضمانًا للصفقات.
العمل معروض الآن في معرض أسكتلندا الوطني في إدنبرة.
سارق ماكر يسطو على متحف الفن الحديث (2010)
تسلل رجل مُقنَّع يُعتقد أنه تصرف بمفرده إلى متحف الفن الحديث في باريس في 20 مايو 2010، وخرج بخمس لوحات لا تقدر بثمن، متضمنةً لوحة بابلو بيكاسو «طير حمام مع البازلاء» و «لا باستورالي» لهنري ماتيس، إضافةً إلى أعمال لجورج براك وفرناند ليغر وأميديو موديلياني، بلغت قيمتهم مجتمعة نحو 70 مليون دولار آنذاك.
فييران توميتش الذي عُرف باسم «الرجل العنكبوت» لتسلقه جوانب المبنى لدخوله، الذي صقل مهاراته في الباركور عندما كان مراهقًا، إذ تسلق شواهد القبور والأضرحة في مقبرة بير لاشيز في باريس، أُدين وحُكم عليه بالسجن 8 سنوات. كما أدين اثنان من المتواطئين، أحدهما تاجر تحف زُعم أنه أمر بالسرقة، وصانع ساعات أخفى الأعمال.
لا يزال المحققون يبحثون عن اللوحات التي وصفها الخبراء بأنها غير قابلة للبيع في السوق المفتوحة.
اقرأ أيضًا:
حروب الوردتين: الأصل التاريخي لمسلسل صراع العروش
ترجمة : صفا روضان
تدقيق: هزار التركاوي