كان روبن هود، كما تروي قصته، يسرق من الأغنياء ويعطي الفقراء، لكن بعد الارتفاع المفاجئ لأسهم شركة «جيم ستوب»، ادعى الكثيرون أن تطبيق الوساطة المالية والتداول الذي يحمل اسم روبن هود يفعل نقيض بطل القصة. أطلق منشور مجهول على موقع ريديت موجة هجوم لشراء أسهم متجر ألعاب الفيديو جيم ستوب، الذي أدى إلى ارتفاع سعر السهم إلى أكثر من ألف بالمئة منذ بداية العام.
يقول المعنيون بأسواق المال إن الزيادة الكبيرة في أعداد مستثمري التجزئة أو المستثمرين الأفراد، دفعت سعر سهم جيم ستوب إلى التحليق دون أسباب اقتصادية واضحة. ما أحرج صناديق التحوط التي كانت قد راهنت على هبوط أسهم هذه الشركة وغيرها من الشركات التي لا شعبية لأسهمها في وول ستريت.
إليكم بعض الإجابات حول ما يحصل.
ما الذي رفع أعداد مستثمري التجزئة؟
يعزو الخبراء تزايد إقبال الأفراد على الاستثمار في الأسهم في أثناء جائحة كورونا إلى العديد من الأسباب. إذ زادت الإغلاقات العامة من الادخار، ووفرت حزم التحفيز السيولة للناس. إضافةً إلى معدلات الفائدة المنخفضة للغاية وانتشار تطبيقات التداول التي سمحت لأي شخص يملك هاتفًا ذكيًا بتداول الأسهم دون أي تكلفة.
نتيجة لذلك، ارتفعت نسبة طلبات شراء الأسهم وبيعها من المستثمرين الأفراد في السوق الأميركية عام 2020 إلى نحو 20%، مقابل 15% في 2019. في حين انخفضت النسبة في عمليات الصناديق الاستثمارية من 9.7% عام 2019 إلى 6.4% في 2020، وفقًا لبيانات بنك «يو بي إس» السويسري.
تُظِهر بيانات هذا العام مزيدًا من نمو استثمارات الأفراد. فمثلًا، قال موقع «إيتوتو» للوساطة عبر الإنترنت إن أكثر من 380 ألف مستخدم جديد اشتركوا في الموقع خلال أول 11 يومًا من 2021، فضلًا عن 5 ملايين استخدموا الموقع في 2020.
يتداول المستخدمون الأفراد خيارات الأسهم التي تعطي الحق في شراء الأسهم أو بيعها عند أسعار محددة سلفًا دون حاجة إلى دفع ثمنها مقدمًا، ما رفع من تأثير استثماراتهم في الأسواق، ومن قدرتها على التأثير في تحركات أسعار الأسهم.
ما الأثر الذي أحدثته زيادة استثمارات الأفراد؟
استفاد عمالقة التكنولوجيا مما حدث في العام الماضي. إذ شهدت شركات فيسبوك وأمازون وأبل ونتفليكس وألفابيت -المالكة لغوغل- تدفق الاستثمارات القياسية وارتفعت أسعار أسهمها كثيرًا.
ومع تبني البنوك المركزية لسياسات تسهيل التمويل، وإصدارها حزم تحفيز غير مسبوقة، ارتفعت القيمة السوقية للأسهم العالمية إلى مستوى قياسي بلغ 88 تريليون دولار، بزيادة هائلة قدرها 33 تريليون دولار عن مارس 2020، ما وجه أنظار المستثمرين إلى الأسهم منخفضة القيمة، خصوصًا تلك التي عانت خلال الجائحة.
من هذه الأسهم سهم جيم ستوب، الذي قفز في الأيام القليلة الماضية أكثر من 1600%، تزامنًا مع تحقيق شركات أخرى مثل شركة الترفيه «إيه إم سي» وبلاكبيري ونوكيا مكاسب كبيرة.
ماذا يحدث على ريديت ووسائل التواصل الاجتماعي؟
العديد من محللي ومتداولي الأسهم يعدون النقاشات الدائرة على مواقع مثل فيسبوك وتويتر وريديت المحرض الأساسي للتقلبات الكبرى الحاصلة في السوق، التي لا يمكن تفسيرها بأساسيات السوق أو بمقاييس التقييم التقليدية. اعتاد المستثمرون الأفراد نقاشات التواصل الاجتماعي، مع أن هذه النقاشات بدأت تكتسب تأثيرًا أكبر خلال الجائحة. حدد المستثمرون سلسلة نقاشات على موقع ريديت تُعرف باسم «رهانات وول ستريت» بوصفها محرك الاندفاع نحو شراء أسهم جيم ستوب.
جذب هذا اهتمام المستثمرين المحترفين، وأشار دينيس ديك المستثمر في سوق لاس فيغاس إلى أنه يزور موقع «سيكنج ألفا» قبل ذهابه إلى العمل، ويطلع على آخر التحديثات عبر تويتر، لكن فضوله لمعرفة ما يجري حاليًا، دفعه إلى الانضمام إلى مجموعة على موقع ريديت.
كيف تأثرت صناديق التحوط والمستثمرون المحترفون؟
كانت تقلبات أسهم جيم ستوب الكبيرة وغير المُفسرة مفاجئةً لوول ستريت، إذ تضرر البائعون على المكشوف، الذين راهنوا على هبوط أسهم جيم ستوب، وتكبد ميلفن كابيتال -صندوق التحوط الناجح والمستقر- خسائر كبيرة بسبب رهانه على خسارة جيم ستوب.
تزاحم المستثمرون على تغطية المراكز القصيرة ووقف الخسائر، بشراء المزيد من الأسهم بأسعار مرتفعة. لكن ما فعلوه في الواقع زاد تفاقم الوضع، وارتفعت الأسهم أكثر. صرح العديد من المتداولين: «إن الظاهرة المعروفة باسم «ضائقة المراكز القصيرة» جذبت المزيد من المستثمرين الأفراد بدافع ركوب الموجة وتحقيق المكاسب».
ما المخاطر المترتبة؟
رغم الخراب الاقتصادي الذي سببته جائحة كورونا، شهدت أسواق المال صعودًا كبيرًا منذ مارس 2020، لذا يحذر المستثمرون والمحللون من تشكل فقاعات الأصول، التي ستنفجر مع أول انعكاس لاتجاه الأسواق. وقد يفاقم المشكلة تسهيل منصات التداول الحصول على الأسهم، بمنح المستثمرين القروض وتشجيعهم على شراء الأسهم لمضاعفة عوائدهم، وربما يدمر انهيار الأسواق هؤلاء المستثمرين كليًا ويحيل استثماراتهم إلى حفنة من الأسهم غير المرغوبة.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: مالك عوكان
تدقيق: تسبيح علي
مراجعة: أكرم محيي الدين