الدارات الإلكترونية هي أجزاء متكاملة من جميع عمليات التقدم التكنولوجي التي تحدث في حياتنا اليوم.
إن التلفاز والراديو والهواتف والحواسيب هي أول ما يخطر في أذهاننا عندما نتكلم عن الدارات الإلكترونية؛ إلا أن هذه الإلكترونيات تُستخدم أيضًا في السيارات ذاتية القيادة، أجهزة المطبخ، المعدّات الطبية وعمليات التحكم في الصناعة.
يوجد في قلب كل من هذه الأجهزة مكونات نشيطة أو مكونات للدارات التي تتحكم بشكل إلكتروني بتدفق الإلكترونات مثل أشباه الموصلات، إلا أن هذه الأجهزة لم تكن لتعمل لولا وجود مكونات بسيطة وغير فعالة كانت قد سبقت أشباه الموصلات بعقود، على عكس المكونات الفعالة فإن المكونات غير الفعالة كالمقاومات والمكثفات والملفات غير قادرة على التحكم بتدفق الإلكترونات بواسطة إشارات إلكترونية.
المقاومة الكهربائية
مثلما يوحي اسمها؛ المقاومة الكهربائية هي مكوّن إلكتروني يُعيق تدفُّق التيار الكهربائي في دارة ما.
في المعادن مثل الفضة والنحاس، والتي تتميَّز بناقليتها العالية للتيار الكهربائي ومقاومتها الضعيفة، فإن الإلكترونات تستطيع أن تقفز بحُريّة من ذرَّة إلى ذرَّة تالية بمقاومة ضعيفة من قبل المعدن.
تُعرَّف المقاومة الكهربائية لمكوّن في دارة بأنها نسبة الجهد المُطبّق إلى التيار المتدفّق عبره، وذلك حسب موقع HyperPhysics وهو موقع إلكتروني بمثابة مصدر فيزيائي مُستضاف من قبل قسم علوم الفيزياء والفضاء التابع لجامعة ولاية جورجيا؛ إن الواحدة المُتعارف عليها للمقاومة الكهربائية هي واحدة الأوم والتي سُمّيت بذلك نسبةً لعالم الفيزياء الألماني جورج سيمون أوم.
يُعرّف الأوم بأنه مقاومة دارة يجتازها تيار كهربائي قدره أمبير واحد ويطبّق عليها جهد قدره فولط واحد، يُمكن أن تُحسَب المقاومة بتطبيق قانون أوم حيث أن المقاومة تساوي الجهد مقسوم على شدة التيار أو نكتب رياضيًّا: R=V/I ( قد يكون الشكل الشائع للمعادلة هو: V=RI ) حيث تُعبّر R عن المقاومة الكهربائية وV عن الجهد الكهربائي وI عن التيار الكهربائي.
تُصنَّف المقاومات الكهربائية بشكل عام إلى مقاومات ثابتة وأخرى متغيرة:
- المقاومات الكهربائية ثابتة القيمة: هي مقاومات بسيطة غير فعّالة تملك قيمة واحدة تبقى ثابتة دومًا عند قيم الجهد والتيار المحدّدَين لها. تتوفر هذه المقاومات بقيم كثيرة تبدأ من 1 أوم وتصل إلى عدة ملايين.
- المقاومات الكهربائية متغيرة القيمة: هي أجهزة ميكانيكية-كهربائية بسيطة مثل متحكّمات الصوت ومفاتيح التحكم بالضوء؛ والتي تغيّر الطول الفعّال أو درجة الحرارة الفعّالة للمقاومة عندما تُدير مقبض ما أو تُحرك مُتحكّم ما.
المِلف أو الوشيعة
المِلف هو عبارة عن مكوّن إلكتروني يتألف من سلك ملفوف يجتازه تيار كهربائي مولّدًا حقل مغناطيسي؛ واحدة معامل الحثّ أو التحريض هي الهنري وذلك نسبةً للفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري الذي اكتشف الملف بشكل مستقل وإن كان بالوقت نفسه تقريبًا مع عالم الفيزياء الأمريكي ميشيل فاراداي، يمكن القول بأن كل واحد هنري يساوي كميّة الحث المطلوبة لحثّ واحد فولط من القوّة الكهروحركية( أي الضغط الكهربائي المطبّق من مصدر طاقة) عندما يتغير التيار بمقدار واحد أمبير كل ثانية.
من التطبيقات المهمة للملفات في الدارات الفعّالة أنّها تقوم بصدّ الإشارات ذات الترددات العالية بينما تدَع التذبذبات ذات الترددات المنخفضة تمر، ويمكنك أن تلاحظ أن هذه الوظيفة هي العكس تمامًا لوظيفة المكثفات.
إن عملية جمع هذين المكوّنين في دارة واحدة يمكن أن يؤدي وظيفة الاختيار الانتقائي لترددات معيّنة أو يولّد تذبذبات لأي تردّد مطلوب.
مع انتشار الدارات المتكاملة مثل الشرائح الإلكترونية باتَ استخدام المِلفّات أقل وذلك لصعوبة تصنيع الملفات ثلاثية الأبعاد في الدارات المطبوعة ذات البعدين، ولذلك يتم بناء الدارات الصّغريّة بالاعتماد على المكثّفات بدل الملفات لتحقيق نفس النتائج بشكل أساسي، وذلك بحسب ميشيل دوبسون؛ بروفيسور الفيزياء في جامعة (كولورادو بولدر- Colorado Boulder).
السعة الكهربائية
تُعرّف بأنها قدرة جهاز ما على تخزين الشحنة الكهربائية وبالمثل نجد أن المكوّن الإلكتروني الذي يخزّن الشحنة الكهربائية يسمّى المكثّفة، المثال الأقدم عن المكثفات هو مكثفة Leyden jar وهو جهاز تم اختراعه لتخزين شحنة كهربائية ثابتة على ورقة قصدير تبطّن داخل وخارج جرة زجاجية صغيرة.
تتكون أبسط مكثفة من سطحين أو صفيحتين منفصلتين بواسطة ممر ضيّق، الاختلاف في الجهد الكهربائي بين السطحين هو كمية متناسبة مع الفرق في الشحنة بين السطحين؛ يتم التعبير عن ذلك بالقانون: Q=CV حيث تعبّر Q عن الشحنة وV عن الجهد الكهربائي وC عن السعة.
سعة المكثفة هي كمية الشحنة القادرة على تخزينها خلال واحدة الجهد، تُقدّر السعة بواحدة الفاراد التي يرمز لها بالحرف F وسُميت بذلك نسبةً للعالم فاراداي.
وتُعرّف بأنها السعة اللازمة لتخزين كولوم واحد من الشحنة عند تطبيق جهد بمقدار واحد فولط. كل واحد كولوم C يُعبّر عن كمية الشحنة التي يتم نقلها بوجود تيار قدره أمبير واحد خلال ثانية واحدة من الزمن.
لزيادة فعاليّة المكثفة يتم تكديس الصفائح في طبقات أو تُلف مع ترك منفذ صغير جدًا للهواء فيما بينها، المواد العازلة توقف بشكل جزئي الحقل الكهربائي بين الصفائح، تستخدم غالبًا في منفذ الهواء مما يساعد الصفائح على تخزين شحنة أكبر بدون انحناء أو قصور في الدارة.
تتواجد المكثَفات بشكل أساسي في الدارات الكهربائية الفعّالة التي تعتمد على الإشارات الكهربائية المتذبذبة كتلك الموجودة في أجهزة الراديو ومعدّات الصوت تستطيع المكثفات أن تحتفظ بالشحنة وتقوم بتفريغها بشكل آني مما يسمح باستخدامها لإنتاج أو انتقاء الترددات في الدارات، تستطيع الإشارة المتذبذبة شحن صفيحة واحدة من المكثفة بينما تُفرّغ الصفيحة الأخرى شحنتها وعندما يتم الاحتفاظ بالتيار فإنه يشحن الصفيحة الأخرى بينما تُفرّغ الأولى شحنتها وهكذا.
بشكل عام تستطيع الترددات العالية أن تجتاز المكثفة بينما يتم صد الترددات الأقل.
يتحدد حجم المكثفة بتردد القطع الذي يتم بحسبه تمرير الترددات أو صدّها؛ تُستخدم المكثفات بشكل عام لانتقاء ترددات محدّدة ضمن مجال محدّد.
يتم صناعة (المكثّفات الضخمة -SuperCapacitors) بالاعتماد على تقنية النانو لبناء طبقات صغيرة جدًا من المواد مثل مادة الغرافين لتحقيق سعات أكبر بعشر مرات إلى مئة مرة مقارنةً مع المكثفات المألوفة من الحجم نفسه لكنها تتمتّع باستجابة زمنية أبطأ من المكثّفات التقليدية لذا لا يمكن استخدامها في الدارات الفعّالة، ولكن من الممكن استخدامها كمصدر للطاقة في بعض التطبيقات مثل رقاقات الذاكرة في الحواسيب لمنع خسارة البيانات في حال انقطاع التيار الأساسي.
تعدّ المكثفات مكوّنات حيوية أو أساسية في أجهزة التوقيت المختلفة كتلك الأجهزة المُطوّرة من قبل شركة SiTime وهي شركة مقرّها كاليفورنيا.
تُستخدم هذه الأجهزة على نطاق واسع ومتنوّع من التطبيقات، ابتداءًا بالهواتف المحمولة وصولًا إلى القطارات عالية السرعة والتجارة في أسواق البورصة. تُعرف الأجهزة باسم MEMS أو الأنظمة الكهربائية الإلكترونية الصغيرة وتعتمد هذه الأجهزة الصغيرة على المكثّفات لتعمل بالشكل المناسب.
إذا لم يملك جهاز المرنان أو الجهاز كاشف الذبذبات الهرتزية( وهو المكوّن ذو الذبذبات في أجهزة التوقيت) المكثّفة المناسبة وسعة الحمل المناسبة لن تبدأ دارة التوقيت بشكل صحيح، وفي بعض الحالات تتوقف دارة التذبذب بشكل كامل، هذا ما قاله Piyush Sevalia نائب المدير التنفيذي للتسويق في شركة SiTime.
- ترجمة وتحرير: كارينا معوض
- تدقيق: سلام طالب
- المصدر