أظهر العلماء فعليًا التأثير الكمي في جهاز الأشعة السينية ، والذي يهدف إلى القضاء على ضوضاء الخلفية المرافقة للفحص الدقيق. يمكن استغلال العلاقات بين أزواج الفوتونات في المقاييس الكمية لخلق صور أكثر وضوحًا من تلك الناتجة عن البصريات الكلاسيكية القديمة. ويُطلق على هذا المجال الجديد اسم التصوير الكمومي. يملك هذا المجال إمكانيات مثيرة للإعجاب حقًا، خاصةً أنه يمكن إظهار الأجسام التي لا يمكن رؤيتها عادةً باستخدام الضوء البصري، مثل العظام والأعضاء.
يصف الارتباط الكمومي عددًا مختلفًا من العلاقات بين أزواج الفوتونات. ويُعتبر التشابك إحدى تلك العلاقات ويُطبق في التصوير الكمي البصري.
ولكن تُعد التحديات التقنية لخلق تشابك بين الفوتونات باستخدام موجات من الأشعة السينية أكبر بكثير من تلك التي واجهناها باستخدام الضوء المرئي، لذلك اتبع الفريق نهجًا جديدًا لتخليق الأشعة السينية الكمومية.
لقد استخدموا تقنية الإضاءة الكمومية لتقليل ضوضاء الخلفية الناتجة، وهي عادةً ما تستخدم هذه الفوتونات المتشابكة، ولكن بارتباطات تعمل بشكل أضعف. فبواسطة عملية تسمى التحويل المحدود المنخفض-PDC، استطاع العلماء فصل الفوتون عالي الطاقة إلى فوتونين منخفضي الطاقة، يُطلق عليهما فوتون الإشارة-Signal Photon والفوتون المهمل-Idler Photon.
وفقًا لما جاء في ورقتهم البحثية، قال الباحثون: «أظهرت العديد من الدراسات تقنية PDC للأشعة السينية مثبتةً وجودها، ويُعد تطبيق التأثير مصدرًا لتصوير الأشياء الخفية مؤخرًا».
وأضافوا: «مع ذلك، في جميع الأبحاث المنشورة سابقًا، لم تُقس إحصائيات الفوتون. واقعيًا وحتى هذه اللحظة، لا يوجد أي دليل تجريبي على أن الفوتونات الناشئة بواسطة تقنية الـ PDC للأشعة السينية تعرض إحصائيات للحالات الكمومية للإشعاع. كذلك لم يسجل أي رصد لحساسية القياس الكمومي المحسن في الأطوال الموجية للأشعة السينية».
فعّل الباحثون تقنية PDC في الأشعة السينية باستخدام كريستالة ماسية، بطريقة يقسم بها هيكل الكريستال غير الخطي إشعاع فوتونات الأشعة السينية إلى شعاع الإشارة والشعاع المهمل، ولكل منهما نصف طاقة الشعاع الأصلي.
عادةً ما تكون تلك العملية غير فعالة باستخدام الأشعة السينية العادية، لذلك رفع الفريق الطاقة باستخدام إشعاع السينكروتون في مختبر SPring-8 الموجود باليابان، إذ أطلقوا إشعاعًا بقوة 22 كيلو إلكترون فولت من الأشعة السينية على الكريستالة خاصتهم، والذي انفصل إلى شعاعين بقوة 11 كيلو إلكترون فولت لكل منهما.
يُوجَه إشعاع الإشارة إلى الجسم المراد تصويره (في ذلك البحث، كان الجسم المراد تصويره عبارةً عن قطع صغيرة من المعدن تحتوي على ثلاثة شقوق) مع وجود كاشف على الجانب الآخر. أما الإشعاع المهمل فيُرسَل باتجاه كاشف آخر، بكيفية يضرب كل شعاع الكاشف الخاص به في نفس المكان وبنفس التوقيت.
قال الفيزيائي ساسون سوفير – SasonSofer من جامعة بار إيلان بإسرائيل: «العلاقة المثالية التي رصدناها بين الوقت والطاقة تعني أن فوتنين قد يكونان مرتبطين كميًا».
في الخطوة التالية، قام الباحثون بعملية مقارنة لاكتشافهم، فكان هنالك حوالي 100 فوتون مرتبطين لكل نقطة في الصورة، وأكثر من 10000 فوتون في الخلفية.
لكن استطاع العلماء مكافأة وربط كل الفوتونات المهملة بفوتونات الإشارة، فتمكنوا بالفعل من معرفة أي من تلك الفوتونات بالصورة من الشعاع، وبالتالي يمكن فصل ضوضاء الخلفية بسهولة. ثم قارنوا تلك الصور بالصور العادية غير المحتوية على الفوتونات المرتبطة، والصور الناتجة المحتوية على فوتونات مرتبطة. وكانت الأخيرة أكثر وضوحًا.
ما يزال الوقت مبكرًا بعد، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح. كأداة قد تكون مثيرةً للغاية، تصوير الأشعة السينية الكمومي قد يكون له العديد من الاستخدامات خارج نطاق تكنولوجيا الأشعة السينية.
أحد الوعود التي تعد به التقنية الجديدة هي خفض كمية الأشعة المطلوبة في التصوير بالأشعة السينية، ما يعني أنه سيمكن تصوير العينات البسيطة التي تتلف بواسطة الأشعة السينية، أو العينات التي تتطلب درجات حرارة منخفضة نوعًا ما، فانخفاض الأشعة يعني انخفاض درجة الحرارة. ويمكن أيضًا أن تمكن الفيزيائيين من معرفة ما تحتويه نواة الأشعة السينية.
من الواضح أن التطبيقات الطبية حاليًا خارج الطاولة، وذلك نظرًا لأن الأشعة السينية الكمومية تتطلب مسرعًا كبيرًا للجسيمات. أظهر الفريق إمكانية تنفيذ ذلك، لكن خفض حجم الإشعاع سيكون صعبًا.
في وقتنا الحالي، فإن الخطوة التالية هي تحديد ما إذا كانت الفوتونات متشابكة. قد يتطلب ذلك قياس وصول الفوتونات إلى الكواشف في نطاقات الأوتوثانية (وحدة زمنية تبلغ 10^-18 من الثانية) وهو غير متاح في تقنياتنا الحالية. ما يزال هذا إنجازًا عظيمًا جدًا.
كتب الباحثون: «لقد أظهرنا القدرة على الاستفادة من الارتباطات القوية بين الطاقة والوقت في أزواج الفوتونات للكشف الضوئي المحسن بالكم. إن الإجراء الذي قدمناه يمتلك إمكانيات كبيرة لتحسين أداء قياسات الأشعة السينية».
وأضافوا: « نتوقع أن يفتح لنا هذا العمل الطريق أمام المزيد من مخططات الكشف عن نظام الأشعة السينية المحسنة بالكم، بما يتضمن ذلك منطقة الحيود والتحليل الطيفي».
اقرأ أيضًا:
تساعد تكنولوجيا الليزر العلماء على فحص ودراسة خلايا السرطان
ما هو التصوير باستخدام الأشعة السينية؟
ما هو التحليل الطيفي بالأشعة السينية؟
ترجمة: آية قاسم
تدقيق: محمد وائل القسنطيني