مع مرور الوقت وتطور انتشار المرض وفهمنا لأسبابه تغير منحى النقاشات المتعلقة به على الإنترنت، وبعد مرور ما يقارب 10 أشهر من عام 2020 يناقش الخبراء التالية أسماؤهم أشهر الخرافات المنتشرة حول فيروس كورونا في الفترة الأخيرة:
- د. هان لي المسؤول الطبي الرئيسي
- د. لينزي سلوفيتشيك، مديرة الإرشاد للمكونات الدوائية
- د. جيني يو، المسؤولة الرئيسية للإرشاد الطبي
1. ازدادت أرقام الإصابات في الولايات المتحدة ولكن أرقام الوفيات ما تزال قليلة نسبيًا، ما يعني أن الفيروس قد أصبح أقل خطرًا ولا يجب أن نقلق.
ترتبط معدلات الإصابة والإدخال إلى المشفى والوفيات ببعضها غالبًا، وإذا ازداد أحدها ازداد الباقي، ولكن الأمر ليس كذلك دومًا. وهذا يعتمد على الصحة العامة لأفراد المجتمع وسرعة الخضوع للاختبارات والوصول إليها والعلاج وقدرة المجتمع على التعامل مع الحالات الشديدة.
رأينا في العديد من المناطق نسبًا عالية من الإصابات مع وفيات قليلة، والتفسير الأرجح هنا هو سهولة الوصول إلى الاختبارات ما يزيد أعداد الإصابات وتوفر العلاج ما يقلل من الوفيات. فعند بداية وصول الفيروس إلى الولايات المتحدة كانت العديد من المناطق غير مجهزة جيدًا لذا كانت أعداد الاختبارات قليلة، ولكن الاختبارات متوفرة الآن بأعداد أكبر بالإضافة إلى أننا نعلم المزيد عن المرض لذلك تعالج الحالات الشديدة بصورة أفضل ما يقلل أعداد الوفيات.
في الواقع ما زالت الكثيرون يموتون أو يعانون مضاعفات خطيرة، ولا يوجد علاج محدد ينجح في جميع الحالات وخاصة في أكثر الفئات عرضة للخطر مثل كبار السن ومن يعانون أمراضًا مزمنة كالربو والسكري والسرطان. وما زلنا لا نعرف المضاعفات طويلة الأمد لدى من أصيبوا بالعدوى وتعافوا، ولكن توجد بعض الحالات التي بقيت فيها أعراض مثل صعوبة التنفس لعدة أشهر بعد الإصابة.
ورأينا بعض الأشخاص الذين تماثلوا للشفاء وأصيبوا مرة أخرى، لذا تبقى أفضل استراتيجية لدينا هي تجنب الإصابة ونقل العدوى إلى الآخرين، وبما أن هذا الفيروس من الممرضات الانتهازية فإن العدوى تنتشر بصورة كبيرة عندما لا تؤخذ إجراءات الوقاية بجدية.
2. كانت خطورة الفيروس مبالغًا في تقديرها منذ البداية.
يصعب تقدير خطورة الأمراض المنتشرة بسرعة والتي تعلن جائحات عالمية، ويصعب استيعاب الإحصائيات المتعلقة بها عندما تقدر الأعداد بالملايين، إذ توجد القليل من الأمراض التي تنتشر فيها العدوى عن طريق الوجود مع شخص مصاب في غرفة صغيرة لعدة دقائق وقد ينتهي الأمر بحاجة المصاب فيها إلى جهاز التنفس. وأمراض أقل تسبب وفيات تتجاوز المليون خلال ثمانية أشهر بإصابات تجاوزت 40 مليون إصابة.
في الواقع، وفقًا لتقديرات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها سبّب فيروس كورونا أعداد وفيات (218 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة) تجاوزت الأعداد التي سببتها الإنفلونزا خلال مواسم عدة، إذ تقدر أعداد الوفيات المتعلقة بالإنفلونزا بما يتراوح بين 12000-61000 حالة سنويًا منذ عام 2010.
مع أن فيروس كورونا يصيب فئات معينة أكثر من غيرها، إلا أن الجميع معرضون لخطر الإصابة سواء كانوا شبابًا أو كهولًا أو أغنياء أو فقراء. لحسن الحظ لا يسبب الفيروس الوفاة لدى جميع المصابين ولكن الأطباء لا يقللون من خطورة الفيروس.
3. مجرد إنفلونزا
بعض المصابين بالفيروس كانوا محظوظين لأن أعراض إصابتهم خفيفة أو لم يشعروا بها، ولكن التقليل من خطورة الإصابة أمر خاطئ لأنها تسببت بمئات الآلاف من الوفيات، إضافةً إلى الأعراض التي تبقى بعد الإصابة كالمشكلات التنفسية التي لا تسببها الإنفلونزا الموسمية.
الإنفلونزا الموسمية قد تكون مميتة أحيانًا ولكنها لا تسبب أعداد حالات الإسعاف الكبيرة التي سببها فيروس كورونا، وسبب ذلك هو وجود لقاحات متوفرة للإنفلونزا الموسمية تقي من الإصابة بها أو تخفف الأعراض بصورة كبيرة بخلاف الإصابة بفيروس كورونا الذي لا نملك أي لقاح أو علاج معتمد له.
من المثير للقلق أيضًا مع اقتراب الشتاء إمكانية الإصابة بالإنفلونزا وفيروس كورونا في الوقت نفسه، الأمر الذي يحمل خطورة كبيرة وقد يكون مميتًا.
4. اقتربنا من الوصول إلى مناعة القطيع
تنشأ مناعة القطيع عند إصابة غالبية البشر بمرض ما بحيث يصعب انتشاره بعد ذلك، وتنشأ هذه المناعة عبر التمنيع أو الإصابة الطبيعية. في الولايات المتحدة يجب أن يصاب نسبة 70% من السكان (حوالي 200 مليون) بالمرض ويتعافوا منه لتحقيق مناعة القطيع ولكن يشترط لحدوث ذلك أن تكون المناعة ضد فيروس كورونا طويلة الأمد.
ولكن لا توجد أدلة حتى الآن تثبت أن الإصابة بالمرض ثم الشفاء منه يسبب مناعة طويلة الأمد، إضافةً إلى أننا ما نزال في مراحل مبكرة من معرفتنا بالمرض والمناعة التي تنشأ بعد الإصابة لذلك لا ينصح بالتسبب بعدوى كبيرة للوصول إلى مناعة القطيع. كما لا يمكننا أن نفترض أن المناعة إذا تحققت ستكون طويلة الأمد لذا تبقى إجراءات الوقاية ضرورية.
5. يضعف التباعد الاجتماعي جهاز المناعة
التباعد الاجتماعي ضروري للتقليل من خطر الإصابة، وهو أمر متبع منذ وقت طويل لإيقاف انتشار الأمراض، إذ إن الابتعاد عن المرضى وتوصيتهم بالبقاء في المنزل عند المرض أمر منطقي وغريزي، ومع ذلك تطورت المناعة للتكيف مع الظروف المحيطة. أظهرت الأبحاث أن المناعة يمكن تحسينها بطرق مدروسة وليس بالتعرض العشوائي، لذا فإن التباعد الاجتماعي ضروري لحماية جميع أفراد المجتمع؛ لأن إصابة أعداد كبيرة في الوقت نفسه يشكل عبئًا كبيرًا على قطاع الرعاية الصحية.
6. تفاقم انتشار عدوى كوفيد-19 بسبب تكنولوجيا الجيل الخامس من شبكات البث الخلوي 5G
هي نوع من أمواج الراديو الرقمية وتستخدم لتحسين بث واستقبال البيانات. ولا توجد أي أدلة تشير إلى وجود علاقة بين أمواج الراديو وتردداتها وانتشار الفيروس.
7. تسبب الكمامات ضررًا أكثر من النفع
الكمامات أدوات واقية من الأمراض المنتقلة عبر الهواء وهي تحمي من يرتديها ومن حوله بمنع انتشار العدوى عبر القطيرات الخارجة من الأنف والفم، لذلك يرتديها الأطباء والممرضون خلال العمليات الجراحية لحماية الجميع منذ عدة عقود.
لا يسبب ارتداء الكمامة لفترات طويلة انخفاضًا في مستويات الأكسجين أو ارتفاعًا في مستويات ثاني أكسيد الكربون لدى العاملين في الرعاية الصحية ولا يسبب أي مشكلات صحية لدى باقي السكان أيضًا. بالإضافة إلى أن العاملين في البناء والصناعة يرتدون الكمامات منذ فترات طويلة لحماية أنفسهم من العوامل الممرضة والمواد الكيميائية.
لم تظهر الأبحاث أي أدلة تشير إلى أن ارتداء الكمامات لفترات طويلة قد يؤثر على الحالة الصحية.
8. أصبح بإمكان الأطباء معالجة كوفيد-19
لا يوجد علاج لعدوى فيروس كورونا حتى الآن، ولكن العاملين في الرعاية الصحية يتعلمون المزيد عن المرض يوميًا، وتزداد مع مرور الوقت المؤشرات الدالة على فعالية العلاجات الداعمة التي تقلل شدة الإصابة ومدتها. إذ يعطي الأطباء الستيرويدات للحالات الحرجة أحيانًا، وتعالج بعض الحالات بدواء ريمديسيفير المضاد للفيروسات، وعلى خلاف ذلك أثبتت التجارب أن دواء هيدروكسي كلوروكين ليست له فاعلية في علاج كوفيد-19.
ما تزال التجارب السريرية جارية لمعرفة فاعلية وأمان بعض العلاجات الأخرى مثل بلازما المتعافين من الفيروس، وقد طرأ تطور ملحوظ في معرفتنا بالمرض ولكن ما يزال هناك الكثير لمعرفته، ومع تزايد هذه المعرفة يمكننا أن نعالج المصابين فيكون عدد الوفيات أقل ما يمكن. ولكن دون وجود علاج نهائي تبقى إجراءات الوقاية كارتداء الكمامة وغسل اليدين والالتزام بالتباعد الاجتماعي أهم ما يمكننا القيام به.
9. شركات الأدوية الكبرى تمتنع عن توزيع اللقاح
لا، فالتجارب السريرية المطلوبة للوصول إلى لقاح آمن وفعال تستغرق عدة سنوات عادة، وهذا ما سيحدث في حالة كوفيد-19، فالفترات الطويلة التي يستغرقها إعداد اللقاح ضرورية من أجل ضمان نجاحه مع أعداد كبيرة من السكان، ومن الضروري أيضًا معرفة الآثار الجانبية التي قد تحدث بعد أسابيع أو أشهر من أخذ اللقاح، وبعد الوصول إلى اللقاح المناسب يستغرق تحضيره لأعداد كبيرة من الأشخاص وقتًا أيضًا.
يجب توفير اللقاح فور جاهزيته للأشد حاجة إليه كالعاملين في الرعاية الطبية الذين يتعاملون مع مرضى كوفيد-19. ويجب أن تعطى الأولوية لمن يعانون مضاعفات المرض الأشد وهم كبار السن ومن يعانون أمراضًا مزمنة كالسرطان وأمراض الرئة والحالات الأخرى التي تضعف المناعة. وعند توفر لقاح ناجح للكورونا يجب الأخذ بعين الاعتبار الحالات التي يستحسن فيها أخذ اللقاح بناء على عوامل الخطر لدى المصاب.
10. يمكن للمضادات الفيروسية والستيرويدات معالجة كوفيد-19 والعاصفة السيتوكينية
تحارب المضادات الفيروسية الفيروس المسبب للمرض، وتساعد الستيرويدات في تقليل إمكانية حدوث الاستجابة المناعية المفرطة المسؤولة عن بعض حالات الوفاة المرتبطة بفيروس كورونا. إذ وجد العلماء أن الستيرويدات تخفف من شدة الحالة الالتهابية الشديدة التي تسمى بالعاصفة السيتوكينية وتأثيرها، ولكن الأدلة الداعمة لهذا العلاج ليست حاسمة، ولا بد من المزيد من الأبحاث لمعرفة المصابين الأكثر استفادة من هذا العلاج.
يعتمد نجاح أي علاج على الحالة الصحية للمصاب والمشكلات الصحية الكامنة لديه، فالمصابون الذين يعانون حالات صحية خطيرة مسبقًا ومناعتهم ضعيفة سيجدون صعوبة في محاربة العدوى مهما كانت الخيارات العلاجية قوية وفعالة في التجارب السريرية.
الخلاصة
غيّرت جائحة كورونا وجه العالم، وعرّضت الصحة العامة والنفسية لسكان العالم لضربة كبيرة، وفهمنا ومقاربتنا للعلاج يأخذ شكلًا أفضل بمرور الوقت، ويجب في هذا الوقت أن ينصب تركيزنا على العلم.
البحث العلمي سينجينا من هذه الأوقات العصيبة وليس السياسيين ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، لذا فإن الاستماع إلى من يملكون معرفة علمية وطبية واسعة هو أفضل طريقة لتجاوز هذه المحنة.
اقرأ أيضًا:
طفرات فيروس كورونا.. ما نعرفه حتى الآن
ترجمة: ليلان عمر
تدقيق: جعفر الجزيري