لم تعد شركات صناعة السيارات تكافح من أجل منافسة تسلا على تكنولوجيا السيارات الكهربائية فحسب، بل إنها تسعى جاهدة لمنافستها في أرقام الإنتاج أيضًا.
تستطيع شركات السيارات الرئيسية تصنيع ملايين السيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي سنويًا، وساد افتراض لسنوات بأنها قادرة على زيادة إنتاج السيارات الكهربائية سريعًا فور تسريب تكنولوجيا البطاريات، ووجود ما يكفي من المستهلكين الذين يبدون اهتمامًا بتلك التكنولوجيا.
وتشير التوقعات لستة من أكبر مصانع السيارات حتى عام 2024 أن فولكسفاجن هي مصنع السيارات الوحيد الذي يعد على المسار الصحيح للتفوق على تسلا لإنتاج السيارات الكهربائية. ومن المتوقع زيادة الشركات الأخرى بيعها للسيارات الكهربائية، لكنّ أيًا منها لن يقترب من منافسة تسلا.
تباهى إيلون ماسك في أكتوبر 2021 أن إنتاج تسلا من السيارات الكهربائية قد زاد بمعدل 71% سنويًا على مدى الخمس سنوات السابقة، وقال: «أشعر بالثقة لقدرتنا على الحفاظ على شيء كهذا، على الأقل أكثر من 50% ولمدة ليست بقليلة».
تُعد السيارات الكهربائية منتجًا خاصًا ومتناميًا في نفس الوقت. شكلت تلك السيارات 3% فقط من سوق السيارات العالمية عام 2020، وصنعت تسلا نصف مليون سيارة تقريبًا، ولكن استحواذها على 11.4% من السوق العالمية هذا الربع يبدو متوقعًا.
بين عامي 2017 و2020، كان إنتاج فورد للسيارات الكهربائية يساوي أقل من 2% من إنتاج تسلا. وفي هذا العام تضخم إنتاجها بفضل سيارة موستانغ ماخ-اي، إذ بلغ معدل إنتاجها 83 ألف سيارة عام 2021 وهو ما يمثل 10% من إنتاج تسلا.
وفقًا لبيرنشتاين رفعت فورد توقعاتها وقالت أنها ستنتج 600 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول نهاية عام 2023، وهو ما يزال نصف الإنتاج المتوقع لتسلا. لكنه يتوقع أن يكون الرقم الحقيقي أقل من ذلك وأن يكون أقرب إلى 450 ألف سيارة.
وفي الوقت نفسه، قال الرئيس التنفيذي لشركة فورد جيم فارلي للموظفين هذا الشهر «إن نموذج تسلا 3 الآن أكثر السيارات مبيعًا في كل من أوروبا والمملكة المتحدة. وإذا كنا سننجح، فلا نستطيع تجاهل هذه المنافسة بعد الآن».
وفي إطار جهودها الرامية إلى سد الفجوة، استثمرت شركة فورد في شركة ريفيان الناشئة للسيارات الكهربائية، وأصبحت تملك حصة 12.1% من الشركة في أواخر 2021.
اقترحت فورد مخططًا لإنشاء سيارة كهربائية باستخدام تكنولوجيا ريفيان، لكن فارلي صرح في مقابلة نُشرت في أخبار أوتوموتيف أن هذا لن يحدث بعد الآن.
وقال للمجلة: «عندما تقارن اليوم مع الوقت الذي استثمرنا بذلك حينها في الأصل، ترى تغير الكثير بشأن قدرتنا، وحول وجهة العلامة التجارية في كلتا الحالتين، والآن أصبح الأمر أكيدًا بالنسبة لنا وما يجب علينا القيام به من ناحية المنافسة في مجال السيارات الكهربائية».
كان هيربرت ديس، الرئيس التنفيذي الحالي لفولكسفاغن الوحيد الذي يأخذ تسلا على محمل الجد بوصفها منافسًا. وفي عام 2017، وضع خطة لتجاوز تسلا بحلول عام 2025، إذ أشار إلى مزايا خفض التكاليف عند زيادة الإنتاج التي ستسمح للشركة بصنع السيارات الكهربائية لملايين الناس، وليس للمليونيرات فقط على حد تعبيره.
ولكن التقدم في برنامج فولكسفاغن الطموح واجهته العديد من التحديات. وتوقع بيرنشتين بيع المجموعة 450 ألف سيارة كهربائية في 2021 وهو ما يقل عن الهدف الأصلي البالغ 600 ألف سيارة، ويرجع ذلك إلى نقص أشباه الموصلات، التي لم تعاني تسلا بسبه بنفس القدر من الصعوبة.
وصرح بيرنشتين: «2021 بالنسبة لنا ليس نهاية العالم ولكنه أيضًا ليس سببًا للاحتفال».
ويتوقع تفوق مجموعة فولكسفاغن على تسلا في معرض السيارات الكهربائية بحلول أوائل عام 2024.
بالنسبة إلى شركتي بي إم دبليو ومرسيدس، أكبر شركات صناعة السيارات الفاخرة في العالم من حيث الحجم، فإن إنتاجهما سويًا من السيارات الكهربائية أقل من خُمس إنتاج شركة تسلا في 2021 مع أن مرسيدس أطلقت سيارة كهربائية من فئة أس كلاس الرائدة EQS.
وقد يكون بعض هذا التأخر ناتجًا عن مخاوف الشركتين من التخلص التدريجي المبكر من إنتاج سيارات الاحتراق الكامل. وصرح دايملر مالك مرسيدس بنز أن سيارات البنزين والديزل هي المحرك النقدي التي ستساعد على تمويل الانتقال إلى وقود نظيف.
وأعربت شركة بي إم دبليو أيضًا عن شكوكها إزاء النمو المتوقع لسوق السيارات الكهربائية وسلطت الضوء على قدرتها في الحفاظ على المبيعات وعلى هوامش الربح باتباع نهج أكثر حذرًا.
واعترف ديس أن تسلا شركة تحدد المعايير عندما يتعلق الأمر بإنتاج السيارات الكهربائية. وأشار إلى أن تسلا تُنتج السيارة في عشر ساعات، في حين أن فولكسفاغن على سبيل المثال تحتاج حاليًا إلى ما يقارب 30 ساعة لصنع نماذجها ID.3 و ID.4.
وصرح فيكتور إيرل مدير موقع EV-Volumes.com «نرى أن تسلا تتمتع بالكثير من المزايا، كونها أكثر تحقيقًا للتكامل العمودي وتملك سيطرة أكبر على سلسلة التوريد».
وبنسب إيرل الفضل إلى تسلا لخط إنتاجها البسيط. إذ تملك تيسلا أربعة نماذج فقط في مجموعتها ومعظم عام 2020 تركز على إنتاج النموذجين تسلا Y وتسلا 3 فقط بالسعة الإنتاجية المقررة بينما كان النموذجين S و X لا يُنتجان كثيرًا. في حين أن شركة فولكسفاغن طرحت أكثر من عشرين نموذج للسيارة الكهربائية في السوق.
غير أن إرل أقل تفاؤلًا بشأن ما إذا كان الآخرون سيتمكنون من اللحاق بشركة تسلا في المستقبل القريب إذ قال «صحيح أن تسلا تنمو ببطء قليلًا، ولكنها ما تزال تنمو أكثر من ناحية الحجم، ولا نرى أن أحدًا قد يتجاوز تسلا في أحجام المبيعات حتى عام 2026».
اقرأ أيضًا:
لماذا تقوم الشركات الكبرى مثل تسلا وأمازون بعملية تجزئة الأسهم؟
ترجمة: عمرو سيف
تدقيق: بشير حمّادة
مراجعة: محمد حسان عجك