قد يحدثُ القلق أو الاكتئاب معًا في ظروف معينة، وفي حالات أخرى قد يكون أحدهما سببًا للآخر.
أحيانًا يكون الجواب على سؤال: (كيف حالك) أكثر تعقيدًا مما يتخيله السائل، لكنك بالمقابل ترد بسرعة: (أنا بخير) مع أنك لست كذلك؛ لأنه يصعُب عليك الاعتراف أنك تحتاج للمساعدة. لكن إذا كانت مشاعرك مُشوشة، ولا يمكنك معرفة ذلك، حينئذ يكون تحديد المشكلة قضيةً أخرى.
قد تشعر بتغيّر في مزاجك أو طاقتك وتتساءل عن السبب، القلق أو الاكتئاب؟
القلق يجعلك كثير الحذر والخوف، في حين يتركك الاكتئاب بمزاجٍ منخفضٍ وخائب، وتبدو تلك حالات مختلفة، إلّا أنها مترابطة ومتشابهة، ويشيع حدوثها بصورةٍ متزامنة.
تعطينا الطبيبة النفسية كارين يعقوب (Karen Jacobs) موجز حول الاكتئاب والقلق: عن مدى ماهيتهما، وبماذا يتمثلان، وبماذا يرتبطان، وأيضًا ما الفرق بينهما؟
ما القلق؟ وما الاكتئاب؟
لكل من القلق والاكتئاب سماته وأعراضه السريرية المميزة، لكنهما يشتركان ببعض الصفات.
القلق:
هناكَ اختلافٌ بين القلق والاكتئاب، فالقلق يعني شرود القلب أو اضطراب البال، والقلق كاضطراب (اضطراب القلق).
توّضح الطبيبة كارين: “من الطبيعي أن تقلق (يشرُد بالك) من وقت لآخر، كالقلق على نتائج اختباراتك أو عن طلبك علاوة من مديرك… لكن إذا استمر القلق ولازمك في جميع جوانب حياتك، فقد يكون هناكَ شيءٌ أكبر من مجرد اضطراب البال”.
تتجلى أعراض اضطراب القلق بالآتي:
- تشوّش البال (القلق) المستمر والشديد (يشعر كأن الأشياء لا تجري بصورةٍ صحيحة).
- التفكير الزائد.
- تخيل الأسوأ من كل حدث.
- التفكير بالأحداث والعواقب.
- التَردد.
- الخوف.
- عدم القدرة على الراحة.
- الشعور بالإرهاق.
- صعوبة في التركيز واضطراب جسدي.
بالإضافة لأعراض جسدية:
- إجهاد وشد عضلي.
- ضيق في الصدر.
- سهولة وسرعة الشعور بالإرهاق.
- خفقان القلب.
- قصور النفس.
إن الإدمان على حالة القلق وتحفيزها المستمر لوضعية الكَرّ والفَر له عواقب وخيمة على الصحة. وتنصح الطبيبة كارين بطلب المساعدة من مختص في حال الشعورِ بالأعراض المذكورة.
الاكتئاب:
يختلف الاكتئاب بالمعنى الحقيقي عن الشعور بالحزن أو السوداوية، والفارق الكبير بينهما أن الأعراض غير شديدة أو غير مزمنة في حالة الحزن، بمعنى آخر، لا يعرقل الحزن (أو تلك الحالة السوداوية) ممارستك لمهامك اليومية، إنه فقط يوم سيء.
بيد أن الاكتئاب يؤثر على مزاجك وقدرتك على ممارسة الحياة اليومية، وتتجلى أعراض الاكتئاب الفارقة بالآتي:
- الشعور بالحزن والخيبة الشديدين.
- فقدان الشغف.
- مشاكل في النوم.
- الشعور بالإرهاق.
- تغير الشهية للطعام.
- آلام جسدية (غير مبررة).
- الشعور بالعبء حتى في المهام الصغيرة.
- التفكير في أذية النفس، وحتى الانتحار.
- الشعور بعدم الاستحقاق وتدني تقدير الذات والمزاج المكتئب.
بم يتشابه القلق والاكتئاب؟
الاضطرابان شائعان، ويؤثران في قدرة الشخص على عيش حياته اليومية، حتى أنهما يتشاركان بعض الأعراض:
- مشاكل هضمية.
- تغير الشهية للطعام أو الوزن.
- صعوبات في النوم.
- صعوبة في التركيز.
- سرعة الغضب والانزعاج.
من المهم أن تخبر طبيبك المختص في حال كنت تعاني أحد الأعراض السابقة.
_لاختلاف بين القلق والاكتئاب:
في حال شعورك بتغيرات في مزاجك ولم تستطع تمييز ما تمر به فيما إذا كان قلقًا أو اكتئابًا أو كلاهما:
وجّه انتباهك لمستوى طاقاتك ولنظرتك للحياة والمستقبل. إذ يميل الاكتئاب لجعل الشخص منخفض الطاقة والإقبال على الحياة، وفاقدًا للشغف والدافع. في حين أن اضطراب القلق يشعرك بالتوتر وأنك مشحون بطاقة غالبًا ما يكون مصدرها أفكار تنافسية وقلق.
ويختلفان بصورةٍ كبيرة أيضًا في طريقة العلاج، إذ من المهم جدًا أن تتواصل مع معالجك أو طبيبك النفسي أو مقدم الرعاية وتتأكد من تلقيك العلاج المناسب الصحيح.
هل يمكن أن يصاب الشخص باضطراب القلق والاكتئاب معًا؟
نعم ممكن، بل ومن الشائع أيضًا. نصف الأشخاص تقريبًا ممن شُخِّصوا بالاكتئاب، كانوا يعانون من اضطراب القلق أيضًا، وذلك بحسب الجمعية الأميركية للقلق والاكتئاب (Anxiety & Depression Association ).
في الواقع، فقد يكون أحد الاضطرابين مسببًا للآخر كما شوهد في حالات عدة.
تقول د.كارين: “الأمر أشبه بمحاولتنا معرفة من أتى أولًا، البيضة أو الدجاجة، فنحن نحاول اكتشاف أي الاضطرابين يحدث أولًا، وإذا ما كان أحدهما مسببًا للآخر…” وتضيف أيضًا: “قد يشعرك الاكتئاب بالقلق، كما أن قلقنا حيال شيء يدفعنا للاكتئاب”.
قد يفقدك القلق القدرة على الخروج من المنزل، لذلك تصبح وحيدًا أو منعزلًا، فيتصاعد الشعور نحو الاكتئاب. وبشكل مشابه، إذا كنت مكتئبًا قد تبدأ الشعور بالقلق حيال عملك أو مهامك غير المكتملة.
يخلق الاكتئاب حالة من الاضطراب والقلق حيال تحكم الشخص بنفسه، وعند هذه المرحلة، يكون في خطر عالٍ لإلحاق الضرر بنفسه. ويتطلب الاكتئاب المصحوب بالجزع معالجة جادة وسريعة من أجل تدبير الحالة والسيطرة عليها.
ما علاج القلق والاكتئاب؟
كلا الاضطرابان قابلان للعلاج، سواء حدثا معًا أو بصورةٍ منفصلة. وقد أعطت الطرائق الآتية فوائد ملحوظة:
- العلاج النفسي بالكلام.
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT).
- التأمل.
أو بالمشاركة بين السابق.
من أهم الطرائق للحدّ من السمعة السيئة التي تلحق بالعلاج النفسي وتحديدًا الصحة العقلية، التثقيف والتعليم بالإضافة للشفافية والوضوح، ليصبح الناس أكثر قدرةً للحصول على العلاج المناسب.
بادرْ دائمًا إلى طلب المساعدة من مختص في حال واجهت أنت أو شخص غيرك مشكلة ما.
لا بأس إذا لم تستطع تحديد بالضبط ما تعاني منه الاكتئاب أم القلق، لكن المشكلة تكمن في مرور الأيام دون ظهور التحسّن النفسي، حينها يجب أن تنوي بكل إصرار أن تتجه خطواتك نحو التعافي.
قد تبدو لك صحتك النفسية معقدةً ومتشابكة، لكن لا يعني أنها ستبقى معقدةً للأبد، ستصبح واضحةً مع بدئك الاهتمام بنفسك وتلقي الدعم والعناية المناسبين.
اقرأ أيضًا:
الحلقة المفرغة: الاكتئاب سبب ونتيجة للتوتر
ماذا يجب أن يُفعل عند الشعور بالاكتئاب؟
ترجمة: حنان احمد
تدقيق: غفران التميمي
مراجعة: أحلام مرشد