كان النظام الشمسي عجينيَّ الشكل بعض الشيء، قبل أن يأخذ شكل القرص المسطح، فقد أخذ توزع الصخور والغبار شكل الدونات أكثر من شكل (البانكيك) او الكعكة الدائرية متعددة الطبقات.
هذه هي النتيجة التي توصل إليها العلماء بعد دراسة النيازك الحديدية القادمة من النظام الشمسي الخارجي، وتلك نتيجة لا يمكن تفسيرها إلا إذا كان النظام الشمسي حلقي الشكل.
تساعدنا المعلومات سالفة الذكر على تفسير سبب ظهور الأنظمة الكوكبية وتحديد الترتيب الذي تأخذه.
يبدأ تشكل النظام الكوكبي حول نجم ما بسحابة جزيئية من الغاز والغبار المنجرفة عبر الفضاء. وفي حال أصبحت هذه السحابة كثيفة بما يكفي، سيتسبب ذلك في انسحاقها بفعل جاذبيتها الخاصة، ومن ثم تتشكل في أثناء دورانها لتصبح بذرة لنجم صغير مكتمل النمو، وبينما تدور، تأخذ المواد المحيطة بالسحابة شكل قرص دائري يغذي هذا النجم الأولي.
تتشكل داخل القرص كتل أصغر وتصبح هذه التكتلات إما بذورًا أوليةً كوكبية لكوكب مكتمل، أو ما يحصل في عادةً، وهو أن يتوقف تطورها وتصبح كويكبات صغيرة الحجم.
لقد لاحظنا وجود هذه الأقراص عدة مرات حول نجوم أخرى وداخلها فجوات تتشكل بفعل الكواكب التي تلتهم الغبار من القرص في أثناء دورانها. ولكن تخبرنا النيازك الحديدية التي وجدناها في نظامنا الشمسي بجزء آخر من القصة.
وفقًا لفريق يقوده عالم الكواكب بيدونج تشانغ من جامعة كاليفورنيا، لوس آنجلوس، فإن تركيب الكويكب في النظام الشمسي الخارجي بحاجة إلى أن تكون سحابة المواد على شكل دونات بدلًا من سلسلة من الحلقات المركزية المتداخلة في قرص مسطح، وتقترح هذه المعلومات أن المراحل الأولى من اندماج النظام تكون حلقية الشكل.
النيازك الحديدية التي نتحدث عنها هي قطع من الصخور وصلت عبر رحلتها الطويلة إلى الأرض من النظام الشمسي الخارجي، تتفوق في غناها بالمعادن الحرارية على تلك الموجودة في النظام الشمسي الداخلي. مثل هذه المعادن مثل البلاتنيوم والإيريديوم لا تتشكل إلا في بيئة حارة مثل التي تقترب من الظروف التي تشكل نجمًا.
نحن في معضلة حقيقة لأن النيازك الحديدية لم تأت من النظام الشمسي الداخلي ولكن من خارجه، ما يعني أنها تشكلت بالقرب من الشمس واندفعت إلى الخارج مع توسع القرص الكوكبي الأولي.
تبعًا لنموذج صنعه تشانغ وزملاؤه، لم تكن لهذه المواد الحديدية القدرة على اجتياز فجوات القرص الكوكبي الأولي.
طبقًا لحساباتهم، فإن الهجرة كانت لتحدث بسلاسة لو كانت هيئة الكوكب الأولي حلقية الشكل. ونتيجة لذلك ستنطلق المواد الحديدية إلى الهوامش الخارجية من النظام الشمسي المتشكل.
وبالتالي، بعد أن يبرد القرص وتبدأ الكواكب بالتشكل، كان عدم قدرة الصخور على اختراق فجوات القرص تعمل كجدار حماية عالي الفاعلية تمنعها من الاندماج في الشمس بفعل قوة الجاذبية.
قال تشانغ: «عند تشكّل كوكب المشتري فمن المحتمل أنه فتح فجوة مادية حجزت الإيريديوم والبلاتينوم في القرص الخارجي ومنع سقوطها في الشمس».
وتابع: «ساهمت هذه المواد لاحقاً في تشكّل الكويكبات في القرص الخارجي، وهذا يفسر سبب احتواء النيازك المعدنية التي تشكلت في القرص الخارجي مثل الكوندريتات الكربونية والنيازك الحديدية من النوع الكربوني، على نسبة أعلى بكثير من الإيريديوم والبلاتينيوم من أقرانها في القرص الداخلي».
من المدهش حقا كم المعلومات التي يمكن أن تتعلمها من صخور حديدية منقرة.
نُشر البحث في موقع أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of National Academy of Science.
اقرأ أيضًا:
القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما قد تفسر لنا نشأة النظام الشمسي!
ترجمة: خضر نعامة
تدقيق: بسام موسى