إنها إحدى قواعد الحياة الخفية التي لا نراها بوضوح: مجموع كل وجهين متقابلين في النرد القياسي يساوي دائمًا سبعة. فالرقم ستة مقابل الرقم واحد والرقم خمسة مقابل الرقم اثنين والرقم ثلاثة مقابل الرقم أربعة، هكذا هو الأمر. لكن هل تساءلت يومًا عن السبب؟

لم يكن الأمر سابقًا بهذه السهولة، ففي العصور الوسطى المتأخرة، كان النرد مصممًا غالبًا ليكون للجانبين المتقابلين قيمتان متتاليتان -إذ يكون وجه الرقم واحد مقابلًا لرقم اثنين وثلاثة مقابل أربعة وخمسة مقابل ستة- وفي سومر ومصر القديمة، كان نمط النقاط في الأساس عبارة عن رمية، ولكن بطريقة ما اليوم أصبح تكوين السبعات هو ما توصلنا إليه.

عند سؤال محرك بحث معروف عن السبب وراء ذلك، يوجد تفسيرات تتحدث عن توزيع الأرقام بالتساوي قدر الإمكان وفقًا لاحتمالات الرياضيات، وذلك للحفاظ على عشوائية رمي النرد. لكن وفقًا لقوانين الرياضيات، لا تصمد هذه التفسيرات عند الاختبار، ففي نهاية المطاف يوجد احتمال واحد على ستة لظهور أي قيمة، ولا يغير موضع القيم ذلك الأمر بأي حال من الأحوال.

مع ذلك، بينما نتحدث عن الجوانب الرياضية للأمر، يوجد ميزة واحدة لنظام الترقيم القياسي القائم على السبعة في عالم الإنتاج الضخم، فهذا يعني أن أخطاء الإنتاج البسيطة في أبعاد النرد لن تؤثر في القيمة المتوقعة، أي المتوسط الحسابي للنتائج.

إنها معلومة صغيرة لطيفة عن الاحتمالات، ولكن هل هي السبب وراء هذا النمط؟ ربما لا. إنها من الأشياء المهمة عند التفكير في حساب متوسط نتيجة 10000 رمية، لكن عند لعب لعبة مع الأصدقاء، فإن حقيقة أن القيمة المتوقعة ما تزال 3.5 ليست بنفس أهمية حقيقة أن الحصول على الرقم ستة أمر مستحيل على ما يبدو.

علاوةً على ذلك، يوجد حقيقة مفادها أن هذا النظام يعود إلى آلاف السنين، وقد كتب عالم الآثار العظمية هانز كريستيان كوشلمان في عام 2018: «ظهر أول نرد مكعب بنظام ترقيم قانوني في المملكة المصرية الحديثة، في القرن السادس عشر قبل الميلاد».

تابع: «لقد تبنى الإغريق هذه الطريقة في الألفية الأولى قبل الميلاد، وكان هذا التقليد يُتبع بصرامة نسبيًا في الثقافة اليونانية والرومانية».

كان هذا قبل وقت طويل من ابتكار الناس لمفاهيم مثل الاحتمالية أو التعامل مع عيوب التصنيع، لذا فمن غير المرجح أنهم اختاروا نمط الجمع إلى سبعة لهذا السبب. حتى النرد الأكثر بدائية الذي وجده الباحثون -المصنوع من عظام المفاصل لذلك فهو غير منتظم كثيرًا في احتمالاته- غير مرقم بطريقة تدعم هذه النظرية على نحو كامل.

هذا النوع من الحسابات لا يترك إلا التفضيلات الجمالية، ويشير كوشلمان إلى أن الصيغة التي تتألف من سبعة أرقام هي الاحتمال الوحيد لترتيب الأرقام من 1 إلى 6 في أزواج متماثلة، وأي ترتيب آخر من شأنه أن يؤدي إلى مجموع مختلف للأضلاع المتقابلة، وبطبيعة الحال فإن سبعة هو عدد أولي وبذلك له أهمية خاصة في الرياضيات.

قد يبدو الأمر تافهًا لدى البعض، ولكن كان اليونانيون معروفين بشغفهم الشديد بهذا النوع من الأشياء. كتب كوشلمان: «في ألعاب النرد اليوم، تكون التركيبة الأقل احتمالًا هي الأكثر قيمة، ولكن في العصور القديمة كانت التركيبة الأكثر توافقًا هي الأعلى قيمة، وربما ينطبق هذا أيضًا على نظام الترقيم».

مهما كان السبب الأصلي وراء هذا الإعداد، من المؤكد أن هذه اللعبة أصبحت شائعة جدًا. في الواقع، بحلول نهاية العصور الوسطى، وُجدت قوانين فعلية تحظر صنع النرد بأي شكل آخر، وربما يكون هذا هو السبب وراء انتشارها على نطاق واسع اليوم.

بعبارة أخرى، إن السبب وراء أن ناتج جمع كل وجهين متقابلين في النرد يساوي سبعة هو أن الناس اعتادوا فعل ذلك على هذا النحو، وهكذا كان الأمر أساسًا، ويلخص كوشلمان الأمر قائلًا: «لقد ابتكر شخص مجهول في العصور القديمة اليونانية التصميم التقليدي للنرد، فأصبح قاعدة وتقليدًا، وأصبح انتهاكه يُعَد مخالفة لنظام اللعبة».

اقرأ أيضًا:

اكتشاف ثوري: علماء الرياضيات يفتحون أبواب أشكال هندسية جديدة في عالم الطبيعة

تطبيقات الرياضيات: نظرية العقد قد تحدد أفضل المسارات للمركبات الفضائية المدارية

ترجمة: شهد حسن

تدقيق: تمام طعمة

مراجعة: ميرڤت الضاهر

المصدر