أجرت جامعة ييل دراسة جديدة حددت من خلالها لأول مرة عوامل الخطر التي قد تسبب النوبة القلبية أو ما يسمى احتشاء عضلة القلب الحاد (AMI) لدى الرجال والنساء في عمر 55 عامًا أو أقل.
وقد اكتشف الباحثون عوامل خطر مرتبطة بحدوث النوبة القلبية، ووجدوا أن ارتباطها بالمرض لدى فئة الشباب تختلف حسب الجنس، ما يستدعي وضع إستراتيجية وقائية خاصة بكل جنس.
مثلًا، يرتبط ارتفاع التوتر الشرياني والسكري والاكتئاب والفقر مع حدوث النوبة القلبية عند النساء أكثر مقارنةً بالرجال.
وقد نشرت الدراسة في 3 مايو 2022في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية JAMA.
اختبرت هذه الدراسة علاقة الانتشار الواسع لعوامل خطورة النوبة القلبية ضمن الشباب، رغم ارتباط النوبة القلبية بالمتقدمين بالعمر غالبًا.
وقد استخدم الباحثون بيانات نحو 2264 شخصًا يعاني نوبات قلبية من VIRGO، إضافةً إلى اختيار مجموعة من NHANES تضم نحو 2264 شخصًا أيضًا، مطابقة للمجموعة الأولى من ناحية العمر والجنس والعرق.
وانتهت الدراسة إلى نتيجة أساسية، وهي أن الشبان يمتلكون غالبًا عوامل خطورة مختلفة عن الشابات.
ارتبط حدوث النوبة القلبية عند النساء مع سبعة عوامل خطورة مختلفة، وهي: السكري والاكتئاب وارتفاع التوتر الشرياني والتدخين، وسوابق الاحتشاء العائلية ودخل الأسرة المنخفض وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم.
وقد رُتبت هذه العوامل تبعًا لدرجة ارتباطها مع حدوث النوبة القلبية كما يلي:
داء السكري ثم التدخين ثم الاكتئاب ثم ارتفاع التوتر الشرياني والكوليسترول ثم دخل الأسرة المنخفض ثم سوابق الاحتشاء العائلية.
ونجد أن عوامل الخطورة الرئيسية لدى الرجال هي التدخين وسوابق الاحتشاء العائلية.
صرحت يوان لو، وهي أستاذ مساعد في كلية الطب في جامعة ييل والمؤلفة الرئيسة للدراسة: «إن معدلات الاحتشاء بين النساء الشابات ازدادت ازديادًا ملحوظًا في الأعوام الماضية».
وأضافت: «تعد إصابة النساء الشابات بالنوبة القلبية ظاهرة غير معتادة، فقد وجدنا في الماضي أن النساء الشابات مهددات بالوفاة بعد احتشاء العضلة القلبية أكثر بضعفين من الرجال من العمر نفسه، وقد حددنا في هذه الدراسة الحديثة فوارق مهمة في عوامل الخطورة ومدى ارتباطها بحدوث النوبات القلبية حسب الجنس».
استُخدم تحليل خصائص السكان في تحديد تأثير عوامل الخطورة المختلفة على مستوى السكان.
كشفت لو وزملاؤها عن وجود سبعة عوامل خطورة قابلة للتعديل، تشكل القسم الأكبر الذي قد يسبب النوبة القلبية، لدى الشابات بنسبة 83.9% ولدى الشبان بنسبة 85.1%، وبعض هذه العوامل، مثل: ارتفاع التوتر الشرياني وداء السكري والاكتئاب والفقر، تؤثر بنسبة أكبر في الشابات مقارنةً بالشبان.
رأى هارلان كرومهولز -أستاذ في الطب في جامعة ييل، وكبير الكتاب في المجلة- أن البحث يناقش أهمية دراسة مجموعة الشابات اللواتي يعانين نوبات قلبية، وهذه المجموعة أُهملت في كثير من الدراسات، وهي اليوم تقارب بعددها الشابات اللواتي شُخص لديهن سرطان الثدي.
قال الباحثون: «إن رفع الوعي بين الأطباء والمرضى الشباب يجب أن تكون الخطوة الأولى».
وأضافوا: «يجب أن تتوسع رقعة المبادرات الوطنية، مثل: Go Red for Women، التي تقوم بها الجمعية الأمريكية لأمراض القلب، وأن تشمل هذه المبادرات مجالات أوسع بهدف رفع الوعي حول مخاطر الأمراض القلبية الوعائية لدى الشابات».
ويحتاج مقدمو الرعاية الصحية إلى تحديد الإستراتيجيات الفعالة التي تؤدي إلى إيصال مثالي للتوجيهات المعتمدة على الأدلة، والتي تؤدي دورًا مهمًا في الوقاية من النوبات القلبية.
مثلًا، قد تساعد طرق التنبؤ بالخطر لدى كل مريض الأطباء على تحديد الأفراد الأكثر تعرضًا للخطر بهدف تطوير أساليب العلاج، وقد يكون من المهم أخذ الأنماط الفرعية للنوبة القلبية في الحسبان.
فقد وجد الباحثون أن حدوث النمط الأول من النوبة القلبية مرتبط أكثر بعوامل خطورة معينة، مثل: ارتفاع التوتر الشرياني وداء السكري وارتفاع الكولسترول في الدم، أما الأنماط الأخرى للنوبات القلبية كانت أقل شيوعًا، بما فيها النمط الثاني الذي يرتبط بمعدل وفيات أعلى.
قالت لو: «أصبحنا ندرك وجود العديد من الأنماط الفرعية المختلفة للنوبة القلبية، لذلك نمضي قدمًا نحو منهج طبي دقيق نستغني من خلاله عن معالجة كل المرضى بالطريقة نفسها، وإن نجاح هذه المداخلات على المستوى الفردي مرتبط من الأساس بالوقاية من النوبة القلبية وتعزيز فوائد الصحة».
تعد هذه الدراسة من أولى الدراسات في الولايات المتحدة وأوسعها؛ والتي أجرت تقييمًا شاملًا للارتباط بين طيف واسع من عوامل الخطورة وتعرض الشابات للنوبات القلبية، مقارنةً بعينة من الشبان.
وقد تضمنت الدراسة أيضًا مجموعة من السكان سميت بمجموعة «الشاهد»، أُخذت من برنامج الصحة الوطنية وفحص التغذية، وهو برنامج يُعنى بدراسة الأمور السكانية والاجتماعية والاقتصادية والغذائية والصحية.
استُخدمت الدراسة الطولية تقليديًا لتقييم خطر حدوث النوبة القلبية لدى السكان الشباب.
وفي هذا النوع من الدراسات، نحتاج إلى وقت طويل لمتابعة عوامل الخطورة ريثما يظهر المرض؛ بسبب المعدل المنخفض للأزمات القلبية لدى الشباب في الحالة الطبيعية.
صرحت لو: «غالبًا لا يستطيع الباحثون العثور على حوادث كافية من النوبات القلبية تمكنهم من الحصول على أدلة تؤكد عوامل الخطر ودورها النسبي في إصابة الشبان والشابات بهذا المرض».
وأكملت:«استخدمنا في هذه الدراسة تصميمًا جديدًا مكننا من دراسة مجموعة كبيرة من المرضى الذين تعرضوا لنوبات قلبية سابقًا، من خلال تحديد مجموعات سكانية سميت بمجموعات (الشاهد أو المراقبة)، وقد اخترنا هذه المجموعات من مجتمع الدراسة وهي متقابلة من ناحية العمر والجنس والعرق مع مجموعات من السكان المعرضين لعوامل خطورة مؤهبة لحدوث النوبات القلبية، ما سمح بالمقارنة بين هاتين المجموعتين، وبذلك نكون قد استخدمنا تصميم حالة-شاهد لتقييم الارتباط بين عوامل الخطر تلك وحدوث النوبة القلبية. وتعد هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات وأضخمها لمتابعة هذه القضية متابعةً شاملة».
وفقًا لبحث نُشر في مجلة جاما، تنخفض معدلات الاستشفاء للأزمات القلبية في الولايات المتحدة الأمريكية مع الوقت.
وذكرت لو أيضًا: «إذا درسنا العلاقة بين هؤلاء المرضى وأعمارهم، سنلاحظ ازدياد نسبة المرضى الشباب الذين يحتاجون إلى الاستشفاء بعد تعرضهم لنوبة قلبية، ما يهدد بوجود نزعة لحدوث هذه النوبات في أعمار مبكرة، لذا كان من الضروري الاهتمام بسبل الوقاية من النوبات القلبية لدى الشابات».
تشكل نسبة النساء الشابات نحو 5% من جملة حالات النوبات القلبية التي تحدث في الولايات المتحدة سنويًا.
وأضافت: «إن عددًا كبيرًا من النوبات القلبية يحدث سنويًا في الولايات المتحدة، لذلك تؤثر هذه النسبة الصغيرة في عدد لا بأس به من الناس، فهناك نحو 40000 مريضة شابة تمكث في المستشفى سنويًا للعلاج من النوبات القلبية، وأمراض القلب هي السبب الرئيسي للوفيات في هذه الفئة العمرية».
وقد أكدت لو أهمية نشر الثقافة بما يتعلق بهذا الأمر، فقالت: «في أثناء حديثنا عن النوبات القلبية لدى الشابات، غالبًا ما يكون الناس غير مدركين لما يكفي من المفاهيم المتعلقة بهذا الموضوع. إذ نستطيع أن نحصل على نتائج أفضل إن استطعنا منع حدوث هذه الأزمات القلبية لدى الشابات. ويشكل زيادة الوعي بخصوص النوبات القلبية لدى الشابات الجزء الرئيسي في إستراتيجيتنا، وقد تساعدنا الخطوة القادمة وهي الوقاية من الأمراض القلبية الوعائية لدى الشابات على فهم دور عوامل الخطورة المتعلقة بجنس النساء فهمًا أفضل».
وقد أظهرت دراسات سابقة أن العوامل المتعلقة بجنس النساء خاصةً، قد تكون مرتبطة بخطر الإصابة بالنوبة القلبية، لكن ما تزال بيانات النساء الأقل من 55 عامًا محدودة.
تقول لو: «نأمل أن ندرس العوامل المتعلقة بجنس النساء، مثل: سن انقطاع الطمث والحمل والدورة الشهرية وغيرها من العوامل التي تتعلق بالنساء خاصةً، وتحليل مقدار مساهمة هذه العوامل بحدوث الأزمات القلبية لديهن».
اقرأ أيضًا:
المكان الذي تعيش فيه قد يؤثر في صحتك بعد الإصابة بنوبة قلبية
إصلاح القلب وتجديده بعد نوبة قلبية: هل صار الأمل قريبًا؟
ترجمة: حلا بلال
تدقيق: عبد المنعم الحسين
مراجعة: لبنى حمزة