يُشير مصطلح الخدر العاطفي أو البرود العاطفي إلى امتلاك المرء استجابات عاطفية محدودة تجاه الأحداث الداخلية والخارجية. قد يظهر الخدر العاطفي بوصفه عرضًا لحالة طبية أخرى، أو أثرًا جانبيًا لبعض الأدوية.
يخلق الخدر العاطفي شعورًا بالفراغ أو الانعزال أو الانفصال عن العالم. قد يلاحظ الشخص استجابة الآخرين لبعض الأحداث بشكل مختلف عنه، ما يصعّب فهم السبب الكامن وراء اختلاف المشاعر.
أعراض الخدر العاطفي:
لا يمر الجميع بتجربة الخدر العاطفي بالطريقة ذاتها. قد يمتلك البعض استجابةً صامتة، أو حتى استجابة دون وجود أي تعبير خارجي عنها، لذات الأحداث التي يتفاعل الآخرون معها.
قد يُصادف المرء مواقف تدعو عادةً للشعور بالحزن أو الفرح، لكنه لا يقابله بأي من الشعورين، ما يجعل فهم مشاعر الآخرين تحديًا.
تتضمن الأعراض الأخرى للخدر العاطفي:
- شعور مستمر بانخفاض الطاقة والحافز.
- لا مبالاة تجاه الأشخاص أو الأشياء التي كان المرء يكترث لأجلها.
- شعور بعدم أهمية أي شيء.
- انفصال المرء عن ذاته والآخرين في حياته.
- برودة المشاعر أو عدم القدرة على الإحساس بنطاق واسع من الأحاسيس.
- صعوبة في تعرف المرء على مشاعره.
- قلة تعابير الوجه التي تعكس مشاعر المرء الحقيقية.
ما شعور الخدر العاطفي؟
يعد الخدر العاطفي، المعروف أيضًا بالبرود العاطفي، شعورًا صعب التخيل عند الأشخاص الذين لم يمروا بهذه التجربة من قبل.
يصف بعض الناس الخدر العاطفي بأنه شعور بالفراغ أو الإحباط، في حين يُعبر الآخرون عنه بشعور الانعزال. يصف البعض الخدر العاطفي بأنه شعور بالتشتت أو الضياع.
قالت إحدى المصابات عن الخدر العاطفي، التي شعرت به بوصفه أحد أعراض إصابتها بالاكتئاب، أنها تشعر أحيانًا أنها غير مرئية كأنها شبح. ترى عائلتها وأصدقاءها يتفاعلون مع بعضهم، لكنها تشعر بوجود حاجز شفاف يمنعها من مشاركتهم ذلك. تشعر أنها غواصة تنجرف بعيدًا دون أن تُكتشف، وهي تتحسس وتلتقط مشاعر الآخرين حولها كالسونار. لا تستطيع الإجابة رغم ذلك لو سُئلت عن مشاعرها الشخصية.
ما أسباب الخدر العاطفي؟
قد تسبب عدة عوامل الخدر. يمثل كل من الاكتئاب والقلق الأسباب الأكثر شيوعًا للبرود العاطفي، من الأسباب الأخرى:
- لتوتر وهرمونات الشدة: قد تسبب فرط مستويات هرمون الكورتيزول في الدم الخدر العاطفي وانخفاض الاستجابة العاطفية لدى البعض.
- اضطراب ما بعد الصدمة: يؤثر اضطراب ما بعد الصدمة في مستويات هرمونات الشدة، وثبت ارتباطه ببعض أعراض الاكتئاب والقلق، مثل الخدر العاطفي.
- الأعراض الجانبية للأدوية: لأدوية الاكتئاب والقلق دور في خفض مستويات الهرمونات المتعلقة بالمزاج وعمليات الدماغ. تؤثر مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية في مستويات السيروتونين في الدماغ، ما قد يغير من مستويات الدوبامين أيضًا. اقترحت مراجعة أُجريت عام 2021 أن هذا قد يفسر الخدر العاطفي المرافق لتناول هذه الأدوية، لكن معظم النتائج غير مؤكدة حتى الآن.
- اضطراب تبدد الشخصية: قد يشعر المصابون باضطراب تبدد الشخصية بالخدر في عقولهم أو أجسادهم.
- الضعف: يؤدي الضعف الجسدي المزمن والإنهاك إلى الخدر والبرود العاطفي.
كيفية علاج الخدر العاطفي
غالبًا ما يستمر الخدر العاطفي فترة مؤقتة تتراوح بين عدة ساعات وعدة أيام.
يُمثل اكتشاف السبب الكامن وراء الخدر وعلاجه الخطوة الأولى في طريق الشفاء. قد يستفسر الطبيب عن جميع الأدوية التي يتناولها المرء حاليًا أو سابقًا، إضافةً إلى السؤال عن الأعراض الأخرى التي تواجه المريض. قد يلجأ الطبيب لتغيير الدواء أو تخفيف الجرعة، إذا استنتج كونه عاملًا مساعدًا في الخدر العاطفي.
خيارات علاجية عاجلة:
- مراجعة مختص الصحة النفسية: قد تخفف تقنيات التأقلم التي يقترحها مختص الصحة النفسية على المريض حالة الخدر العاطفي. يلجأ بعض الأطباء النفسيون لوصف الأدوية، لكن الجلسات القائمة على الكلام والحديث مفيدة أيضًا.
يصف بعض المختصين مضادات القلق مثل البنزوديازيبينات أو حاصرات بيتا لفترة قصيرة، حتى تبدأ مضادات الاكتئاب بالتراكم والتأثير في الجسم، إذ تستغرق مضادات الاكتئاب عادةً نحو 6 أسابيع حتى تظهر فعاليتها.
- الاعتماد على الداعمين من العائلة والأصدقاء: يُنصح المرضى بالتواصل مع الأشخاص المحبين لهم، حتى لو وجدوا في بداية الأمر صعوبة. غالبًا ما يتفهم المحيط مرور المرء بصعوبات في الوقت الحالي، ويحاولون التواصل أكثر أيضًا. يفيد ذلك المرضى الذين يجدون راحة في التعبير لأحبائهم عما يمرون به.
- الرياضة: قد تخفف دروس الركض والسباحة والملاكمة التوتر. وتفيد النشاطات الخفيفة مثل المشي في تنشيط تدفق الإندورفينات إلى الدماغ، التي تمثل هرمونات المزاج الجيد، ما يفسر أهمية النشاطات الجسدية وفائدتها.
- النوم الكافي: يُساعد الحصول على 7-9 ساعات من النوم الجيد كل ليلة على زيادة التركيز والتحفيز، ومن ثم تحسين مشاعر المرء.
خيارات علاجية طويلة الأمد:
تتضمن طرق علاج الخدر العاطفي والوقاية منه ما يلي:
- حمية متوازنة: تقدم الأطعمة الغنية بالمغذيات الطاقة الكافية للجسم ليُتم عمله على أكمل وجه. تحسن الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة المزاج، تحديدًا الأسماك والفواكه الطازجة والخضر.
- التحكم في التوتر: لتخفيف التوتر آثار إيجابية على الجسم، إذ يُساعد على تقليل تكوّن هرمونات الشدة والتحكم في المشاعر. أظهرت تمارين تخفيف التوتر، مثل التأمل واليقظة، فوائدها في تحقيق تلك الفوائد.
- تمارين التوعية: يساعد مختص الصحة النفسية المريض على التعمق في تمارين فكرية منتظمة، ما قد يفيده في إعادة اكتشاف مشاعره وارتباطه بالعالم.
الخلاصة:
يُعد الخدر العاطفي، رغم اختلاف أسبابه، تجربةً مؤقتة. ويعتمد الحل عادةً على تحديد السبب الكامن وراءه. إذا كان البرود العاطفي –مثلًا- عرضًا للاكتئاب، يساعد تلقي العلاج المناسب للاكتئاب على تخفيف أعراضه، سواء الخدر العاطفي أو غير ذلك.
أيضًا، يساعد تلقي المساعدة والدعم من مختصي الصحة النفسية على سد فجوة الخدر العاطفي وتقريب المريض من الإحساس بمشاعره أكثر.
أسئلة شائعة:
كيف يستطيع المرء تسكين الألم العاطفي؟
قد يكون التعامل مع الألم العاطفي أمرًا صعبًا، لكن يساعد الخوض في التجربة على التغلب عليه والشفاء منه. يستطيع مرضى الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة أو القلق تطوير مهارات التأقلم والتغلب على الألم العاطفي بمساعدة مختص الصحة النفسية.
قد تفيد الأدوية في علاج الأعراض الشديدة. ويُنصح المرء باللجوء إلى معالج نفسي إذا كان في حالة من الحداد والحزن.
اقرأ أيضًا:
ما الصحة العاطفية؟ وكيف يمكننا تحسينها؟
انعدام الشعور (الأليكسيثيميا)، كيف سيكون الوضع إن لم تختبر أي شعورٍ من قبل؟
ترجمة: رهف وقّاف
تدقيق: فاطمة جابر