قاس فريق من الباحثين كمية الطاقة بدقة على نطاق أصغر بتريليون مرة مما يقاس باستخدام الأدوات والأجهزة التقليدية، وهذا يعني أنه يمكن تقييم الإشعاع الميكروي أو الموجات الدقيقة بدقة أكبر في التجارب الخاصة بفيزياء الكم.
القدرة على قياس الطاقة أو الإشعاع عند مستويات ونطاقات منخفضة للغاية مفيدة لأبحاث العلماء الذين يبنون الأنظمة والتطبيقات المستندة إلى فيزياء الكم، هذه الأنظمة صغيرة الحجم على نحو لا يصدق وعادة ما تكون درجة حرارتها تميل للبرودة على نحو لا يصدق أيضًا، والآن يمكننا أخذ هذه القياسات بدقة أكبر بكثير.
على سبيل المثال، يمكن استخدام هذا النظام الجديد لإعداد ومعايرة الكيوبتات أو الجسيمات المتشابكة بطريقة أفضل، وهي جسيمات في مركز أجهزة الكمبيوتر الكمومية تحل محل البتات الكلاسيكية، للتأكد من أنها تعمل على النحو المنشود وأن القراءات التي تنتجها صحيحة.
يقول راسل ليك، وهو عالم كبير في شركة بلوفورس للتكنولوجيا الكمومية في فنلندا: «عادةً ما تقاس كمية الطاقة أو الإشعاع باستخدام أجهزة المستشعرات التجارية بمقدار واحد ميللي واط».
وأضاف أيضًا: «يقيس مقياس الإشعاع الحراري أو البولومتر (وهو جهاز يستخدم لقياس طاقة الأشعة الساقطة مثل الموجات الكهرومغناطيسية) الطاقة بدقة وموثوقية عند 1 فيمتو وات أو أقل، وهذه الطاقة أقل بتريليون مرة من الطاقة المستخدمة في المعايرة النموذجية للطاقة».
في التجارب الفيزيائية الكمومية، تقاس الطاقة أو الإشعاع باستخدام مقياس حرارة أو ترمومتر خاص يسمى بولومتر، وهو جهاز يتتبع درجة الحرارة بشريط صغير من المواد عادةً ما يكون معدنًا أو من أشباه الموصلات، تتغير مقاومته الكهربائية في أثناء امتصاصه للطاقة.
أضاف الباحثون جهاز تسخين يعمل بتيار وجهد معلومين في نظام القياس الجديد، وبمعرفة مقدار الحرارة التي وُضعت بدقة، اكتشف العلماء تحولات صغيرة جدًا في الطاقة ناتجة عن الموجات الدقيقة أو الإشعاع الميكروي الضعيفة جدًا.
أحد أهم الأسباب التي تجعل فيزياء الكم مليئة
بالتحديات الصعبة هو أن الأنظمة الكمومية هشة للغاية، ويمكن تجاوزها أو التدخل فيها بأصغر التغيرات التي يمكن أن تحدث، بما في ذلك الأدوات التي نستخدمها لمحاولة قياس مقاديرها، إذ إن إحدى هذه الطرق التي يمكن أن يساعد بها النهج الجديد الذي نسلكه هي اكتشاف تلك التغيرات.
يقول عالم فيزياء الكم ميكو موتونين من جامعة آلتو في فنلندا: «للحصول على نتائج دقيقة، يجب أن تكون خطوات القياس المستخدمة للتحكم في الكيوبتات أو الجسيمات المتشابكة في درجات حرارة منخفضة للغاية، خالية من أي فوتونات حرارية وإشعاع زائد».
وأضاف أيضًا: «الآن، باستخدام هذا البولومتر، يمكننا بالفعل قياس درجة حرارة الإشعاع هذه دون تدخل من دائرة عمل الكيوبت أو الجسيمات المتشابكة».
هذا الجهاز الجديد يعرف باسم نانوبولومتر، وأظهرت الاختبارات المبكرة على الموجات الدقيقة أو الميكروويف الضعيفة التي تمر عبر خط الإرسال الخاص بالتردد اللاسلكي أو الراديوي أن الجهاز يمكنه تسجيل التغيرات التي تحدث في كمية الطاقة بدقة.
يعتمد هذا العمل على الأبحاث السابقة الخاصة بإنشاء جهاز بولومتر قادر على قياس حالة طاقة الجسيمات المتشابكة أو الكيوبت، وهذه الطريقة قابلة للتطوير ولا تستخدم الكثير من الطاقة، مع إمكانية القضاء على أي تداخل محتمل للجسيمات المتشابكة أو للكيوبت.
يمكن استخدام أجهزة البولومتر في مجموعة متنوعة من السيناريوهات والتطبيقات، مثل أن تكون جزءًا من التلسكوبات أو المناظير الخاصة بمراقبة الفضاء العميق، ولكن إذا كان من الممكن استخدامها عمليًا على الكيوبتات أو الجسيمات المتشابكة، فهذا يعني أننا على بُعد خطوة أخرى أقرب لمعرفة وفهم أنظمة الحوسبة الكمومية على نحو أكبر.
تَحدّث راسل ليك قائلًا: «إن عمليات قياس الإشعاع الدقيق أو الميكروويف تكون في الاتصالات اللاسلكية أو الراديوية وتكنولوجيا الرادار والعديد من المجالات الأخرى».
وأضاف أيضًا: «كان لدى العلماء طرقهم الخاصة في إجراء قياسات دقيقة، ولكن لم تكن هناك طريقة لإجراء تلك العملية نفسها عند قياس إشارات الموجات الدقيقة أو الميكروويف الضعيفة جدًا المستخدمة في التكنولوجيا الكمومية».
وأكمل قائلًا: «البولومتر هو أداة تشخيصية متقدمة كانت مفقودةً من صندوق أدوات التكنولوجيا الكمومية المستخدمة في التطبيقات الخاصة بقياس الإشعاع أو الطاقة حتى آن أوان استخدامها الآن» .
نُشر هذا البحث في Review of Scientific Instruments.
اقرأ أيضًا:
تقنية جديدة في الفيزياء الكمية قد تساهم في تغيير طريقتنا في دراسة الكون
ما هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ؟
ترجمة: خالد عامر
تدقيق: حسام التهامي