هل تشعر باضطرابات في المعدة أو تعاني الغازات في أثناء الطيران؟ أنت لست وحدك!
يطلق الشخص العادي الغازات 12 – 15 مرة في اليوم، لكن على متن طائرة قد يشعر المسافر بأنه يطلق الغازات باستمرار، إضافةً إلى المشكلات المعوية الأخرى، ومع أن العلماء لم يستطيعوا بعد قياس التغيرات الهضمية الحاصلة وتقديرها بدقة، فإن الأبحاث التي أجريت على ارتفاعات عالية كشفت بعض ما يحدث في أثناء الطيران.
يتناقص الضغط الجوي مع زيادة الارتفاع، إذ تنخفض نسبة الأكسجين في الجو، ويؤدي انخفاض الضغط الجوي وانخفاض درجات الحرارة عند الارتفاعات العالية إلى تمدد الهواء، فتنتشر جزيئات الهواء مثل النيتروجين والمكونات الأخرى.
يقول هارفي هاميلتون ألين، طبيب أمراض الجهاز الهضمي: «نقص الأكسجة هو نقص إمداد أنسجة الجسم بالأكسجين، ما يؤدي إلى إبطاء نشاط الإنزيمات الهاضمة، ما قد يساهم في حدوث الاضطرابات المعوية، وتشير الأبحاث إلى تغيرات أخرى، بدءًا من اضطراب المعدة وصولًا إلى تغيرات أخطر مثل النزيف المعوي».
لحسن الحظ، السفر بالطائرة ليس مثل تسلق جبل إيفرست، البالغ ارتفاعه 29 ألف قدم. مع أن الطائرات التجارية تحلق على ارتفاع 31 ألف – 42 ألف قدم، فإنها تحتوي أنظمة للتحكم في ضغط المقصورة ليحاكي الضغط الجوي على ارتفاع ثمانية آلاف قدم.
يقول رودولف بيدفورد، طبيب أمراض الجهاز الهضمي: «مع ذلك، ما زال التغير في ضغط المقصورة يؤدي إلى تمدد الغاز في الأمعاء، مثل الاضطراب الذي يحدث في الأذن عند إقلاع الطائرة أو هبوطها، إذ تتشابه الأمعاء مع الأذن في احتوائها على تجاويف مملوءة بالهواء تتسع للتكيف مع التغيرات المفاجئة في الضغط».
يضيف ألين: «التغير في ضغط المقصورة، إضافةً إلى اهتزاز الطائرة وحركتها، قد يحد من إفراغ المعدة. إذ لا يمكن للطعام المهضوم أن ينتقل إلى الأمعاء الدقيقة، ما يعطل الهضم، ويزيد الشعور بالانتفاخ والغازات والغثيان».
طول رحلة الطيران عامل مهم في شدة حدوث الاضطرابات الهضمية، إذ لا تؤدي رحلة تستغرق ساعة واحدة من الطيران إلى الإزعاجات الهضمية التي تُحدثها رحلة طيران تستغرق 14 ساعة. وقد يضغط الجلوس لفترات طويلة في مقاعد ضيقة على البطن ويصعّب مرور الطعام.
حتى لو حافظ المسافر على وضعية جلوس صحية في أثناء الطيران، فإن الجلوس لفترات طويلة يصعب إطلاق الغازات التي تتمدد في الجهاز الهضمي.
يقول مختص أمراض الجهاز الهضمي نافين سورابانيني: «تتفاقم الأعراض الهضمية مثل الانتفاخ والإمساك لدى المسافر الذي يعاني حركة أمعاء بطيئة نوعًا ما، تتفاقم الأعراض أيضًا حال كانت المعدة تحتوي على أطعمة دسمة وتعرضت الطائرة لأي اضطراب، وتؤدي رحلات الطيران المضطربة إلى غثيان وتقيؤ للأشخاص المعرضين لدوار الحركة».
قد يكون الإجهاد سببًا في الإصابة بالغازات على متن الطائرة. أظهرت الأبحاث علاقة وثيقة بين الدماغ والأمعاء، فالأشخاص الذين يعانون القلق بسبب الطيران يفرزون هرمون الكورتيزول، ما يقلل من تدفق الدم والأكسجين إلى الجهاز الهضمي. يقول بيدفورد: «في حالة الأشخاص الذين يعانون القلق، فإن ركوب الطائرة والطيران لفترات طويلة يحفز أعراض الانتفاخ والتشنج والشعور باضطراب في المعدة».
يحذّر الأطباء من أن الطيران قد يفاقم الأعراض الهضمية المزعجة، حال كان المسافر يعاني حالة هضمية سابقة، مثل متلازمة القولون العصبي أو التهاب الأمعاء.
يقول بيدفورد: «قد يعاني الأشخاص المصابون بداء كرون -نوع من الالتهابات المعوية- من الإسهال، في حين يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة القولون العصبي -حالة غير التهابية تسبب عدم الراحة في البطن واضطراب الحركة المعوية- من الانتفاخ والإسهال أو الإمساك بشكل متكرر».
زيادة الأعراض لا تنتج عادةً من الرحلة ذاتها بل بسبب القلق من الطيران، قد تشتد الإصابة بمتلازمة القولون العصبي لدى العديد من الأشخاص بسبب القلق من الطيران والضغط الناتج من التأخير أو التغيرات غير المتوقعة في خطط السفر.
الخبر السار هنا هو إمكانية اتخاذ خطوات معينة لمنع حدوث الإزعاجات الهضمية في الرحلات القادمة.
يوصي مختصو الأمراض الهضمية بشرب الكثير من الماء، يقول ألين: «لا يشرب المسافر عادةً الكثير من الماء عند السفر، لذلك يُصاب بالجفاف».
يسبب الهواء الجاف وضغط الجو المنخفض في الرحلات الطويلة الجفاف، يوضّح سورابانيني: «قد يبطئ الجفاف المرتبط بانخفاض مستويات الرطوبة في المقصورة عملية الهضم ويزيد من سوء الإمساك وأعراض القولون العصبي الموجودة مسبقًا. لذلك من المهم إحضار زجاجة ماء قابلة لإعادة التعبئة على متن الطائرة».
من المهم تناول وجبة خفيفة قبل السفر، ويشمل ذلك البروتينات الخالية من الدهون والأطعمة الغنية بالألياف والدهون الصحية مثل السلمون، والزبادي اليوناني مع التوت.
يقول بيدفورد: «لا يُنصح المسافر بتناول الأطعمة المصنعة أو المالحة قبل ركوب الطائرة. ويُنصح بتناول الطعام قبل 30 دقيقة على الأقل من الرحلة، لأن تناول الطعام مبكرًا يساعد على هضم الطعام قبل الصعود على متن الطائرة».
فور الوصول على متن الطائرة، من الأفضل تجنب تناول النبيذ أو القهوة أو المشروبات الغازية التي قد تفاقم الاضطرابات المعدية. ينصح سورابانيني أيضًا بالحركة الآمنة سواء بالوقوف للتمدد أو المشي.
من الجيد استشارة الطبيب الذي قد يوصي ببعض العلاجات قبل الصعود إلى الطائرة، حال كان المسافر يعاني حالةً بالجهاز الهضمي أو كان متوترًا بشأن الرحلة القادمة. يقول بيدفورد: «من المتوقع الشعور ببعض الانزعاج المعوي بعد الهبوط، إنّها حالة مؤقتة وتزول خلال 24 – 48 ساعة».
يضيف بيدفورد: «من الأفضل إطلاق الغازات بدلًا من الاحتفاظ بها طوال الرحلة، حال كنت تعاني الغازات بدرجة أكبر من المعتاد».
اقرأ أيضًا:
مستقبل الطيران: طائرات بلا نوافذ
لماذا تثير شبكات الجيل الخامس مخاوف شركات الطيران؟
ترجمة: سنا أحمد
تدقيق: لين الشيخ عبيد