إن الشم لاختبار فساد الطعام أو سلامته، غير موثوق به دائمًا، وإليكم الأسباب.
يروي عالم ميكروبيولوجيا قصته عندما كان ينوي إخراج بعض شرائح الدجاج من الثلاجة لإعداد الطعام، وقد مزق أحد أفراد عائلته غلافها بطريقة سيئة وتركها مكشوفةً في الثلاجة عدة أيام. نظر العالم إلى لصاقة تاريخ الصلاحية وكانت شرائح الدجاج ما زالت ضمن التاريخ المحدد، لكنه شعر بالريبة حيال فسادها، ثم حاول اتباع الطريقة التقليدية وشم الدجاج جيدًا على أمل الحصول على بعض الأدلة على أن الدجاج ما يزال جيدًا أو أنه قد فسد.
يعلم جيدًا عالم الميكروبيولوجيا أن الميكروبات التي قد يقلق بشأنها ليس لها رائحة مميزة، ولن يستطيع معرفة فساد الطعام أو وجودها بواسطة الشم فقط.
لكن بالتأكيد تخلق بعض الميكروبات روائح عندما تنمو، فمنها ما ينتج رائحةً جميلة مثل رائحة الخميرة في الخبز الطازج أو المخبوز حدثيًا، وبعضها ينتج رائحةً مزعجة مثل التي تنتجها الميكروبات الموجودة في أمعائنا، التي نشتمها عند إطلاق الريح أو في رائحة الفم الكريهة.
تنتج هذه الغازات عندما تنمو المجموعات الميكروبية وتصبح وفيرة العدد، ويُستقلَب الكربون وغيره من العناصر إلى مصادر للطاقة أو إلى موارد لبناء الهياكل الخلوية. مع ذلك، فإن الميكروبات الشائعة التي تسبب الأمراض المنقولة بالغذاء مثل الليستيريا والسالمونيلا، ستكون شبه مستحيلة الكشف عبر شم الطعام فقط.
ولو كانت البكتيريا موجودة بكميات صغيرة في الطعام فلحسن الحظ خطورة الإصابة منخفضة نسبيًا، فإن أي نشاط استقلابي بكتيري ينتج الرائحة المميزة للبكتيريا الموجودة لن يكون محسوسًا لأنوفنا.
لا يمكن أيضًا تمييز الرائحة التي تنبعث من الطعام الفاسد الملوث بالليستيريا عن الروائح الطفيفة التي تنتجها الأنواع الميكروبية الأكثر وفرة منها، التي قد تكون على طعامنا لكنها لا تسبب أي مخاوف صحية.
يوجد احتمال ضئيل جدًا أن تكون الليستيريا موجودة في سمك السلمون المدخن الذي تشتريه من دكان ما في الساحل، لكن لا يمكن لحاسة الشم لدينا اكتشاف رائحة فساد الطعام الحاوي على الليستيريا بين روائح الملح والدخان اللذيذة المنبعثة من طبق السلمون.
بالعودة إلى إعداد شرائح الدجاج المثلجة، إن فرصة فساد الطماطم التي أُخرجت من دُرج الفاكهة والخضراوات وشم رائحة السالمونيلا منها فرصة ضئيلة جدًا، حتى لو كان لدينا قوى خارقة لشم رائحة السالمونيلا، وهو الشيء الذي لا نملكه بالأساس.
إذا كانت السالمونيلا موجودةً في حبات الطماطم فمن المحتمل أنها قادمة من الماء الملوث بالجرثومة التي سقيت به الطماطم في المزرعة في أثناء نموها، والسالمونيلا بالطبع موجودة داخل الطماطم وليست على سطحها، لذلك من المستحيل معرفة فساد الطعام.
يقول العالم أن زوجته لا تحب السمات العطرية لبعض الأطعمة المخمرة، مثل الكيمتشي وقد منعتها من دخول المنزل، لكنها بالتأكيد ليست فاسدة، ولنتذكر المساهمة الميكروبية في أجود أنواع الجبن فإن رائحتها من أهم مميزاتها. أما بالنسبة لأصناف الطعام الأخرى فما زال اكتشاف فساد بعضها ممكنًا مثل الفواكه الطازجة أو الخضار أو الحليب، لأن الميكروبات تتكاثر داخل الطعام الذي تُرك لفترة طويلة أو خُزن في ظروف سيئة.
قد يفيدنا شم الطعام لاختبار فساده في التخلص من الحليب الفاسد مثلًا، بدلًا من رمي الحليب الجيد وتجنب هدر الطعام. لذا علينا الاهتمام بأي روائح توحي بفساد الطعام، وأخذها بمثابة تحذير لاتباع طريقة تخزين أفضل لهذا النوع من الطعام مستقبلًا، أو شراء كمية أقل منه إذا لم نكن متأكدين من قدرتنا على إنهائه قبل تعرضه للفساد.
نعلم أن بعض الأمراض ناتجة عن أنواع بكتيرية مثل العطيفة الصائمية والأنواع التي ذكرناها سابقًا، لكن توجد أمراض كثيرة منقولة بالغذاء مجهولة المصدر حتى الآن.
يوجد تحسن في هذا الجانب، إذ ابتكر العلماء أدوات أكثر دقة من أنوفنا لاكتشاف العوامل الممرضة التي تنقلها الأغذية.
لذا، إن راودنا الشك حول فساد الطعام والخوف من الإصابة بالمرض، فالأفضل إنفاق طاقة الشك تلك في الحرص على تخزين الطعام في درجة الحرارة المناسبة وطهيها لفترة زمنية جيدة، بدلًا من الاعتماد على حاسة الشم خاصتنا لنفي فساد الطعام.
يجب أن لا نثق في أنوفنا حتى لمعرفة الفرق بين أنواع فاخرة من النبيذ الأحمر، فما بالك باستخدامها لكشف وجود العطيفة والسالمونيلا.
اقرأ أيضًا:
بعض الطرق المثبتة علميًا لمعرفة إذا ما انتهت صلاحية الطعام أم لا
ما هي المدة الآمنة حقًا للاحتفاظ بالأطعمة؟ الحقيقة حول تواريخ انتهاء الصلاحية
ترجمة: تيماء القلعاني
تدقيق: ميرڤت الضاهر