قد لا يكون تلسكوب جيمس ويب الفضائي وحيدًا تمامًا كما يبدو، في منزله الجديد بعيدًا عن الأرض.
الجيب الفضائي الذي يشغله التلسكوب ليس فراغًا تامًا، وحدث الآن ما كنا نخشاه، فقد اصطدم نيزك صغير بأحد مقاطع مرآة التلسكوب.
لكن لا داعي للذعر، فالمهندسون الذين بنوا التلسكوب، يدركون قسوة بيئة الفضاء، وقد صُمم تلسكوب جيمس ويب ليتحمل ذلك.
يقول المهندس والتقني بول غيثنر نائب مدير المشروع، من مركز جودارت لرحلات الفضاء التابع لناسا: «كنا نعلم دائمًا أنه يتعين على تلسكوب جيمس ويب أن يتغلب على بيئة الفضاء، بما تتضمنه من الأشعة فوق البنفسجية القوية وجسيمات مشحونة من الشمس، وأشعة كونية من مصادر غريبة في المجرة، وضربات عرضية من النيازك الصغيرة داخل نظامنا الشمسي».
تابع غيثنر: «لقد صممنا تلسكوب جيمس ويب وبنيناه بهامش أداء بصري حراري كهربائي ميكانيكي، لضمان قدرته على أداء مهمته العلمية الطموحة حتى بعد سنوات عديدة في الفضاء».
يحتل تلسكوب جيمس ويب منطقة تبعد 1.5 مليون كيلومتر عن الأرض، تُسمى L2.
تُعرف هذه النقطة باسم لاغرانج أو نقطة لاغرانج، حيث يتوازن التفاعل الناتج عن الجاذبية بين جسمين دائريين (الأرض والشمس في هذه الحالة) مع قوة الجاذبية المركزية للمدار، لإنشاء جيب ثابت يمكن أن تتوقف فيه الأجسام منخفضة الكتلة لتقليل استهلاك الوقود. هذا مفيد جدًا للعلم، لكن هذه المناطق يمكنها جمع أشياء أخرى أيضًا.
كوكب المشتري، على سبيل المثال، لديه أسراب من الكويكبات تشترك في مداره في نقطتين من نقاط لاغرانج التي يتقاسمها مع الشمس، وتحتوي الكواكب الأخرى أيضًا على كويكبات في نقاط لاغرانج، وإن كانت أقل من كوكب المشتري.
من غير الواضح تمامًا مقدار الغبار الذي جمعته منطقة L2، لكن سيكون من الحماقة أن نتوقع أن المنطقة لم تجمع أيًا منها على الإطلاق.
لذلك، صُمم تلسكوب جيمس ويب خصيصًا لتحمل القصف من جزيئات بحجم الغبار تنتقل بسرعات عالية للغاية. لم يتضمن تصميم ويب عمليات محاكاة فحسب، بل أجرى المهندسون اختبارات للتأثيرات المحتملة على عينات من المرآة لفهم ماهية تأثيرات بيئة الفضاء، ومحاولة التخفيف منها.
ربما تحرك التأثيرات مقاطع المرآة، لكن التلسكوب يحتوي على مستشعرات لقياس أوضاع المرآة وإعادة ضبطها لتصحيح أي تشوهات قد تنتج. تستطيع كذلك غرفة العمليات الموجودة على الأرض إرسال تعديلات إلى التلسكوب لإعادة وضع المرايا إلى المكان الذي يجب أن تكون فيه، ويمكن أيضًا إبعاد عدساتها عن زخات الشهب المحتملة والمعروفة مسبقًا.
بُني تلسكوب جيمس ويب بهوامش خطأ كبيرة، بحيث لا يؤدي التدهور الفيزيائي المتوقع بمرور الوقت إلى إنهاء المهمة مبكرًا.
قد يكون وضع تلسكوب جيمس ويب أفضل من حالة تلسكوب هابل، الذي تعرض في مدار أرضي منخفض، ليس فقط لتأثيرات النيازك الصغيرة، ولكن لقصف مستمر من الحطام الفضائي.
على عكس هابل، فإن المسافة إلى جيمس ويب تعني أن الفنيين لن يكونوا قادرين على زيارته وإجراء الإصلاحات، ولا يعني ذلك أن هابل قد تم زيارته مؤخرًا، إذ كانت آخر مهمة من هذا القبيل عام 2009، ولن تتكرر.
كانت النيازك الصغيرة التي ضربت جيمس ويب -ما بين 23 و 25 مايو- حدثًا عشوائيًا. ومع ذلك، كان التأثير أكبر من المتوقع، ما يعني أنه يمثل فرصة لفهم بيئة منطقة L2 فهمًا أفضل، ومحاولة إيجاد استراتيجيات لحماية التلسكوب في المستقبل.
يقول المسؤول عن المرايا والجزء البصري في تلسكوب جيمس ويب، لي فاينبيرج من مركز جودارت التابع لناسا: «مع تعرض مرايا ويب للبيئة الفضائية، توقعنا أن يؤدي اصطدام النيازك العرضية الصغيرة إلى تدهور أداء التلسكوب بمرور الوقت».
تابع فاينبيرج: «منذ الإطلاق، حدثت أربع ضربات صغيرة يمكن قياسها من نيازك دقيقة، التي كانت متوافقة مع التوقعات، لكن الضربات التي حدثت مؤخرًا أكبر مما توقعنا وقد يكون التدمير أكبر. سنستخدم بيانات الرحلة لنحلل الأداء تحليلًا أفضل بمرور الوقت، إضافة إلى تطوير المناهج التشغيلية لاستمرار أداء الكاميرات وضمان أفضل أداء بصري في التلسكوب لسنوات عديدة قادمة».
ما يزال من المقرر وصول أول صور بالألوان الكاملة والطيفية من جيمس ويب في الموعد المحدد، في 12 يوليو 2022، ونحن بانتظارها بفارغ الصبر.
اقرأ أيضًا:
مركبة ناسا «بيرسفيرنس» تبدأ البحث عن الحياة على سطح المريخ
ناسا وسبيس إكس ترسلان أول رحلة فضائية خاصة لزيارة محطة الفضاء الدولية
ترجمة: أحمد عضيم
تدقيق:باسل حميدي