يتعاون فريق من الفيزيائيين من جامعتَي أمستردام وستانفورد في دمج نظرية هندسة المنارات مع الإكسيتونات excitons المرتبطة كهروستاتيكيًا لتصميم وإنتاج أرق عدسة في العالم.
الإكسيتونات هي مواصفات للمادة الموجودة داخل أنصاف النواقل، وتُعد فئةً من المواد المستخدمة في العديد من الأجهزة التكنولوجية الحديثة مثل الطاقة الشمسية والهواتف الذكية.
بسماكة 0.6 نانو متر وبعرض نصف ملليمتر، يستخدم التصميم ثلاث ذرات فقط من مركَّب كيميائي خاص هو ثنائي كبريتيد التنغستن (WS2)، الذي تميزه خصائصه الكمومية بتفرد لتشكيل ألياف ذرية مشابهة لعدسة فرينل المسطحة Fresnel lens، وغالبًا ما يُستخدم في مصابيح المنارات.
اعتَمدت معظم العدسات لآلاف السنين على الشكل المحدب لكسر الشعاع الضوئي المار عبرها، ما يؤدي إلى تضخيم الأجسام.
عدسات فرينل لا تتطلب انحناءً من أيّ نوع، لكن بدلًا من ذلك، تستخدم عدسات مسطحة متحدة المركز لحرف مسار الضوء، بالإضافة إلى حجم الحلقات وعرضها اللذين يحددان البعد البؤري العام للعدسة.
غالبًا ما تُستخدم عدسات فرينل مع مصابيح المنارات الكلاسيكية، وذلك نظرًا لقدرتها على حرف الضوء عبر مسافات بعيدة.
وصف الفيزيائيون بالتفصيل عدسة فرينل الجديدة بمقياسها الذري في دراسة نُشرت الشهر الماضي في مجلة Nano Letters.
تُستمد شدة التركيز في هذا التصميم من التأثيرات الكمومية الفريدة لمركّب ثنائي كبريتيد التنغستن (WS2) الذي يسمح لها بامتصاص الضوء ثم إعادة توجيهه عبر أطوال موجية محددة.
لتحقيق هذه النتيجة، يأخذ مركَّب ثنائي كبريتيد التنغستن الضوء، بإطلاقه لإلكترون يصل لمستوى طاقة أعلى. نظرًا لأن المادة صغيرة، بينما الإلكترون سالب الشحنة والمساحة مشحونة بشحنة موجبة تتركها ورائها، تصبح المادة مرتبطة بألياف الذرات بواسطة الجذب الكهروستاتيكي.
تُعرف هذه الهياكل باسم الإكسيتونات excitons، وتبقى فترةً وجيزةً فقط قبل اندماج الإلكترون السالب مع الفتحة الموجبة، حيث ينبثق منها الضوء بكفاءة عالية خلال العملية.
بينما تتم هذه العملية في درجة حرارة المخبر، وجد علماء الفيزياء أنها فعالة خصوصًا في بيئات باردة خُفِّضَت حرارتها إلى 14- كلفن.
تمكن الباحثون في أثناء تجارب الفريق من استخدام مادتهم الرقيقة ذريًا ثنائية البعد لتركيز الضوء الأحمر على بعد 1 مم من العدسات.
ما يثير الإعجاب والدهشة هو حجمها الصغير بالمقارنة مع نظائرها وشبيهاتها التي كان يستخدمها الإنسان بالنظر إلى قطر العدسة الذي يبلغ 0.0000006 مم فقط.
لكن واحدة من أكثر ميزات التصميم الواعدة تكمن فيما يبدو أنه خلل، جزء صغير فقط من الضوء يركز على نقطة معينة، بينما يمر معظمها من خلال العدسة دون أن يتأثر.
يوضح الباحث المشارك في الدراسة جوريك فان دي جروب، في بيان مُرفق: «قد يصبح هذا في الواقع ميزة أساسية، يمكن استخدام العدسات في التطبيقات إذ لا ينبغي إزعاج الناظر من خلالها، ولكن يمكن استغلال جزء صغير من الضوء بهدف شمولية الرؤية البانوراما. وهذا ما يجعل تلك العدسات مثالية للمناظير القابلة للاستعمال مثل نظارات الواقع الافتراضي».
يخطط الباحثون لإنشاء واختبار تصاميم بصرية أكثر تعقيدًا ومتعددة الاستخدامات، إذ يمكنهم التحكم بها كهربائيًا، مع أنه من غير المتوقع أن تجد عدسات فرينل طريقها إلى نظارات آبل فيجن برو في المستقبل القريب.
اقرأ أيضًا:
اختراع عدسة ذاتية الإصلاح يمكنها إيقاف حوادث السيارات ذاتية القيادة
أعمدة الخلق كما لم نراها من قبل بعدسة تلسكوب جيمس ويب
ترجمة: سليمان عبد المنعم
تدقيق: ريم الجردي