مرض التصلب الجانبي الضموري حالة تنكسية عصبية تؤثر في قدرة الخلايا العصبية على التواصل مع العضلات، مسببة ضعفًا عضليًا يزداد سوءًا مع الوقت، وتتضمن أعراضه اضطرابات في الحركة والكلام والتنفس. يُعالَج بالأدوية والتأهيل الفيزيائي، من أجل التخفيف من الأعراض وإبطاء سير المرض.

تعريف التصلب الجانبي الضموري:

هو حالة تنكسية عصبية تؤثر في الخلايا العصبية –العصبونات- الموجودة في الدماغ والنخاع الشوكي، وتستهدف العصبونات المحركة التي تنظم الحركات العضلية الإرادية، مثل تلك التي تُستخدم في الكلام والمضع والحركة والتنفس.

تتواصل العصبونات مع العضلات لحثّها على الحركة، إذ يعيق التصلب الجانبي الضموري هذا الاتصال، فلا تصل الرسالة القادمة عبر الأعصاب بالكامل إلى العضلات، ما يؤدي إلى توقفها، ونتيجة لضعف الاتصال، لا ترسل العصبونات أي رسائل أخرى.

تسوء أعراض التصلب الجانبي الضموري بمرور الوقت. يشعر المريض بضعف عضلي وألم يؤثر في قدرته على المشي والإمساك بالأشياء والمضع والكلام.

يسبب التصلب الجانبي الضموري ضمورًا عضليًا تامًا في نهاية المطاف، ما قد يتداخل مع قدرة المريض على التنفس ويؤدي إلى نتائج مهددة للحياة.

لا يوجد علاج نهائي شافٍ للتصلب الجانبي الضموري، تركز العلاجات الحالية على التخفيف من الأعراض وإبطاء تقدم الحالة.

أنماط التصلب الجانبي الضموري:

يُشخَّص 5000 شخص سنويًا في الولايات المتحدة بالتصلب الجانبي الضموري، وله نمطان:

  •  مجهول السبب «تلقائي»: يشكل 90% من الحالات، ويظهر عشوائيًا دون سبب واضح، ولا يورث.
  •  عائلي: يشكل 10% من الحالات، تسببه طفرة جينية تُورَّث من أحد الوالدين البيولوجيين أو كليهما.

أعراض التصلب الجانبي الضموري:

تبدأ الأعراض طفيفة ثم تشتد بمرور الوقت، وتختلف سرعة تفاقم الأعراض بين شخص وآخر.

الأعراض الباكرة «الطفيفة»:

تؤثر في العضلات الهيكلية للأطراف واللسان، فتترافق مع صعوبة في القيام بالأنشطة الروتينية، وتؤثر في كل أنحاء الجسم بصرف النظر عن نقطة البدء، ومنها:

  •  الضعف العضلي.
  •  التقلصات العضلية المؤلمة.
  •  التشنجات العضلية والرعشة في الأطراف واللسان.
  •  صعوبة في الكلام.
  •  سيلان اللعاب.
  •  التعب.
  •  صعوبة البلع.
  •  تعابير عاطفية لا إرادية مثل الضحك أو البكاء.

الأعراض المتأخرة «الشديدة»:

يجب طلب الطوارئ والتواصل مع الطبيب فور ملاحظة أي من هذه الأعراض:

  •  زلة تنفسية أو صعوبة في التنفس.
  •  عدم القدرة على الوقوف أو المشي أو النهوض من السرير.
  •  فقدان الوزن وعدم القدرة على الحفاظ على وزن طبيعي.

أسباب التصلب الجانبي الضموري:

لا يعلم الباحثون حتى الآن السبب المباشر لهذا المرض، لكنهم يظنون أنه نتيجة لاجتماع هذه العوامل:

العوامل الجينية:

قد تسببه بعض التبدلات الجينية في جينات محددة، وتتوزع بنسبة 70% على الطفرات الوراثية العائلية، وبنسبة 5% إلى 10% على الطفرات التلقائية. اكتُشِف أكثر من 40 جين مرتبط بالتصلب الجانبي الضموري. من أكثر الجينات المتأثرة شيوعًا تلك التي تنظم عمل العصبونات مثل C9orf72 و SOD1 و TARDBP و FUS.

العوامل البيئية:

التعرض لعوامل سامة محددة مثل الرصاص أو الزئبق، أو الفيروسات أو حتى الإصابات الرضية، جميعها قد يساهم في الإصابة بالتصلب الجانبي الضموري.

عوامل خطر التصلب الجانبي الضموري:

  •  العمر: من الشائع أن يصاب الأشخاص بعمر 55 – 75 عامًا.
  •  العرق: من النادر إصابة العرق الأبيض بالتصلب الجانبي الضموري.
  •  الجنس: قبل عمر 55 عامًا، الرجال أكثر عرضةً للإصابة من النساء.
  •  المحاربون القدامى: يظن الباحثون أن لدى المحاربين القدامى خطورة أعلى للإصابة، لتعرضهم لعوامل بيئية مثل السموم والمبيدات الحشرية أو الرضوض الجسدية.

مضاعفات التصلب الجانبي الضموري:

يقلل التصلب الجانبي الضموري من متوسط العمر المتوقع مع ازدياد حدة الأعراض، وقد لا يتقبل بعض الأشخاص المشخصين بهذا المرض تلك الحقيقة الصادمة والمؤلمة، ما قد يؤدي إلى إصابتهم بالاكتئاب والقلق.

تشخيص التصلب الجانبي الضموري:

يعتمد الطبيب على الفحص السريري والفحص العصبي لتشخيص التصلب الجانبي الضموري.

ربما لا يوضع التشخيص النهائي مباشرة، فقد يطلب الطبيب عدة زيارات وفحوصات من قِبل مختصين آخرين، لدراسة درجة تأثير الأعراض في جسم المريض ووضع التشخيص بدقة، إذ يوجد الكثير من الحالات التي تمتلك أعراض مشابهة لأعراض التصلب الجانبي الضموري، من تلك الفحوص:

  •  فحوص الدم.
  •  فحوص البول.
  •  التخطيط العضلي الكهربائي: يقيس نشاط العضلات والأعصاب.
  •  دراسة قدرة الأعصاب على إرسال الإشارات الكهربائية.
  •  تصوير الدماغ والنخاع الشوكي بالرنين المغناطيسي.
  •  البزل القطني.
  •  خزعة عضلية أو عصبية.

تدبير التصلب الجانبي الضموري:

لا يوجد علاج من شأنه أن يعاكس ويصلح إصابة العصبونات، لكن هدف العلاج هو تأخير تطور الأعراض وتحسين جودة الحياة، وقد يحتاج الشخص إلى أكثر من نمط علاجي مختلف بسبب تقدم الحالة، وتشكل الرعاية الصحية الداعمة أفضل الوسائل التي تحقق راحة المريض وأمانه ملبيةً احتياجاته.

من الخيارات العلاجية للتصلب الجانبي الضموري:

العلاج الدوائي:

توجد أربعة أدوية مُعتمدة من وكالة الغذاء والدواء الأمريكية، لعلاج التصلب الجانبي الضموري وتأخير تطور الأذية العصبية وظهور الأعراض:

  •  Riluzole
  •  Edaravone
  •  Sodium phenylbutyrate/taurursodiol
  •  Tofersen

توجد أيضًا بعض الأدوية التي تُستخدم لتخفيف الأعراض، مثل أدوية التشنج العضلي، وأدوية تشنجات العضلات والصلابة، وأدوية فرط الإلعاب، والأدوية النفسية.

المعالجة التأهيلية الداعمة:

  •  العلاج الفيزيائي الجسدي: هدفه مساعدة المريض في المحافظة على قدرة عضلية كافية للقيام بأنشطته اليومية الأساسية بمفرده، بالقيام بتمارين بسيطة مثل المشي والسباحة.
  •  العلاج الوظيفي: هدفه تعليم المريض تقنيات وأساليب تساعده على الحركة، لا سيما حال حاجته إلى أجهزة داعمة مثل الكرسي المتحرك أو مساعد المشي أو الدعامات.
  •  العلاج الكلامي: هدفه تعليم المريض استراتيجيات البلع الآمن، ويساعد علاج التواصل في الحفاظ على قدرة المريض على التحدث أطول ما يمكن. ويعلم الخبراء المريض التواصل غير اللفظي إن لم يكن قادرًا على التواصل اللفظي.

العلاج الغذائي الداعم:

قد يواجه المرضى صعوبة في الحفاظ على وارد غذائي جيد من الطعام والسوائل في حالة التصلب الجانبي الضموري، بسبب مشكلات البلع، ما يؤدي إلى فقدان الوزن بسرعة ونقصان مخزون الفيتامينات والمعادن الداعمة للجسم.

ينصح مختصو التغذية بتجنب الأطعمة القاسية صعبة البلع واللجوء للأطعمة اللينة المحتوية على ما يكفي من السعرات والألياف والسوائل.

يحتاج المرضى في بعض الحالات إلى التغذية الأنبوبية للحصول على الغذاء الكافي. تقلل التغذية الأنبوبية من خطر الاختناق وذات الرئة الاستنشاقية.

الدعم التنفسي:

تزداد صعوبة التنفس مع تقدم مرض التصلب الجانبي الضموري، وقد يستفيد المرضى من التهوية الداعمة غير الباضعة، التي تتم عبر القناع الوجهي أو القنية الأنفية، فتجعل التنفس أسهل. قد تتطور الحالة فيصبح المريض بحاجة إلى التهوية الداعمة غير الباضعة أو التهوية الآلية.

تستخدم التهوية الآلية الفعالة جهازًا ينفخ الهواء عبر الرئتين ويفرغهما منه، ما يسهل عملية التنفس.

إنذار التصلب الجانبي الضموري:

الإنذار ضعيف بسبب تأثير الحالة على وظيفة العصبونات المحركة، ويعتمد الإنذار على سرعة تطور الإصابة العصبية، فلا علاج شاف يعاكس ويعالج الضرر الحاصل في العصبونات. يصف الطبيب الأدوية للتخفيف من سرعة تطور الأعراض.

تتأثر سرعة تطور المرض بمجموعة من العوامل حال عدم اتباع المريض للعلاج، منها العمر وصحة المريض ووزنه لحظة التشخيص وكيفية بدء الأعراض.

يبلغ معدل البقاء على قيد الحياة بعد تشخيص الإصابة بالتصلب الجانبي الضموري نحو ثلاث إلى خمس سنوات. يعيش تقريبًا 30% من المرضى خمس سنوات أو أكثر، ويعيش تقريبًا 10% إلى 20% من المرضى على الأقل عشر سنوات.

تُجرى حاليًا مجموعة من الدراسات السريرية والتجريبية للبحث عن علاج شاف للتصلب الجانبي الضموري.

متى يجب طلب المساعدة الطبية؟

يجب التواصل مع الطبيب فورًا حال ظهور هذه الأعراض:

  •  صعوبة القيام بالأنشطة اليومية.
  •  ازدياد أعراض المرض سوءًا.
  •  عدم القدرة على الحركة.
  •  ظهور اختلاطات دوائية.
  •  زلة تنفسية وقت الراحة.
  •  سعال ضعيف.
  •  صعوبة في التقشّع.
  •  زيادة إفراز اللعاب.
  •  عدم القدرة على الاستلقاء.
  •  عدوى رئوية متكررة.

اقرأ أيضًا:

علاج جديد لمرض التصلب الجانبي الضموري

كيف تجاوز ستيفن هوكنيغ أعوامه السبعين برفقة مرض التصلب الجانبي الضموري؟

ترجمة: حيان الحكيم

تدقيق: نور حمود

المصدر