من الجميل دائمًا معرفة أننا لسنا لوحدنا في رحلتنا، وإن كان رفاقنا غير حاضرين تمامًا معنا. هذا هو بالضبط حال أشباه الأقمار التابعة للأرض، فليست تماماً كأقمارٍ صناعية تابعة لكوكبنا. فمدارها حول الشمس يأخذها كذلك بمسارٍ حول الأرض. وهذا حال شبه القمر الجديد.
الجسيم المعروف باسم 2023 FW، صغير لا يتجاوز بالكثير حجم مبنى من 4 إلى 5 طوابق. يدور حولنا على بعد 26.9 مليون كيلومتر وسطيًا (16.7 مليون ميل) من كوكب الأرض، إلا أنَّه رغم ذلك لا يُعد قمرًا.
يُفسر اتّباع هذا الجسيم وأشباه الأقمار الأُخرى لهذا السلوك الغريب في مداراتهم بكونها في حالة رنين مداري بنسبة 1:1 مع الأرض. ما يعني أنَّ الوقت لكل دورة كاملة يكملها شبه القمر حول الشمس، ينهي فيه كذلك كوكبنا دورة حولها.
لكنَّها تتجاوز تمامًا مجال تأثير جاذبية الأرض المعروف وفق نطاق هيل – Hill Sphere الذي يمتد لمسافة تصل إلى 1.5 مليون كيلومتر (نحو المليون ميل).
يُنظَر لحركة أشباه الأقمار حول الأرض على أنّها وفق مصادفة بحتة، وليست نتيجة حفاظ الأرض عليها ضمن المدار.
في الواقع، أشباه الأقمار تأتي وتذهب، والجرم المعروف باسم 469219 Kamoʻoalewa المُكتشف في 2016 يُعد أكثر أشباه الأقمار استقرارًا. لربما كان هذا الجرم جزءًا من القمر، فقد دار حول الأرض لقرنٍ على أقل تقدير وسيستمر بهذا لعِدّة قرونٍ أُخرى.
تقترح الدراسة الأوليّة على الجسم 2023 FW للفلكي والصحافي الفرنسي آدريان كوفينت بأن هذا الاكتشاف الجديد قد يُقصي سجل Kamoʻoalewa المذكور آنفًا. ويُعتقد أنّه لربما كان موجودًا منذ العام 100 قبل الميلاد على أقل تقدير وسيستمر لفترات طويلة بعدها.
بحسب تصريح آدريان كوفينت لشبكة Sky and Telescope: «يبدو أنه شبه القمر الذي تبع كوكب الأرض لأطول مدة منذ تشكلها».
لا يشكل شبه القمر 2023 FW أي نوع من الخطر علينا برغم قربه من الأرض، فهو يحافظ على مسافة آمنة منا، وإن حدث أي تغيُر في هذا فسنعلم بذلك قبل عقودٍ من الزمن.
اقرأ أيضًا:
العلماء يؤكدون التركيب الداخلي للقمر
الأثر السلبي لأكبر قمر اصطناعي في تاريخ البشرية يقلق العلماء
ترجمة: صبا الحسين الحجي
تدقيق: يوسف صلاح صابوني