يفيد بحث جديد أنه في نظام نجمي بعيد، يدور نجم شبيه بالشمس حول جسم غير مرئي قد يكون أول مثال على “نجم بوزون” مكوّن من المادة المظلمة.
طالما اعتقد علماء الفلك أن النظام النجمي الغريب الذي رصده القمر الصناعي غايا التابع لوكالة الفضاء الأوروبية كان مجرد حالة بسيطة لنجم يدور حول ثقب أسود. لكن الآن، يُناقش عالما فلك هذا الادعاء، ووجدا أن الأدلة تشير إلى شيء غريب للغاية، ربما نوع لم يسبق له مثيل من النجوم؛ مصنوع من المادة المظلمة غير المرئية.
نُشر بحثهما الذي لم يخضع لمراجعة الأقران بعد، في 18 أبريل في أرشيف مسودات الأطروحات العلمية arXiv.
يتكون النظام نفسه من نجم شبيه بالشمس وشيء آخر. وكتلة النجم أقل بقليل من الشمس (0.93 كتلة شمسية) وله تقريبًا نفس الفيض الكيميائي لنجمنا.
مرافقه الغامض أكبر بكثير، كتله تناهز 11 مرة كتلة الشمس. يدور النجم حول مرافقه الغامض على مسافة 1.4 وحدة فلكية، وهي تقريبًا المسافة ذاتها بين المريخ والشمس، ويكمل مدارًا كاملًا كل 188 يومًا.
ماذا يمكن أن يكون هذا المرافق المظلم؟
أحد الاحتمالات هو أنه ثقب أسود. في حين أن هذه الفرضية تتناسب مع المشاهدات المدارية، لكنها تواجه بعض التحديات.
تتشكل الثقوب السوداء من موت النجوم الضخمة جدًا، ولكي تنشأ هذه الحالة، يجب أن يتشكل نجم شبيه بالشمس في صحبة أحد تلك الأجسام الغامضة. مع أن هذا السيناريو ليس مستحيلًا، فإنه يتطلب قدرًا غير اعتيادي من التوليف الدقيق لخلق التوافق، ولإبقاء هذين الجسمين في نظام ثابت ملايين السنين.
لذلك ربما يكون هذا المرافق المداري المظلم شيئًا أغرب، كما اقترح الباحثون في الدراسة الجديدة. ربما كان كتلة من جسيمات المادة المظلمة.
المادة المظلمة هي شكل غير مرئي من المادة وتشكل الغالبية العظمى من كتلة الكون. ما زلنا لا نملك فهمًا قويًا لماهيتها. تفترض معظم النماذج النظرية أن المادة المظلمة موزعة بانسيابية في كل مجرة، ولكن هناك نماذج تفترض أنها تتكتل على نفسها.
أحد هذه النماذج يفترض أن المادة المظلمة هي نوع جديد من البوزونات، وهي الجزيئات التي تحمل قوى الطبيعة. على سبيل المثال، الفوتون هو بوزون يحمل القوة الكهرومغناطيسية.
لكننا نعرف مجموعة محدودة من البوزونات في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات، ولا يوجد ما يمنع وجود أنواع أخرى كثيرة في الكون.
هذه الأنواع من البوزونات لن تحمل قوى، لكن الكون سيظل مشبعًا بها. والأهم من ذلك، أن لها القدرة على تكوين كتل كبيرة. قد تكون بعض هذه الكتل بحجم أنظمة نجمية بأكملها، لكن بعضها قد يكون أصغر بكثير. يمكن أن تكون أصغر كتل المادة المظلمة البوزونية صغيرة كالنجوم، وتحصل هذه الأجسام الافتراضية على اسم جديد: «النجوم البوزونية المظلمة».
ستكون النجوم البوزونية المظلمة غير مرئية تمامًا. لأن المادة المظلمة لا تتفاعل مع الجسيمات الأخرى ولا مع الضوء، ولم نتمكن من اكتشافها إلا من تأثير الجاذبية فيما يحيط بها، كما لو كان نجم عادي يدور حول نجم بوزوني مظلم.
أشار الباحثون إلى أن نموذجًا بسيطًا للمادة المظلمة البوزونية يمكن أن ينتج عددًا كافيًا من النجوم المظلمة لجعل بيانات القمر الصناعي غايا منطقية، وأن استبدال ثقب أسود مفترض بنجم مظلم يمكن أن يفسر جميع بيانات الرصد.
قد لا يبدو هذا الأمر في الواقع اكتشافًا لنجم من المادة المظلمة، لكن المؤلفين ما زالوا يتابعون بيانات الرصد. الأهم من ذلك أن هذا النظام الفريد يمنحنا فرصةً نادرة لدراسة سلوك الجاذبية القوية، واختبار نظرية آينشتاين للنسبية العامة لمعرفة ما إذا كانت ستصمد أم لا.
ثانيًا، إذا كان النجم البوزوني المظلم حقيقة، فإن هذا النظام هو بنية تجريبية مثالية. يمكننا أن نجرب بنماذجنا من النجوم المظلمة ونرى كيف يمكنها شرح الديناميكيات المدارية لهذا النظام واستخدام هذه المعلومات للحصول على لمحة عن الزوايا المظلمة للكون.
اقرأ أيضًا:
خريطة جديدة ضخمة للكون تُظهر أن آينشتاين كان على حق بشأن المادة المظلمة
قد توجد كواكب كاملة مصنوعة من المادة المظلمة. كيف نجدها؟
ترجمة: حنا مسيكه
تدقيق: جعفر الجزيري