صممت أحزمة الأمان بتصميمات بسيطة قبل أن تدفع المخاوف بشأن السلامة إلى ابتكار إصدار مكون من ثلاث نقاط وهو ما يعد أمرًا قياسيًا اليوم. كانت أحزمة الأمان بسيطة. الغرض الأساسي منها تجنب انقلاب السيارات على الطرقات الوعرة. وحتى ذلك الوقت لم يهتم الركاب والسائقين بالأحزمة.

تقول إيرين برين مديرة مشروع (Road Equity Alliance) في جامعة نيفادا، لاس فيغاس: «تجاهل الناس أحزمة الأمان القديمة إلى حد بعيد».

لكن مع تزايد عدد الأمريكيين الذين اشتروا وقادوا السيارات، أصبحت حوادث المرور أكثر شيوعًا، وبدأ القادة في المجتمع الطبي الدعوة إلى تحسين سلامة السيارات.

أشار طبيب الأعصاب الدكتور سي هانتر شيلدون في عدد 5 نوفمبر 1955 من مجلة الجمعية الطبية الأمريكية، إلى أن ما يقرب من 10% من مجموع السيارات على الطريق في العام السابق قد تعرضت لحادث. فإذا تعرضت لإصابة، فأن نسبة تعرضك لإصابة خطيرة تؤدي إلى إعاقة كاملة دائمة هي 1 لكل 15 شخصًا. ويقول شيلدون إن الأحزمة القابلة للسحب قد تنقذ الأرواح إذا ارتداها الناس.

ذلك هو التصميم الذي أصبح في النهاية النموذج الأولي لأحزمة الأمان التي لا تزال تُستخدم في السيارات اليوم، وذلك بحلول نهاية ذلك العقد، عام 1959.

الإصدارات الأولية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين:

لم تصنع أحزمة الأمان في بداية الأمر من أجل السيارات بل من أجل الطائرات. ابتكر المهندس الإنجليزي جورج كايلي حزام أمان في القرن التاسع عشر لاستخدامه على طائرته الشراعية أحادية الجناح، وهي طائرة مبكرة طارت في أواخر القرن التاسع عشر. وفر الحزام البسيط الأمان في مقاعدهم في أثناء الرحلات المضطربة والهبوط الصعب والإقلاع.

حصل إدوارد جيه كلاجون من نيويورك عام 1885، على أول براءة اختراع لنسخته الخاصة من حزام الأمان، الذي بدا مثل حزام تسلق في العصر الحديث.

صُنع الحزام من الجلد وشريط وكان طوله كاف للمرور حول خصر الشخص الذي يستخدمه، ومزود أحد أطرافه بمشبك يحكم المستخدم إغلاقه عند استخدام الحزام.

أمة السيارات: منتصف القرن العشرين:

ارتدى الطيارون خلال الحربين العالميتين أنظمة تقييد الحركة الموحدة. مع ذلك لم يكن الناس من خارج المجتمعات العسكرية والطيران مضطرين إلى ارتداء أحزمة الأمان إلى أن أصبحت السيارات متاحة على نطاق واسع. أصبحت السيارات معقولة التكلفة ومتاحة للأمريكيين عندما طور هنري فورد تقنيات الإنتاج الضخمة ووضع أسس موحدة لتصنيع قطع السيارات.

كانت شركة تصنيع السيارات (ناش موتورز) في ولاية ويسكونسن أول شركة تقدم أحزمة الأمان في سياراتها عام 1949. ومع ذلك لم تُعتمد أحزمة الأمان على نطاق واسع.

يقول برين: «إن تاريخ أحزمة الأمان مثير للاهتمام من حيث المقاومة التي واجهتها منذ أن قدمتها شركة ناش أول مرة عام 1948، لم تكن تلك الأحزمة شائعة، ولم يكن لها تصميم محدد لعقود».

مخاوف السلامة في السيارات:

عندما بدأت حوادث السير تزداد في منتصف الخمسينيات، أشار قادة القطاع الطبي مثل شيلدون إلى ضرورة ارتداء أحزمة الأمان للحفاظ على حياة الناس. كتب في مقالته عام 1955: «لا شك أن حزام الأمان في السيارات سيمنع العديد من الحوادث والوفيات إذا ارتداها الركاب، ويمكن للمرء على الأقل الاستفادة منها بربطها حتى تطوير تصميمات وسائل أمان متاحة للعامة».

أدى بحث شيلدون إلى اقتراح فكرة الوسائد الهوائية وأقفال الأبواب وقضبان التدحرج وأحزمة الأمان القابلة للسحب لتحسين سلامة الركاب.

استمرت الابتكارات عام 1955، إذ طلب المخترعان روجر جريسوولد وهيو دي هافن الحصول على براءة اختراع حزام للكتف والحضن. إذ يقيد الحزام كتفي الراكب وجذعه وخصره مثل أحزمة الأمان الحديثة، في حين كانت تُربط الأحزمة في المنتصف.

تقدم غلين شيرين بطلب للحصول على براءة اختراع عام 1958 لحزام شيرين للأمان، تميز هذا الحزام بحزامين أحدهما متصل بأرضية السيارة والآخر متصل بباب السيارة. صُمم الحزام لإبقاء أبواب السيارة مغلقة في أثناء الاصطدام، ما سيحافظ على سلامة هيكل المركبة ويقلل –حسب زعمه- من فرص الإصابة الكارثية.

حصل أهم تقدم عام 1959، عندما أدخل نيلز بوهلين الحزام المكون من ثلاث نقاط عندما كان يعمل كبير مهندسي السلامة في شركة فولفو، حيث طور هذا الحزام.

كان لدى بوهلين معرفة سابقة بمجال الطيران وصمم سابقًا مقاعد قاذفة للطائرات الحربية (ساب) في خمسينيات القرن الماضي، استخدمت نظام النقاط الأربع للثبات. كان حزام الأمان الذي طوره بوهلين سهل الاستخدام للسائقين لحماية كامل الجسم. فيكفي أن تثبته في نقطة عند الورك حتى يؤمن الحماية.

ظل التصميم الأساسي لحزام الأمان هو نفسه منذ اخترعه بوهلين رغم أن بعض التعديلات طرأت على بعض عناصره. فيؤمن هيكل الحزام الأمان للناس عن طريق تثبيت أقوى مناطق الجسم في المقاعد مثل الكتفين والوركين وعظم القص.

يقول توماس زيلر أستاذ التاريخ في جامعة ماريلاند: «إن أحزمة الأمان اليوم لها دور فعال في إنقاذ الأرواح وحماية الركاب»

زودت جميع سيارات فولفو بحزام الأمان المكون من ثلاث نقاط بعد اختراع بوهلين، وأتاحت شركة فولفو التصميم مجانًا لشركات تصنيع السيارات الأخرى. ومن 1968 فصاعدًا جُهزت جميع المركبات الأميركية بحزام الثلاث نقاط.

أقر الكونغرس القانون الوطني لسلامة المرور والسيارات لوضع معايير سلامة جديدة للسيارات وسلامة الطرق. عام 1984 أصبحت نيويورك أول ولاية تقر قانون حزام الأمان الإلزامي. وأعطى القانون المعروف باسم قانون التنفيذ الأساسي السلطات الحق في توقيف شخص ما وتغريمه لعدم ارتدائه حزام الأمان.

كان من الواضح أن أحزمة الأمان فعالة في منع الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث السيارات، رغم الاحتجاجات، وبحلول عام 1994 كان لدى جميع الولايات شكل من أشكال إلزامية الحزام عدا نيوهامبشاير. عام 2023 قدرت الإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرقات السريعة أن عدد الأميركيين الذين يرتدون حزام الأمان في المقاعد الأمامية يبلغ 91.9 %.

اقرأ أيضًا:

ثمان شفرات غيرت التاريخ

لم يكن البركان الكارثة الوحيدة التي دمرت بومبي!

ترجمة: أميمة الهلو

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر