ببساطة؟ لكن قد يبدو الواقع أعقد مما يبدو لمن يعيش هذا الوضع. فالخروج من علاقة مؤذية يشكل تحديًا نفسيًا وعاطفيًا تتخلله المخاوف والتعقيدات، وقد يحاول الشخص إنهاء العلاقة مرارًا وتكرارًا قبل أن ينجح أخيرًا في التحرر منها.

تتداخل في هذه المعضلة عوامل شتى، أبرزها الخوف، والاعتمادية، وأنماط السيطرة والتحكم. نستعرض فيما يلي الأسباب التي تجعل مغادرة علاقة مؤذية أمرًا بالغ الصعوبة، ونسعى لتقديم رؤية مفيدة لكل من يواجه هذا الموقف أو يعرف من يمر به.

الأسباب التي تعيق إنهاء العلاقة

 الأمل في تغيير الأوضاع:

قد يحتفظ الشخص بمشاعر مودة تجاه شريكه، ما يجعله يعلق آمالًا على تحسن العلاقة. وقد يتلقى وعودًا بالتغيير وفرصة جديدة. تمر العلاقات المؤذية عادةً بدورة تتخللها إساءة يعقبها ما يُعرف بشهر العسل حين يبدو كل شيء مثاليًا. لكن هذه المرحلة غالبًا خادعة؛ لأنها تمهد لدورة جديدة من الإساءة.

 المعاناة من صدمات الماضي:

بالنسبة لمن تعرضوا لصدمات نفسية طويلة الأمد أو إساءة متواصلة، قد يجدون أنفسهم في حالة من الجمود أو الانفصال عن الواقع. تتركهم هذه الاستجابة وكأنهم فاقدي الإحساس وغير قادرين على فهم ما يحدث حولهم، ما يضعف قدرتهم على التفاعل عندما يتعرضون للإساءة.

 التلاعب أو الإيهام:

قد يشعر الشخص بارتباك شديد، فيبدأ بالتشكيك في حقيقة ما يمر به، بل وحتى يتحول للتساؤل عما إذا كان هو المسؤول عن الإساءة التي يتعرض لها. في الوقت ذاته، قد يشعر بالعجز الكامل عن الاعتماد على ذاته، بعدما دفعه الشريك المسيء للشعور بانعدام القيمة وفقدان القوة، ما يعرقل استجماع ثقته بنفسه وشجاعته لمغادرة العلاقة.

 الإصابة بحالات صحية:

قد تنجم الإصابات أو الحالات الصحية التي يعاني منها الشخص عن الإساءة ذاتها، ما يُعيقه عن اتخاذ خطوة حاسمة نحو إنهاء العلاقة.

 الشعور بالعزلة:

يتعمد المسيئون على عزل شركائهم عن محيطهم الاجتماعي، من أصدقاء أو أفراد عائلة، ما يجعل الشخص يشعر وكأنه بلا مأوى أو سند يلجأ إليه. ويزداد الأمر تعقيدًا لدى غياب نظام دعم قوي يستطيع توفير المساندة اللازمة.

 وجود أطفال مشتركين:

يشكل وجود أطفال مشتركين عقبة كبيرة أمام قرار المغادرة، إذ قد يخشى الشخص تأثير هذا القرار في الأطفال وتفكك الأسرة وحرمانهم من أحد الوالدين. يصبح الموقف أصعب إذا كان الشريك المسيء والدًا طيبًا لكنه شريك سام. وقد يتفاقم الوضع أيضًا إذا هدد الشريك بأخذ الأطفال بعيدًا عن الطرف الآخر.

 الاعتماد المادي:

إذا افتقر الشخص إلى مصدر دخل ثابت أو مدخرات مالية، وكان يتحكم الشريك في الأموال والموارد المالية، يغدو اتخاذ قرار المغادرة أشبه بالمستحيل بسبب القيود المفروضة عليه.

 مواجهة التهديدات:

قد يلجأ الشريك المسيء إلى تهديدات صريحة بإلحاق الأذى بالشخص نفسه، أو بأفراد عائلته وأصدقائه، أو حتى بحيواناته الأليفة. هذه التهديدات تزيد من مخاوف الشخص من محاولة الهروب.

 الوجود تحت الخطر:

العلاقات المسيئة قد تصل إلى حد الخطر الحقيقي، فوفقًا للإحصائيات 20% من جرائم القتل يرتكبها شريك حميم. وتشير البيانات أيضًا إلى أن أكثر من نصف النساء اللواتي يُقتلن في الولايات المتحدة كن ضحايا لشركاء حميمين سابقين أو حاليين.

 عدم تمييز الإساءة:

قد يصعب على الشخص إدراك أنه ضحية إساءة، خاصة إذا نشأ في بيئة مماثلة أو عاش هذه الديناميكية فترات طويلة. في مثل هذه الحالات، إذا لم يكن قد اختبر علاقة صحية قائمة على الاحترام، قد لا يدرك أن تصرفات شريكه غير مقبولة، خاصة إذا كانت الإساءة عاطفية وليست جسدية أو جنسية.

 مواجهة ضغط المجتمع للبقاء معًا:

يضغط المجتمع في كثير من الأحيان على الأفراد للاستمرار في علاقاتهم بغض النظر عن الظروف، إذ تُعد حالات الطلاق وصمة اجتماعية، والانفصال فشلًا شخصيًا. هذا النوع من الضغط الاجتماعي يدفع الكثيرين إلى البقاء في علاقات مؤذية خوفًا من الحكم المجتمعي.

 عدم الرغبة في الاعتراف بالإساءة:

قد يشعر الضحية بالخوف أو الخجل من مشاركة تجربته مع الآخرين، خاصةً عندما يواجه المجتمع ميلًا إلى لوم الضحايا بدلًا من دعمهم. يصبح الاعتراف أعقد إذا كان المسيء شخصًا ذا مكانة اجتماعية مرموقة أو يتمتع بنفوذ كبير.

 المعاناة بسبب الصعوبات القانونية:

قد يُحبط الشخص أحيانًا عندما تميل السلطات إلى تصنيف الإساءة بوصفها خلافًا عائليًا عابرًا. وقد يواجه أيضًا تعقيدات قانونية إضافية، مثل شكاوى كيدية قدمها الشريك المسيء، أو مخاوف تتعلق بوضعه كمهاجر يخشى الترحيل.

اتخاذ قرار الرحيل

 إنه ليس خطأك:

غالبًا ما يلجأ الشريك المسيء إلى إقناع الضحية بأنه السبب في الوضع الحالي، ما يدفع الضحية للاعتقاد بأنه مسؤول عن إصلاح العلاقة. لكن يجب أن يتذكر الضحية أنه ليس مسؤولًا عن أفعال الآخر، وأن الإساءة ليست مبررة تحت أي ظرف.

 الإساءة ليست حبًا:

قد يحاول المسيء تصوير سلوكياته المسيئة كدليل على الحب أو الشغف، مثل الغيرة أو التحكم. لكن العلاقات الصحية تقوم على الاحترام والرعاية المتبادلة، وليس على السيطرة أو الإيذاء.

 غالبًا ما تتفاقم الإساءة:

إذا استمرت العلاقة، قد تتحول الإساءة العاطفية إلى إساءة جسدية تتفاقم بمرور الوقت. لذا، من الضروري اتخاذ خطوة المغادرة بأمان قبل أن تصل الأمور إلى مراحل أكثر خطورة.

 أنت لست مسؤولًا عن شريكك المسيء:

الشعور بالشفقة أو المسؤولية قد يدفع الضحية إلى البقاء مع الشريك المسيء، خاصة إذا ادعى الأخير عدم القدرة على الاستمرار بدونه. لكن المسيئين غالبًا ما يستغلون هذه المشاعر للتلاعب بضحاياهم. الأولوية يجب أن تكون دائمًا لسلامة الشخص ورفاهيته.

أفكار يجب أخذها بالحسبان

قد تكون المغادرة من علاقة مسيئة عملية معقدة وطويلة، وتتطلب وقتًا للتخطيط والتنفيذ. لذلك يعد وضع خطة أمان شاملة قبل اتخاذ أي خطوة أمرًا ضروريًا، خاصة لدى وجود خوف من انتقام الشريك المسيء.

بوسع المنظمات المحلية والملاجئ أن تقدم دعمًا كبيرًا وتساعد في ضمان الأمان في أثناء عملية المغادرة.

في النهاية، لا يجب أن يشعر الشخص بالذنب بسبب السعي إلى حياة أفضل بعيدًا عن الإساءة. فالحرية والسلامة حق أساسي لكل إنسان.

اقرأ أيضًا:

تألق ما بعد الانفصال: لماذا نشعر بالتحسن عندما تنتهي العلاقة؟

نصائح لبناء علاقة أقوى

ترجمة: أيهم عبد الحسين صالح

تدقيق: مؤمن محمد حلمي

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر