تحاول وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة التابعة للجيش الأمريكي -اختصارًا (DARPA)- تطوير هياكل ميكانيكية حيوية كبيرة في الفضاء، إذ أطلقت الوكالة -المعروفة بمشاريعها التنموية، الغريبة- نداءً لتطوير هياكل كبيرة تمكن زراعتها في الفضاء.
شرحت الوكالة: «نظرًا إلى التقدم الأخير في الهندسة الأيضية للنمو السريع، والكائنات الحية التي تتحمل الظروف القاسية ذات الخصائص الجديدة، وخصائص التجميع الذاتي البيولوجي للمواد القابلة للضبط، ومبادئ التصميم الميكانيكي الناشئة للأنظمة البيولوجية، فإن وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة مهتمة باستكشاف جدوى زراعة الهياكل البيولوجية ذات الحجم غير المسبوق في الجاذبية الصغرى».
«تتضمن بعض الأمثلة الهياكل التي يمكن تصنيعها وتجميعها بيولوجيًا، لكن قد يكون من غير الممكن إنتاجها بالطريقة التقليدية: أربطة المصعد الفضائي، وشبكات الأسلاك لإزالة الحطام المداري، وأجهزة قياس التداخل بمقياس الكيلومتر للعلوم الراديوية، وأجنحة جديدة ذاتية التجميع لمحطة فضائية تجارية لاستضافة حمولات إضافية، أو إنتاج مواد التصحيح عند الطلب للالتصاق وإصلاح أضرار النيازك الدقيقة».
توضح المنظمة أن ميزة إنشاء هذه الهياكل في الفضاء هي تقليل تكلفة إطلاقها إلى هناك بواسطة الصواريخ. مع أن آليات النمو البيولوجي من غير المرجح أن تكون ذات فائدة كبيرة بمفردها، وأنه توجد حاجة إلى مواد أكثر صلابة، فإنهم يعتقدون أن إنشاء مواد قوية التحمل يمكن تحقيقه بالجمع بين الهندسة الميكانيكية والبنيوية والبيولوجية.
وفقًا للوكالة، فإن التشبيه المناسب هو الخيمة: إذ تُشبّه المادة البنيوية بأعمدة الخيمة، وآليات النمو البيولوجي بغطائها. يمكن تشكيل الخيمة بطريقة معينة بواسطة الأعمدة الأساسية، وعند دمجها بالإلكترونيات المناسبة، تؤدي وظيفة معينة. القيمة الأساسية المقترحة لرحلات الفضاء ستكون نسبة مواتية بين كتلة وحجم المواد التقليدية -غير البيولوجية- مقابل المواد البيولوجية المزروعة في الموقع. يتطلب تعظيم هذه القيمة المقترحة الهندسة المشتركة بين البنيوية/ الميكانيكية والبيولوجية للوصول إلى هياكل مفيدة.
الفكرة التي تقترحها داربا غير واقعية حاليًا، إذ إن هندسة من هذا النوع ليست شيئًا يمكننا تحقيقه قريبًا. لطالما حلمنا بمشاريع مثل هذه، لكنها لم تقترب من النضج. اقتُرح المصعد الفضائي أول مرة عام 1975. ويتضمن ربط كابل طويل بالأرض، وربط الطرف الآخر بثقل موازن -قمر صناعي أو محطة فضائية- في مدار ثابت بالنسبة إلى الأرض، مع الحفاظ على توتر الكابل.
«الوضع الثابت للقمر الصناعي بالنسبة إلى الأرض يسمح بأكثر من مجرد إشارة كهرومغناطيسية تربطه بالأرض. إذا كان من الممكن إنشاء اتصال مادي بين الأرض والقمر الصناعي الثابت بالنسبة إليها، فسيسمح ذلك بالصعود الرأسي بواسطة كبسولات تعمل بالطاقة على هذا البرج المداري مباشرةً إلى مدار ثابت بالنسبة للأرض».
«ستكون هذه الكبسولات أكثر أمانًا من الصواريخ، ففي حالة انقطاع التيار الكهربائي، يمكن تثبيتها على البرج حتى إجراء الإصلاحات. تمكن استعادة الأقمار الصناعية بالسماح لها بالانزلاق عبر البرج إلى الأرض. ستسمح هذه الطريقة لإعادة الأقمار الصناعية إلى الأرض باستعادة طاقتها الزائدة التي تهدرها الآن الدروع الحرارية. قد يؤدي استخدام هذه الطاقة إلى خفض تكلفة إطلاق الأقمار الصناعية كثيرًا».
هذه المفاهيم ممتعة لكنها لا تزال ضمن نطاق الخيال العلمي. مع أن فكرة إنشاء شبكات ميكانيكية حيوية لجمع الحطام الفضائي فكرة رائعة، فإن ثم مشكلات أخرى يجب التغلب عليها إذ، تعتمد الحياة البيولوجية غالبًاعلى الجاذبية لتحديد الاتجاه.
التحكم المصطنع، خاصةً من دون الجاذبية، التي تعتمد عليها أكثر أشكال الحياة لتحديد الاتجاه، ما زال صعبًا. وإن أمكن التحكم في اتجاه النمو في ظل انعدام الجاذبية، فإن بيئة الفضاء لا تتوافق مع النشاط البيولوجي.
دعت داربا المشاركين إلى تقديم أفكار بشأن الهياكل التي يمكن صنعها، ومقترحات لتجارب إثبات المفهوم هنا على الأرض. في حين قد تكون هذه بداية لعصر جديد من الخيال العلمي للمصاعد الفضائية والتلسكوبات الراديوية الميكانيكية الحيوية العملاقة، فإننا لن نحبس أنفاسنا من الآن.
اقرأ أيضًا:
دراسة كبيرة تؤكد أن مجرة درب التبانة ليست عادية
ترجمة: محمد الشرقاوي
تدقيق: أكرم محيي الدين