استخدم العلماء تقنية جديدة لصنع الألماس في الضغط الجوي الطبيعي ودون الحاجة إلى جوهرة بادئة، ما قد يجعل نمو الأحجار الكريمة الثمينة أسهل في المختبر.
يتشكل الألماس الطبيعي في طبقة الوشاح الأرضي، وهي منطقة منصهرة مدفونة على بعد مئات الكيلومترات تحت سطح الأرض. تحدث هذه العملية تحت ضغوط هائلة تصل إلى عدة جيجاباسكال بدرجات حرارة مرتفعة تزيد عن 1500 درجة مئوية.
تُستخدم ظروف مشابهة في الطريقة الحالية لتصنيع 99% من جميع الألماس الصناعي. تُعرف هذه الطريقة بنمو الضغط العالي ودرجة الحرارة العالية (HPHT)، وتستخدم هذه الإعدادات القاسية لتحويل الكربون المذاب في المعادن السائلة مثل الحديد، إلى ألماس حول بذرة صغيرة أو ألماسة بادئة.
مع ذلك، فإن الضغوط العالية ودرجات الحرارة العالية يصعب إنتاجها والحفاظ عليها. إضافةً إلى ذلك، تؤثر المكونات المستخدمة على حجم الألماس، وإن الأكبر حجمًا منها تبلغ نحو سنتيمترًا مكعبًا واحدًا، أو بحجم حبة العنب البري. إلى جانب ذلك، يستغرق إنتاج هذه الأحجار الصغيرة وقتًا طويلًا من أسبوع إلى أسبوعين. أما الطريقة الأخرى، المسماة ترسيب البخار الكيميائي، فتتخلص من بعض متطلبات HPHT، مثل الضغوط العالية، لكن بعضها ما يزال موجودًا، مثل الحاجة إلى ألماسة بادئة.
تقضي التقنية الجديدة على بعض عيوب عمليتي التصنيع السابقتين. وقد نشر فريق بقيادة رودني روف -وهو كيميائي فيزيائي في معهد العلوم الأساسية في كوريا الجنوبية- نتائجه في 24 أبريل في مجلة نيتشر.
طريقة الصهر الألماسي:
كانت الطريقة الجديدة قيد التطوير فترةً طويلة، وقد قال روف لموقع Live Science عبر البريد الإلكتروني: «كنت أفكر في طرق جديدة لزراعة الألماس منذ أكثر من عقد، واعتقدت أنه يمكنُ تحقيق ذلك بطرق قد تكون غير متوقعة مقارنة مع التفكير التقليدي».
استخدم الباحثون في البداية الجاليوم المسخن كهربائيًا مع القليل من السيليكون في بوتقة من الجرافيت، قد يبدو الجاليوم عنصرًا غريبًا، لكنه اختير لأن دراسة سابقة غير مرتبطة أظهرت أنه قد يحفز تكوين الجرافين من الميثان. والجرافين كربون نقي مثل الألماس، لكنه يحتوي على الذرات في طبقة واحدة بدلًا من التوجيه الرباعي في الأحجار الكريمة.
وضع الباحثون البوتقة في غرفة تحافظ على الضغط الجوي على مستوى سطح البحر، حيث يمكن تمرير غاز الميثان المضغوط الغني بالكربون. صمم هذه الغرفة المؤلف المشارك وون كيونغ سيونغ من معهد العلوم الأساسية، وتبلغ سعتها 9 لترات حتى تُجهّز للتجارب في 15 دقيقة فقط، ما يسمح للفريق بإجراء تجارب بسرعة مع تركيبات مختلفة من المعادن والغازات.
اكتشف الباحثون من خلال هذه التجارب أن خليط الجاليوم والنيكل والحديد مع قليل من السيليكون كان الأمثل لتحفيز نمو الألماس. في الواقع، مع هذا الخليط، حصل الفريق على الألماس من قاعدة البوتقة بعد 15 دقيقة فقط. وفي غضون ساعتين ونصف تشكلت طبقة ألماس أكثر اكتمالًا. وأظهرت التحليلات الطيفية أن تلك الطبقة كانت نقية كثيرًا لكنها احتوت على بعض ذرات السيليكون.
ما تزال التفاصيل الدقيقة للآلية التي شكلت الألماس غامضةً إلى حد كبير، لكن الباحثين يعتقدون أن انخفاض درجة الحرارة يدفع الكربون من الميثان نحو مركز البوتقة، حيث يتجمع ليشكل الألماس. ودون السيليكون لا يتشكل الألماس، لذلك يعتقد الباحثون أنه قد يعمل كبذرة يتبلور الكربون حولها.
توجد العديد من التحديات والمشكلات في هذه الطريقة الجديدة، إحداها أن الألماس المزروع بهذه التقنية صغير جدًا، والأكبر حجمًا منه أصغر بمئات آلاف المرات من تلك المزروعة باستخدام HPHT، ما يجعلها صغيرة جدًا للاستخدام كجواهر.
الاستخدامات الأخرى المحتملة -على سبيل المثال في التطبيقات التكنولوجية مثل التلميع والحفر- للألماس المصنع بالتقنية الجديدة غير واضحة. مع ذلك قد تزيد هذه الطريقة من إنتاج الألماس لأنها تتضمن ضغطًا منخفضًا.
قال روف أيضًا: «هذه الطريقة قد تزيد إنتاج الألماس كثيرًا، وفي غضون عام أو عامين، قد يكون لدى العالم صورة أوضح للأشياء مثل التأثير التجاري المحتمل لهذه الطريقة».
اقرأ أيضًا:
نوع غريب من الألماس في نظامنا الشمسي مصدره الفضاء الخارجي!
صخرة مرصعة بالألماس تسبح خارج الأرض تثير حيرة المراقبين
ترجمة: حمداش رانية
تدقيق: تمام طعمة