يناقش أليسون آر موتري إطلاقه مكونات الدماغ العضوية في الفضاء الخارجي، وكيف تُثري الجاذبية الصغرى فهمنا لتطور الدماغ والأمراض. حطمت اهتمامات أليسون موتري البحثية حواجز المكان والزمان. يدرس موتري عضيات الدماغ من خلال مشاهد ساحرة من فيلم خيال علمي. ويقصد بعضيات الدماغ الأدمغة المصغرة المشتقة من الخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات التي تُعطي ذبذبات عصبية عفوية، أو بعبارة أخرى موجات دماغية بدائية.
على الرغم من أنها تحاكي تطور الدماغ البشري بشكل ملحوظ، فإن استخدامها نموذجًا لدراسة مرض ألزهايمر والخرف محدود بسبب تأخر ظهور هذه الاضطرابات.
وللتغلب على مشكلة انتظار عقود من الزمن حتى تنضج عضيات الدماغ بشكل كافٍ، أرسلها موتري في مهمات فضائية تابعة لوكالة ناسا لتجربة الجاذبية الصغرى. وحين تعود الخلايا إلى كوكب الأرض، ستتعرض للشيخوخة المتسارعة، ما يجعلها نماذج مثالية لاضطرابات الدماغ التي تظهر لاحقًا في الحياة.
تعمل أدمغة موتري الصغيرة التي تسافر عبر الفضاء على تعزيز فهم العلماء لكيفية تأثير الشيخوخة على الدماغ وتحويل المفاهيم المستقبلية إلى حقيقة.
ما الذي ألهمك باتخاذ قرارك بالتعاون مع وكالة ناسا؟
أليسون: بدأتُ البحث عن طرق لتسريع النضج العضوي للدماغ، ووجدت صُدفةً مؤلفات تشير إلى أن نشاط القسيمات الانتهائية البشرية قد تغير بعد التعرض للجاذبية الصغرى.
اعتقدت أن السفر إلى الفضاء يمكن أن يكون وسيلة مثيرة للاهتمام لشيخوخة الخلايا العضوية في الدماغ دون الحاجة إلى التلاعب بها وراثيًا أو دوائيًا.
ناقشت هذه الأفكار مع مجموعة من مهووسي الخيال العلمي من جامعة كاليفورنيا، سان دييغو. فقد طرحنا أسئلة مثل: إذا استعمرنا المريخ في المستقبل، فهل ستعمل أدمغة الأجنة البشرية بشكل طبيعي؟ وكيف سيتطور الدماغ البشري في الفضاء؟
بدا إرسال عضيات الدماغ البشري إلى المحطة الفضائية مشروعًا مثيرًا. استغرق الأمر ما يقارب عشر سنوات لتجسيد هذه الأفكار لأن وكالات التمويل لم تكن مهتمة في البداية. لا أملك أية خبرة في أبحاث الفضاء، لذلك كانت المهمة الأولى ممولة ذاتيًا. وعندما حققنا النتائج، تلقيت منحًا لبعثات لاحقة.
ما تحديات دراسة العضيات في الفضاء؟
أليسون: إننا نزرع العضيات ونحسّن بقاءها على قيد الحياة ضمن نظام مصمم بيولوجيًا بحجم صندوق الأحذية الذي سيحافظ عليها خلال المهمة الفضائية. إذ يحتوي هذا النظام المستقل على بطارية وحاضنة وآلية لاستبدال الوسائط وكاميرا ومجهر.
رواد الفضاء لا يحتفظون بالعضويات، بل يقومون فقط بتوصيل النظام بخزان طاقة، وفي نهاية المهمة يقومون بإزالته ووضعه مرة أخرى في الكبسولة، ونحن نلتقطه.
أنشأنا ضوابط متزامنة على الأرض لتكرار ظروف رحلة الفضاء، على سبيل هز الصناديق لمحاكاة الاضطراب على متن الصاروخ. واستخدمنا محاكاة الجاذبية الصغرى كعنصر تحكم، ولكن لا يمكننا إعادة إنشاء جاذبية صغيرة باستمرار لمدة 30 يومًا. لأنه من المستحيل تكرار ظروف الفضاء على كوكب الأرض، حتى مع تقنيات المفاعلات الحيوية أو أجهزة الطرد المركزي أو أجهزة المحاكاة الأخرى.
يمكنك الاقتراب منه، لكن الأمر ليس بهذه البساطة! لأننا أيضًا نزرع عدة دفعات من العضيات بالتوازي لتدارك التغييرات المحتملة في اللحظة الأخيرة لجدول إطلاق الصاروخ.
ما آفاق هذا العمل؟
أليسون: هذا العمل هو تغيير محتمل للعبة نمذجة الأمراض التنكسية العصبية التي تظهر في وقت متأخر، مثل مرض ألزهايمر.
وفي غمار الحديث عن الشيخوخة الخلوية، نقدر أن شهرًا واحدًا على المحطة الفضائية يعادل ما بين عشرة إلى ثلاثين عامًا على كوكب الأرض. فإذا تمكنا من زراعة عضيات في الفضاء لمدة ستة أشهر ثم درسناها لمعرفة مدى تأثرها بمرض الزهايمر، فقد نتمكن من ملاحظة وجود علامات المرض مثل اللويحات والتشابكات، واستخدام العضيات لفحص الأدوية.
قد تكون فكرة استخدام المحطة الفضائية كحاضنة للشيخوخة خطوة سباقة وتحوُّلية.
ما الاعتبارات الأخلاقية للتعامل مع عضيات الدماغ؟
كل ما يخص هذا الأمر جديد. تعد الاعتبارات الأخلاقية منطقة رمادية الآن ومن المرجح أن تتطور لتشمل مدونة رسمية للسلوك الأخلاقي، إذ إننا نزيد بسرعة تعقيد عضيات الدماغ.
يقوم الباحثون الآن بتوسيع الأوعية الدموية في العضيات لتنمو أكبر وتعطي المزيد من الذبذبات العصبية. ويربطون أيضًا شبكية العين بهم، ليتمكنوا من البدء في تلقي المدخلات المرئية.
أثناء قيامنا بهذه الأشياء، فإننا نقترب أكثر فأكثر من محاكاة الدماغ البشري، وفي هذه الحالة يصبح السؤال المركزي: هل وصلت عضيات الدماغ إلى مرحلة من الوعي فتكون مدركةً لذاتها؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هي حالتها الأخلاقية؟
اقرأ أيضًا:
الأدمغة المصغرة المصنوعة في المختبر تنمي مجموعتها الخاصة من العيون
لدراسة طفرة مرتبطة بالفصام، أنشأ العلماء نموذجًا للدماغ مستخدمين الخلايا الجذعية!
ترجمة: سميرة غزولين
تدقيق: بدور مارديني