تؤثر كل من فاكهة الجريب فروت وعصيرها في عدد من الأدوية التي تدخل المجرى الدموي، فما سبب ذلك؟
قد تثبط بعض المواد الموجودة في الجريب فروت فعالية إنزيمات ونواقل معينة، ما يؤثر بدوره في الكمية الممتصة من الأدوية إلى مجرى الدم.
الجريب فروت فاكهة مفيدة للغاية، كونها مصدرًا مهمًا للألياف، وفيتاميني (أ) و(سي) والبوتاسيوم ومضادات الأكسدة. مع ذلك توجد بعض الحالات التي ينبغي تجنب تناول الحمضيات فيها. قد يؤدي تناول الأدوية المعتادة ثم تناول حبة جريب فروت أو شرب عصيرها إلى أعراض جانبية خطيرة، أو تقليل فعالية الدواء المتناول.
إذن لماذا تتداخل فاكهة الجريب فروت مع بعض الأدوية؟ وما الأدوية التي يجب عدم تناولها مع الجريب فروت؟
أوضح باتريك ماكدونل، أستاذ الصيدلة السريرية في كلية الصيدلة جامعة تيمبل في بنسلفانيا، أن السبب الرئيس للتداخلات الدوائية التي تسببها فاكهة الجريب فروت هو احتوائها على مجموعة من المواد الكيميائية تُسمى مركبات الفورانوكومارين. قد تتداخل مركبات الفورانوكومارين مع بعض الجزيئات والإنزيمات، وهي بروتينات تسبب تفاعلات كيميائية في الأمعاء الدقيقة وتؤثر فيها.
لهذه الجزيئات والإنزيمات دور أساسي في تجزئة الأدوية ونقلها إلى مجرى الدم، في حين تسبب مركبات الفورانوكومارين التخلص من هذه الجزيئات. قد تعزز مركبات الفورانوكومارين أحيانًا فعالية الجرعة الدوائية، ما يؤدي إلى حدوث آثار و اختلاطات خطيرة غير مقصودة.
تتفكك الأدوية بعد ابتلاعها وتُستقبل بمساعدة الإنزيمات في الأمعاء الدقيقة. من الإنزيمات الضرورية، السيتوكروم (P450 3A4)، أو (CYP3A4) اختصارًا. قد تثبط مركبات الفورانوكومارين الناتجة من تفكك الجريب فروت في الجسم فعالية إنزيم (CYP3A4). يؤدي ذلك إلى دخول كمية أكبر من الدواء إلى مجرى الدم وبقائها مدة أطول في الجسم، عوضًا عن تفكيك الإنزيمات له كالمعتاد، ما يسبب أعراضًا جانبية غير مرغوبة.
تحدث التداخلات عند تناول بعض أنواع أدوية ضغط الدم مثل نيفيديبين. تعمل الأدوية المذكورة على تخفيض ضغط الدم بتوسيع الأوعية الدموية، إلا أن تناول فاكهة الجريب فروت بعد تناول الدواء قد يزيد من كميات الدواء في مجرى الدم ما يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم بشدة. أضاف ماكدونل: «قد يسبب ذلك أيضًا تباطؤ ضربات القلب».
لا تزيد فاكهة الجريب فروت مع ذلك من تأثير جميع الأدوية التي تتداخل معها، بل قد تؤدي في بعض الحالات إلى تقليل تأثيرات الأدوية التي تدخل مجرى الدم.
ينطبق ذلك على دواء الحساسية فيكسوفينادين. تدخل الأدوية الشبيهة بدواء الفيكسوفينادين إلى الخلايا بمساعدة بروتينات تُسمى النواقل، وظيفتها نقل البروتينات من أحد طرفي غشاء الخلية إلى الطرف الآخر. تساعد بعض هذه النواقل على إدخال الدواء من الأمعاء الدقيقة إلى مجرى الدم. تثبط مركبات الفورانوكومارين الموجودة في الجريب فروت فعالية هذه النواقل، ما يؤدي إلى نقص كمية الدواء التي تنتقل إلى مجرى الدم.
أوضحت إدارة الغذاء والدواء أن تأثيرات هذه المركبات في الأدوية تعتمد على كمية الفاكهة أو العصير المستهلكة، إضافةً إلى نوع الدواء المتناوَل، ما قد يجعل التداخلات والمضاعفات الناتجة خطيرة.
قال ماكدونل: «قد يُغيّر تناول حبة واحدة من الجريب فروت، أو شرب كوب من عصيره طريقة تعامل الجسم مع الأدوية، خاصةً تلك التي يعتمد تفككها على إنزيم CYP3A4».
وأضاف: «قد يتداخل عدد من الفواكه الأخرى مع الأدوية في الجسم، لكن لا يسبب أي منها التأثيرات والمضاعفات الخطيرة ذاتها الناجمة عن الجريب فروت. قد يعود ذلك إلى احتواء الجريب فروت على تركيزات عالية من مركبات الفورانوكومارين مقارنةً بغيره من الفواكه».
تؤكد كلية الطب جامعة هارفارد أهمية تناول الفواكه الأخرى التي تحتوي على مركبات الفورانوكومارين، مثل النارنج والطنجال والبوملي، بحذر شديد.
لا تقتصر المضاعفات والتداخلات الخطيرة على الفواكه التي تحوي الفورانوكومارين، بل يسبب حمض الستريك أيضًا تأثيرات غير مرغوبة. تتداخل أدوية هشاشة العظام، مثل الأليندرونيت مع عصائر الفاكهة الحمضية مثل البرتقال والجريب فروت. أوضح ماكدونل أن تناول تلك الأدوية مع الفاكهة التي تحوي حمض الستريك في الوقت ذاته، قد تقلل امتصاص الدواء في الجسم.
ينبغي إدراج خطورة حدوث تداخلات بين الأدوية المتاحة دون وصفة طبية وفاكهة الجريب فروت وغيرها من الأطعمة في نشرة تعليمات المريض. أصدرت كلية الطب جامعة هارفارد قائمة تحوي أسماء الأدوية التي تتداخل مع الجريب فروت، وقائمة لبعض الأدوية البديلة الآمنة للاستعمال. تنصح إدارة الغذاء والدوائية باستشارة الطبيب أو الصيدلاني لمعرفة هل يتداخل الجريب فروت مع الدواء أم لا.
اقرأ أيضًا:
أكثر الأدوية المسكنة للألم شيوعًا في العالم قد يكون لها آثار جانبية خطيرة
الأدوية المضادة للاكتئاب الجديدة تعيد قدرة الجسم على مكافحة السرطان
ترجمة: رهف وقاف
تدقيق: بسام موسى
