سجّل البشر الزلازل منذ أكثر من 4000 سنة، حدث أسوأها في 23 يناير 1556 في الصين، إذ هز الزلزال مقاطعتي شنشي وجارتها شانشي، موديًا بحياة 830 ألف شخص. في السجلات التاريخية يُشار عادةً إلى هذا الزلزال باسم زلزال جيا جينغ العظيم، إذ حدث في فترة حكم الإمبراطور جيا جينغ من سلالة مينج. حصيلة الموتى التقريبية مصدرها سجلات محلية تتبعت 26 زلزالًا آخر في المنطقة. اختلف وصف زلزال جيا جينغ اختلافا واضحًا عن الزلازل الأخرى، إذ وصفت السجلات تصدع الجبال وفيضانات وحرائق استمرت أيامًا، وفقدان نحو 60 % من سكان المقاطعات المتضررة.
قد لا تكون التقديرات دقيقة، لكن زلزال جيا جينغ يُعد الأسوأ في التاريخ، نظرًا إلى حصيلة القتلى التي تجاوزت أي كارثة أخرى. الأقرب لزلزال جيا جينغ من حيث عدد الضحايا، كارثة تسونامي في المحيط الهندي سنة 2004، إذ قُدر عدد القتلى بـ 230 ألف شخص في إندونيسيا وتايلاند وسريلانكا والهند.
بعد تطور مقياس ريختر في الثلاثينيات، قدّر العلماء قوة زلزال شانشي بين 8.0 و8.3 درجات، ما يعني أنه لم يكن أشد زلزال حدث على الإطلاق مع أنه كان الأكثر ضررًا. وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، كان أقوى الزلازل زلزال فالديفيا الذي ضرب تشيلي عام 1960 وبلغت شدته 9.5 درجات، وسبّب تشكل أمواج تسونامي، أودت بحياة نحو 5700 شخص، في حين بلغت شدة تسونامي المحيط الهندي عام 2004: 9.3 درجة.
لكن لماذا كان زلزال جيا جينغ الأسوأ مع أنه ليس الأقوى؟ يعود هذا غالبًا إلى التجمعات السكانية المكتظة والأبنية الحجرية سيئة البناء. وفقًا للسجلات المحلية، فإن سكان مقاطعتي شانشي وشنشي وضعوا الكارثة السابقة في الحسبان، فأنشؤوا أبنية تخفف من تأثير الزلازل في المستقبل. فبعدما أطاح الزلزال بالأبنية الحجرية السابقة، أُعيد البناء بمواد أخف مثل الخيزران والخشب، وهي أكثر مقاومة للزلازل وأقل ضررًا عند السقوط.
كتب العلّامة تشين كيدا إرشادات السلامة لاتباعها حال وقوع كوارث أخرى، قال: «إذا كنت داخل بيتك، لا تخرج فور وقوع الكارثة، بل اربض وتحين الفرصة. يظل بعض البيض سليمًا حتى لو انهار العش».
ثبتت صحة نصيحة تشين كيدا، إذ تطابقت مع نصائح هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، إذ تذكر الهيئة في موقعها المتخصص عن الزلازل أنه يجب عدم الخروج من الأبنية حال وقوع زلزال، نظرًا إلى خطورة الوجود قرب الأبواب، ولأن الجدران توفر الحماية من الحطام المتطاير بالخارج.
اقرأ أيضًا:
لمحة تاريخية عن الإله الروماني نيبتون
ترجمة: رغد جيوسي
تدقيق: أكرم محيي الدين